باب أحكام أم الولد .
الأحكام : جمع حكم وهو : خطاب الله تعالى المفيد فائدة شرعية ويجوز التسرى بالإجماع لقوله تعالى : { أو ما ملكت أيمانكم } [ النساء : 3 ] [ وفعله E ] .
وهي : من ولدت من المالك ما فيه صورة ولو خفية فلا تصير أم ولد بوضع نطفة أوعلقة لا تخطيط فيها لأنه ليس بولد .
وتعتق أم الولد .
بموته أي : سيدها .
ولو لم يملك غيرها لحديث ابن عباس مرفوعا : [ من وطئ أمتة فولدت فهي معتقة عن دبر منه ] رواه أحمد وابن ماجه وعنه أيضا : قال [ ذكرت أم إبراهيم عند رسول الله A فقال : أعتقها ولدها ] رواه ابن ماجه والدارقطني ولأنه إتلاف حصل بسبب الإستمتاع فحسب من رأس المال كإتلاف ما يأكله .
ومن ملك حاملا فوطئها قبل وضعها .
حرم بيع ذلك الولد ولم يصح ويلزمه عتقه نص عليه في رواية صالح وغيره لأنه قد شرك فيه لأن الماء يزيد في الولد وقد قال عمر : أبعد ما اختلطت دماؤكم ودماؤهن ولحومكم ولحومهن بعتموهن ؟ ! فعلل بالإختلاط وقد وجد قال الشيخ تقي الدين : ويحكم بإسلامه وأنه يسري كالعتق أي : ولو كانت كافرة حاملا من كافر فيحكم بإسلام الحمل لأن المسلم شرك فيه فيسري إلى باقيه .
ومن قال لأمته : أنت أم ولدي أو : يدك أم ولدي صارت أم ولد .
لأن إقراره بأن جزءا منها مستولد يلزمه الإقرار باستيلادها كقوله : يدك حرة .
وكذا لو قال لإبنها : أنت إبني أو يدك إبني ويثبت النسب بهذا الإقرار .
فإن مات ولم يبين هل حملت به في ملكه أو غير لم تصر أم ولد إلا بقرينة كما لو كان ملكها صغيرة .
ولا يبطل إيلاد بحال ولو بقتلها لسيدها لعموم ما تقدم ويملك الرجل إستخدام أم ولده وإجارتها ووطأها وتزويجها وحكمها حكم الأمة في صلاتها وغيرها لأنها باقية على ملكه إنما تعتق بعد الموت لمفهوم قوله A : [ فهي معتقة عن دبر منه ] وقوله : [ معتقة من بعده ] فدل على أنها قبل ذلك باقية في الرق ولا يملك بيعها ولا هبتها ولا الوصية بها ووقفها لحديث ابن عمر مرفوعا : [ نهى عن بيع أمهات الأولاد وقال : لا يبعن ولا يوهبن ولا يورثن يستمتع منها السيد ما دام حيا فإذا مات فهي حرة ] رواه الدارقطني ورواه مالك في الموطأ والدارقطني من طريق آخر عن ابن عمر عن عمر موقوفا ويروى منع بيع أمهات الأولاد عن عمر وعثمان وعائشة قال في الفروع وحكى ابن عبدالبر وأبوحامد الإسفرائيني وأبوالوليد الباجي وابن بطال والبغوى : الإجماع على أنه لا يجوز إنتهى وقال ابن عقيل : يجوز البيع لأنه قول علي وغيره وإجماع التابعين لا يرفعه وبه قال ابن عباس وابن الزبير وأما حديث جابر : [ بعنا أمهات الأولاد على عهد رسول الله A وعهد أبي بكر فلما كان عمر نهانا فانتهينا ] رواه أبو داود فليس فيه تصريح بأنه كان بعلمه E وعلم أبي بكر وإلا لم تجز مخالفته ولم تجمع الصحابة بعد على مخالفتهما قال في المنتقى : قال بعض العلماء : إنما وجه هذا أن يكون في ذلك مباحا ثم نهي عنه ولم يظهر النهي لمن باعها ولا علم أبوبكر بمن باع في زمانه لقصر مدته وإشتغاله بأهم أمور الدين ثم ظهر ذلك زمن عمر فأظهر النهي والمنع وهذا مثل حديث جابر أيضا في المتعة لامتناع النسخ بعد وفاة رسول الله A إنتهى وقد جاء ما يدل على موافقة علي Bه على المنع فروى سعيد بإسناده عن عبيدة قال : خطب علي Bه الناس فقال : شاورني عمر في أمهات الأولاد فرأيت أنا وعمر أن أعتقهن فقضى به عمر حياته وعثمان حياته فلما وليت رأيت أن أرقهن قال عبيدة : فرأي عمر وعلي في الجماعة أحب إلينا من رأي علي وحده وروى عنه أنه قال : بعث علي إلي وإلى شريح أن اقضوا كما كنتم تقضون فإني أكره الإختلاف ذكره في الكافي .
وولدها الحادث بعد إيلادهها كهي فيجوز فيه من التصرفات ما يجوز فيها ويمتنع فيه ما يمتنع فيها سواء عتقت بموت سيدها أو ماتت قبله لأن الولد يتبع أمه حرية ورقا قال أحمد : قال ابن عمر وابن عباس وغيرهما : ولدها بمنزلتها .
لكن لا يعتق بإعتاقها لأنها عتقت بغير السبب الذي تبعها فيه فبقي عتقه موقوفا على موت سيده .
أو موتها قبل السيد بل بموته لما تقدم .
وإن مات سيدها وهي حامل فنفقتها مده حملها من ماله .
أي : نصيب الحمل الذي وقف له لملكه له .
وإلا فعلى وارثه أي : وارث الحمل لقوله تعالى : { وعلى الوارث مثل ذلك } [ البقرة : 233 ] .
وكلما جنت أم الولد لزم السيد فداؤها بالأقل من الأرش أو يوم الفداء لأنها مملوكة له يملك كسبها أشبهت القن قال في الشرح : وينبغي أن تجب قيمتها معيبة بعيب الإستيلاد لأن ذلك ينقصها فاعتبر كالمرض وغيره من العيوب إنتهى .
وإن أجتمعت أروش قبل إعطاء شئ منها تعلق الجميع برقبتها ولم يكن على السيد إلا الأقل من أرش الجميع أو قيمتها يشترك فيها أرباب الجنايات .
ويتحاصون بقدر حقوقهم إن لم تف بجميعها لأن السيد لا يلزمه أكثر منه كالجنايات على شخص واحد .
وإن أسلمت أم ولد لكافر منع من غشيانها وحيل بينه وبينها .
لتحريمها عليه بالإسلام ولا تعتق به بل يبقى ملكه عليها على ما كان قبل إسلامها .
وأجبر على نفقتها إن عدم كسبها لأن نفقة المملوك على سيده فإن كان لها كسب فنققتها فيه لئلا يبقى له ولاية عليها بأخذ كسبها والإنفاق عليها مما شاء .
فإن أسلم حلت له لزوال المانع وهو الكفر .
وإن مات كافرا عتقت بموته لعموم الأخبار