باب شروط الصلاة .
وهي تسعة : الإسلام والعقل والتمييز فلا تصح من كافر لبطلان عمله ولا مجنون لعدم تكليفه ولا من طفل لمفهوم الحديث [ مروا أبناءكم بالصلاة لسبع ] الحد يث .
وكذا الطهارة مع القدرة لقوله A : [ لا يقبل الله صلاة بغيير طهور ] رواه مسلم وغيره .
الخامس : دخول الوقت قال تعالى { أقم الصلاة لدلوك الشمس } [ الإسراء : 78 ] الآية قال ابن عباس : دلوكها : إذا فاء الفئ وقال عمر Bه : [ الصلاة لها وقت شرطه الله لا تصح إلا به وهو : حديث جبريل حين أم النبي A بالصلوات الخمس ثم قال : ما بين هذين وقت ] رواه أحمد والنسائي والترمذي بنحوه .
فوقت الظهر من الزوال إلى أن يصير ظل كل شئ مثله سوى ظل الزوال ثم يليه الوقت المختار للعصر حتى يصير ظل كل شئ مثليه سوى ظل الزوال ثم هو وقت ضرورة إلى الغروب ثم يليه وقت المغرب حتى يغيب الشفق الأحمر ثم يليه الوقت المختار للعشاء إلى ثلث الليل الأول ثم هو وقت ضرورة إلى طلوع الفجر ثم يليه وقت الفجر إلى شروق الشمس لحديث جابر [ أن النبي A جاءه جبريل عليه السلام فقال : قم فصله فصلى الظهر حين زالت الشمس ثم جاءه العصر فقال : قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثله ثم جاءه المغرب فقال : قم فصله فصلى المغرب حين وجبت الشمس ثم جاءه العشاء فقال : قم فصله فصلى العشاء حين غاب الشفق ثم جاءه الفجر فقال : قم فصله فصلى الفجر حين برق الفجر أو قال سطع الفجر ثم جاءه من الغد للظهر فقال : قم فصله فصلى الظهر حين صار ظل كل شئ مثله ثم جاءه العصر فقال قم فصله فصلى العصر حين صار ظل كل شئ مثليه ثم جاءه المغرب وقتا واحدا لم يزل عنه ثم جاءه العشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلى العشاء ثم جاءه حين أسفر جدا فقال له : قم فصله فصلى الفجر ثم قال : مابين هذين وقت ] رواه أحمد والنسائي والترمذي بنحوه .
وقال البخاري : هو أصح شئ في المواقيت وعن أبي موسى [ أن رجلا سأل النبي A عن مواقيت الصلاة قال في آخره ثم أخر المغرب حتى كان عند سقوط الشفق - وفي لفظ - فصلى المغرب قبل أن يغيب الشفق وأخر العشاء حتى كان ثلث الليل الأول ثم أصبح فدعا السائل فقال : الوقت فيما بين هذين ] رواه أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي .
ويدرك الوقت بتكبيرة الإحرام لحديث عائشة مرفوعا [ من أدرك من العصر سجدة قبل أن تغرب الشمس أو من الصبح قبل أن تطلع فقد أداها ] رواه أحمد ومسلم والنسائي وابن ماجه والسجدة هنا الركعة قاله في المنتقى والسجدة جزء من الصلاة : فدل على إدراكها بإدراك جزء منها وهذا قول الشافعي وعن أحمد : لا تدرك إلا بركعة لما في المتفق عليه : [ من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ] .
ويحرم تأخير الصلاه عن وقت الجواز لمفهوم أخبار المواقيت .
ويجوز تأخير فعلها فى الوقت مع العزم عليه لأن جبريل صلى بالنبي A في اليوم الثانى في آخر الوقت .
والصلاة أول الوقت أفضل وتحصل الفضيلة بالتأهب أول الوقت [ لأنه A كان يصلي الظهر بالهاجرة ] متفق عليه .
وقال : [ بكروا بالصلاة فى يوم الغيم فإنة من فاتته صلاة العصر حبط عمله ] رواه أحمد وابن ماجه وقال رافع بن خديج : [ كنا نصلي المغرب مع رسول الله A فينصرف أحدنا وإنه ليبصر مواقع نبله ] متفق عليه وكان يصلي الصبح بغلس قال ابن عبد البر : صح عن النبي A وأبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون ومحال أن يتركوا الأفضل وهم النهاية في إتيان الفضائل وحديث [ أسفروا بالفجر فإنه أعظم للأجر ] رواه أحمد وغيره .
حكى الترمذي عن الشافعي وأحمد و إسحاق أن معنى الإسفار : أن يضئ الفجر فلا يشك فيه انتهى وعن ابن عمر مرفوعا : [ الوقت الأول من الصلاة رضوان الله والآخر عفو الله ] رواه الترمذي والدارقطني وروى الدارقطني من حديث أبي محذورة نحوه وفيه : [ ووسط الوقت رحمة الله ] .
ويجب قضاء الصلاة الفائتة مرتبة لما [ روى أحمد أنه A عام الأحزاب صلى المغرب فلما فرغ قال : هل علم أحد منكم أني صليت العصر قالوا : يارسول الله ما صليتها فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر ثم أعاد المغرب ] وفاته أربع صلوات فقضاهن مرتبا وقد قال : [ صلوا كما رأيتموني أصلي ] .
فورا لحديث [ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها ] متفق عليه .
ولا يصح النفل المطلق إذن أي قبل القضاء كصوم نفل ممن عليه قضاء رمضان ولا يصلي سننها لأنه لم ينقل عنه A يوم الخندق فإن كانت صلاة واحدة فلا بأس بقضاء سنتها [ لأنه صلى لما فاتته صلاة الفجر صلى سنتها قبلها ] رواه أحمد ومسلم .
ويسقط الترتيب بالنسيان لحديث [ عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان ] .
وبضيق الوقت ولو للاختيار فيقدم الحاضرة لأن فعلها آكد بدليل أنه يقتل بتركها بخلاف الفائتة قاله في الكافي وإذا نسي صلاة أو أكثر ثم ذكرها قضاها فقط لحديث : [ من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك ] وقال البخاري في صحيحه : قال إبراهيم : من نسي صلاة واحدة عشرين سنة لم يعد إلا تلك الصلاة الواحدة .
السادس : ستر العورة مع القدرة بشئ لا يصف البشرة لقوله تعالى { خذوا زينتكم عند كل مسجد } [ الأعراف : 31 ] وقوله A : [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] [ وحديث سلمة بن الأكوع قال : قلت يا رسول الله إني أكون في الصيد وأصلي في القميص الواحد قال : نعم وازرره ولو بشوكة ] صححهما الترمذي وحكى ابن عبد البر الإجماع على فساد صلاة من صلى عريانا وهو قادر على الاستتار .
فعورة الرجل البالغ عشرا أو الحرة المميزة والأمة ولو مبعضة ما بين السرة والركبة لحديث علي مرفوعا [ لا تبرز فخذك ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ] رواه أبو داود وحديث أبي أيوب يرفعه : [ أسفل السرة وفوق الركبتين من العورة ] وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا [ ما بين السرة والركبة عورة ] رواهما الدارقطني ودليل الحرة المميزة مفهوم حديث [ لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار ] .
وعورة ابن سبع إلى عشر الفرجان لقصوره عن ابن العشر ولأنه لا يمكن بلوغه .
والحرة البالغة كلها عورة فى الصلاة إلا وجهها لما تقدم ولحديث [ المرأة عورة ] رواه الترمذي و [ قالت أم سلمة : يارسول الله تصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار ؟ قال نعم إذا كان سابغا يغطى ظهور قدميها ] رواه أبو داود .
وشرط فى فرض الرجل البالغ ستر أحد عاتقيه بشئ من اللباس لحديث أبى هريرة أن النبي A : قال [ لا يصلى الرجل فى ثوب واحد ليس على عاتقه منه شئ ] متفق عليه .
ومن صلى في مغصوب أو حرير عالما ذاكرا لم تصح لقوله A : [ من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد ] فإن كان ناسيا أو جاهلا صح ذكره المجد إجماعا .
ويصلى عريانا مع وجود ثوب غصب ولا يعيد لأنه يحرم استعماله .
وفي حرير لعدم ولا يعيد لأنه قد رخص في لبسه فى بعض الأحوال كالحكة والضرورة .
وفي نجس لعدم ويعيد في المنصوص لأنه ترك شرطا قال فى الكافي : ويتخرج أن لا يعيد كما لو عجز عن خلعه أو صلى فى موضع نجس لا يمكنه الخروج منه .
ويحرم على الذكور لا الإناث لبس منسوج ومموه بذهب أوفضة لحديث أبى موسى أن رسول الله A قال : [ حرم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي وأحل لإناثهم ] صححه الترمذي ولبس ما كله أو غآلبه حرير لذلك ولحديث عمر مرفوعا : [ لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه فى إلآخرة ] متفق عليه .
ويباح ما سدي بالحرير وألحم بغيره لقول ابن عباس : [ إنما نهى النبي A عن الثوب المصمت أما العلم وسدا الثوب فليس به بأس ] رواه أبو داود .
أو كان الحرير وغيره في الظهور سيان قال فى الكافي : وإن استويا ففيه وجهان أحدهما : إباحته للخبر أي خبر ابن عباس والثاني تحريمه لعموم خبر التحريم .
السابع : اجتناب النجاسة لبدنه وثوبه وبقعته مع القدرة لقوله تعالى : { وثيابك فطهر } [ المدثر : 4 ] وقوله A : [ تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه ] وقوله لأسماء في دم الحيض [ تحثه ثم تقرصه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه ] متفق عليه [ وأمره A بصب ذنوب من ماء على بول الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد ] وحديث القبرين وفيه [ أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله ] .
فإن حبس ببقعة نجسة وصلى صحت لكن يومئ بالنجاسة الرطبة غاية ما يمكنه ويجلس على قدميه لأنه صلى على حسب حاله أشبه المربوط إلى غير القبلة .
وإن مس ثوبه ثوبا نجسا أو حائطا لم يستند إليه أو صلى على طاهر طرفة متنجس أو سقطت عليه النجاسة فزالت أو أزالها سريعا صحت صلاته لأنه ليس بحامل للنجاسة ولا مصل عليها أشبه ما لو صلى على أرض طاهرة متصلة بأرض نجسة ولحديث أبي سعيد Bه [ بينا رسول الله A يصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فخلع الناس نعالهم فلما قضى رسول الله A صلاته قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ قالوا رأيناك ألقيت نعليك فألقينا نعالنا قال : إن جبريل أتانى فأخبرنى أن فيهما قذرا ] رواه أبو داود ولأن من النجاسة ما لا يعفى عن يسيرها فعفي عن يسير زمنها .
وتبطل إن عجز عن إزالتها فى الحال لاستصحابه النجاسة فى الصلاة أو نسيها ثم علم لأن اجتناب النجاسة شرط للصلاة كما تقدم فيعيد وهو قول الشافعي وقال مالك : يعيد ما دام في الوقت وعنه لا تفسد وهو قول عمر و عطاء و ابن المسيب و ابن المنذر ووجهه حديث النعلين قاله في الشرح .
ولا تصح الصلاة في الأرض المغصوبة لحرمة لبثه فيها وعنه : بلى مع التحريم اختاره الخلال والفنون وفاقا قاله في الفرع - يعنى وفاقا للأئمة الثلاثة - لحديث [ جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا ] وقال أحمد : تصلى الجمعة في موضع الغصب يعني إذا كان الجامع مغصوبا وصلى الإمام فيه فامتنع الناس فاتتهم الجمعة .
وكذا المقبرة لقوله A [ لا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك ] رواه مسلم .
والمجزرة والمزبلة والحش وأعطان الإبل وقارعة الطريق والحمام لما روى ابن ماجه والترمذي وعبد بن حميد في مسنده عن ابن عمر أن النبي A [ نهى أن يصلى في سبع مواطن : المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله ] وأما الحش فلاحتمال النجاسة ولأنه لما منع الشرع من الكلام وذكر الله فيه كان منع الصلاة أولى قال : .
وأسطحة هذه مثلها لأنها تتبعها في البيع ونحوه قال في الشرح : والصحيح قصر النهي على ما تناوله النص .
ولا يصح الفرض في الكعبة لأنه يكون مستدبرا لبعضها ولأن النهي عن الصلاة على ظهرها ورد صريحا في حديث ابن عمرالسابق وفيه تنبيه على النهي عن الصلاة فيها لأنهما سواء في المعنى .
والحجر منها لحديث عائشة .
ولا على ظهرها لما تقدم .
إلا إذا لم يبق وراءه شئ لأنه غير مستدبر لشئ منها كصلاته إلى أحد أركانها .
ويصح النذر فيها وعليها وكذا النفل بل يسن فيها [ لأن النبي A صلى في البيت ركعتين ] متفق عليه وألحق النذر بالنفل .
الثامن : استقبال القبلة مع القدرة لقوله تعالى : { فول وجهك شطر المسجد الحرام } [ البقرة : 144 ] الآية وحديث [ إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة ] وحديث [ ابن عمر في أهل قباء لما حولت القبلة ] متفق عليه .
فإن لم يجد من يخبره عنها بيقين صلى بالاجتهاد فإن أخطأ فلا إعادة عليه [ لما روى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال : كنا مع النبى A في سفر في ليلة مظلمة فلم ندر أين القبلة فصلى كل رجل حياله فلما أصبحنا ذكرنا ذلك لرسول الله A فنزل : { فأينما تولوا فثم وجه الله } .
[ البقرة : 115 ] ] رواه ابن ماجه وإن أمكنه معاينة الكعبة ففرضه الصلاة إلى عينها لا نعلم فيه خلافا قال في الشرح والبعيد إصابة الجهة لقوله A : [ ما بين المشرق والمغرب قبلة ] رواه ابن ماجه والترمذي وصححه ويعضده قوله في حديث أبي أيوب [ ولكن شرقوا أو غربوا ] .
التاسع : النية ولا تسقط بحال لحديث عمر .
ومحلها القلب وحقيقتها العزم على فعل الشئ وشرطها : الإسلام والعقل والتمييز كسائر العبادة .
وزمنها أول العبادات أو قبلها بيسير والأفضل قرنها بالتكبير خروجا من خلاف من شرط ذلك .
وشرط مع نية الصلاة تعيين ما يصليه من ظهر أو عصر او جمعة أو وتر أو راتبة لتتميز عن غيرها .
وإلا أجزأته نية الصلاة إذا كانت نافلة مطلقة .
ولا يشترط تعيين كون الصلاة حاضرة أو قضاء لأنه لا يختلف المذهب فيمن صلى في الغيم فبان بعد الوقت أن صلاته صحيحة وقد نواها أداء قاله في الكافي .
أو فرضا لأنه إذا نوى ظهرا ونحوها علم أنها فرض .
وتشترط نية الإمامة للإمام والإئتمام للمأموم لأن الجماعة يتعلق بها أحكام وإنما يتميزان بالنية فكانت شرطا في الفرض وقدم في المقنع و المحرر : لا تشترط نية الإمامة في النفل [ لأنه A قام يتهجد وحده فجاء ابن عباس فأحرم معه فصلى به النبي A ] متفق عليه وعنه : وكذا في الفرض اختاره الموفق و الشارح والشيخ تقي الدين وفاقا للأئمة الثلاثة قال في الشرح ومما يقويه حديث جابر وجبار .
وتصح نية المفارقة لكل منهما لعذر يبيح ترك الجماعة لقصة معاذ وقال الزهري في إمام ينوبه الدم أو يرعف : ينصرف وليقل : أتموا صلاتكم واحتج أحمد بأن معاوية لما طعن صلوا وحدانا .
ويقرأ مأموم فارق إمامه في قيام أو يكمل وبعد الفاتحة كلها له الركوع فى الحال لأن قراءة الإمام قراءة للمأموم .
ومن أحرم بفرض ثم قلبه نفلا صح إن اتسع الوقت لكن يكره لغير غرض صحيح مثل أن يحرم منفردا فتقام جماعة نص أحمد فيمن صلى ركعة من فريضة منفردا ثم حضر الإمام وأقيمت الصلاة يقطع صلاته ويدخل معهم .
وإلا لم يصح وبطل فرضه لأنه أفسد نيته