باب ما يحصل به الإقرار وما يغيره .
من ادعى عليه بألف فقال : نعم أو صدقت أو : أنا مقر أو : خذها أو : اتزنها أو اقبضها : فقد أقر لأن هذه الألفاظ تدل على تصديق المدعي وتنصرف إلى الدعوى لوقوعها عقبها .
لا إن قال : أنا أقر فليس إقرارا بل وعد .
أو : لا أنكر لأنه لا يلزم من عدم الإنكار الإقرار لأن بينهما قسما آخر وهو السكوت ولأنه يحتمل : لا أنكر بطلان دعواك .
أو : خذ لاحتمال أن يكون مراده خذ الجواب مني .
أو : اتزن أو : افتح كمك لاحتمال أن يكون لشئ غير المدعى به أو : اتزن من غيري أو : افتح كمك للطمع .
و : بلى في جواب : أليس لي عليك كذا ؟ إقرار بلا خلاف لأن نفي النفي إثبات .
لا : نعم إلا من عامي فيكون إقرارا كقوله : عشرة غير درهم - بضم الراء - : يلزمه تسعة لأن ذلك لا يعرفه إلا الحذاق من أهل العربية وفي حديث عمرو بن عبسة [ فدخلت عليه فقلت : يا رسول الله : أتعرفني ؟ فقال : نعم أنت الذى لقيتني بمكة قال : فقلت : بلى ] قال في شرح مسلم : فيه صحة الجواب ببلى وإن لم يكن قبلها نفي وصحة الإقرار بها قال : وهو الصحيح من مذهبنا أي : مذهب الشافعية .
وإن قال : اقض دين عليك ألفا أو : هل لي : أو لي عليك ألف ؟ فقال : نعم فقد أقر له لأن نعم صريحة في تصديقه .
أو قال : أمهلني يوما أو حتى أفتح الصندوق فقد أقر لأن طلب المهلة يقتضي أن يالحق عليه .
أو قال : له علي ألف إن شاء الله فقد أقر له به نص عليه .
أو : إلا أن يشاء الله فقد أقر له به لأنه علق رفع الإقرار على أمر لا يعلمه فلا يرتفع .
أو قال : له علي ألف لا تلزمني إلا أن يشاء .
زيد : فقد أقر له بالألف لما تقدم .
وإن علق بشرط لم يصح سواء قدم الشرط كـ : إن شاء زيد فله علي دينار أو : إن قدم زيد فلعمرو علي كذا لأنه لم يثبت على نفسه شيئا في الحال وإنما علق ثبوته على شرط والإقرار إخبار سابق فلا يتعلق بشرط مستقبل بخلاف تعليقه على مشيئة الله D : فإنها تذكر في الكلام تبركا وتفويضا إلى الله تعالى كقوله تعالى : { لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين } [ الفتح : 27 ] وقد علم الله أنهم سيدخلونه بلا شك وقال القاضي : يكون إقرارا صحيحا لأن الحق الثابن في الحال لا يقف على شرط مستقبل فسقط الإستثناء قاله في الكافي .
أو أخوه كـ : له علي دينار إن شاء زيد أو : قدم الحاج أو : جاء المطر : فلا يصح الإقرار لما بين الإخبار والتعليق على شرط مستقبل من التنافي .
إلا إذا قال : إذا جاء وقت كذا فله علي دينار : فيلزمه فى الحال .
لأنه بدأ بالإقرار فعمل به وقوله : إذا جاء وقت كذا يحتمل أنه أراد المحل : فلا يبطل الإقرار بأمر محتمل .
فإن فسره بأجل أو وصية : قبل بيمينه لأن ذلك لا يعلم إلا منه ويحتمله لفظه وقال في الكافي : وإن قال : له علي ألف إذا جاء رأس الشهر : كان مقرا لأنه بدأ بالإقرار وبين بالثاني المحل وإن قال : إذا جاء رأس الشهر فله علي ألف : فليس بإقرار لأنه بدأ بالشرط وزخبر أن الوجوب إنما يوجد عند رأس الشهر والإقرار لا يتعلق على شرط انتهى .
ومن ادعى عليه بدينار فقال : إن شهد به زيد فهو صادق : لم يكن مقرا لأن ذلك وعد بتصديقه له في شهادته لا تصديق