كتاب الديات .
أجمعوا على وجوب الدية في الجملة لقوله تعالى : { ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا } [ النساء : 92 ] وحديث النسائي ومالك في الموطأ [ أنه A كتب لعمرو بن حزم كتابا إلى أهل اليمن فيه : الفرائض والسنن والديات وقال فيه : وفي النفس مائة من الإبل ] قال ابن عبد البر : وهو كتاب مشهور عند أهل السير وهو معروف عند أهل العلم معرفة يستغنى بها عن الإسناد لأنه أشبه المتواتر في مجيئه في أحاديث كثيرة .
من أتلف إنسانا أو جزءا منه بمباشرة أو سبب : إن كان عمدا فالدية في ماله وإن كان غير عمد فعلى عاقلته قال في الشرح : أجمعوا على أن دية العمد في مال القاتل وإن كان شبه عمد أو خطإ أو ما جرى مجراه فعلى العاقلة انتهى وقال ابن المنذر : أجمع من نحفظ عنه من أهل العلم أن دية الخطإ على العاقلة وعن أبي هريرة [ اقتتلت امرأتان من هذيل فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها فقضى رسول الله A بدية المرأة على عاقلتها ] متفق عليه .
ومن حفر تعديا بئرا قصيرة فعمقها آخر : فضمان تالف بسقوطه فيها .
بينهما لحصول السبب منهما .
وإن وضع ثالث سكينا فوقع فيها شخص على السكين فمات .
فـ على عواقل الثلاثة الدية .
أثلاثا نص عليه لأنهم تسببوا في قتله .
وإن وضع واحد حجرا تعديا فعثر فيه إنسان فوقع في البئر : فالضمان على واضع الحجر كالدافع لأنه مباشرة ولأن الحافر لم يقصد بذلك القتل المعين عادة .
وإن تجاذب حران مكلفان حبلا فانقطع فسقطا ميتين : فعلى عاقلة كل دية الآخر لتسبب كل منهما في قتل الآخر .
وإن اصطدما فكذلك روي ذلك عن علي Bه لموت كل منهما من صدمة صاحبه وهي خطأ وإن اصطدمت امرأتان حاملان فحكمهما في أنفسهما ما ذكرنا وعلى كل واحدة منهما نصف ضمان جنينها ونصف ضمان جنين الأخرى لاشتراكهما في قتله وعلى كل منهما عتق ثلاث رقاب : واحدة لقتل صاحبتها واثنتان لمشاركتها في الجنين .
ومن أركب صغيرين لا ولاية له على واحد منهما فاصطدما فماتا : فديتهما من ماله لتلفهما بسبب جنايته لأنه متعد بذلك وإن ركبا بأنفسهما أو أركبهما ولي المصلحة فاصطدما : فهما كالبالغين المخطئين على عاقلة كل منهما دية الآخر وعلى كل منهما ما تلف من مال الآخر .
ومن أرسل صغيرا لا ولاية له عليه .
لحاجة فأتلف نفسا أو مالا : فالضمان على مرسله لأنه خطأ منه .
ومن ألقى حجرا أو عدلا مملوءا بسفينة فغرقت ضمن جميع ما فيها لحصول التلف بسبب فعله كما لو حرقها وإن رمى ثلاثة بمنجنيق فقتل الحجر رابعا من غير قصد : فعلى عواقلهم ديته أثلاثا لأنه خطأ وإن قتل أحدهم سقط فعل نفسه وما يترتب عليه لمشاركته في إتلاف نفسه روي نحوه عن علي Bه في مسألة القارصة والقامصة والواقصة قال الشعبي وذلك أن ثلاث جوار اجتمعن فركبت إحداهن على عنق الأخرى وقرصت الثالثة المركوبة فقمصت فسقطت الراكبة فوقصت عنقها فماتت فرفعت إلى علي فقضى بالدية أثلاثا على عواقلهن وألقى الثلث الذي قابل فعل الواقصة لأنها أعانت على نفسها وقيل : يلزم شركاءه جميع ديته ويلغى فعل نفسه قياسا على المصطدمين قاله في الكافي وإن زادوا على ثلاثة وقتل الحجر آخر غيرهم : فالدية في أموالهم حالة لأن العاقلة لا تحمل ما دون ثلث الدية .
ومن اضطر إلى طعام غير مضطر أو شرابه وطلبه .
فمنعه حتى مات المضطر : ضمنه نص عليه لأن عمر Bه قضى بذلك لأنه قتله بمنعه طعاما يجب دفعه إليه تبقى حياته به فنسب هلاكه إليه .
أو أخذ طعام غيره او شرابه وهو عاجز عن دفعه فتلف : ضمنه .
أو أخذ دابته أو ما يدفع به عن نفسه من سبع ونحوه كنمر وحية .
فأهلكه ذلك الصائل عليه : .
ضمنه الآخذ لتسببه في هلاكه قال في المغني : وظاهر كلام أحمد : أن الدية في ماله لأنه تعمد هذا الفعل الذي يقتل مثله غالبا وقال القاضي : تكون على عاقلته لأنه لا يوجب القصاص فهو شبه عمد .
وإن ماتت حامل أو حملها من ريح طعام : ضمن ربه إن علم ذلك من عادتها أي : أن الحامل تموت من ذلك وأنها هناك لتسببه فيه قال في الكافي : وإذا تجارح رجلان وزعم كل واحد منهما أنه جرح الآخر دفعا عن نفسه ولا بينة وجب على كل واحد منهما ضمان صاحبه لأن الجرح قد وجد وما يدعيه من القصد لم يثبت فوجب الضمان والقول قول كل واحد منهما مع يمينه في نفي القصاص لأن ما يدعيه يحتمل فيدرأ عنه القصاص لأنه يندرئ بالشبهات انتهى