فصل في التصرف في المبيع قبل قبضه وما يحصل به قبضه .
ومن اشترى مكيلا ونحوه وهو الموزون والمعدود والمذروع صح البيع ولزم بالعقد حيث لا خيار ولم يصح تصرفه فيه ببيع أو هبة أو إجارة أو رهن أو حوالة حتى يقبضه لقوله A : [ من ابتاع طعاما فلا يبيعه حتى يستوفيه ] متفق عليه ويصح عتقه وجعله مهرا وعوض خلع ووصيته به وإن اشترى المكيل ونحوه جزافا صح التصرف فيه قبل قبضه لقول ابن عمر Bهما : مضت السنة ما أدركته الصفقة حبا مجموعا فهو من مال المشتري .
وإن تلف المبيع بكيل ونحوه أو بعضه قبل قبضه فمن ضمان البائع وكذا لو تعيب قبل قبضه .
وإن تلف المبيع المذكور بآفة سماوية لا صنع لآدمي فيها بطل أي انفسخ البيع وإن بقي البعض خير المشتري في أخذه بقسطه من الثمن .
وإن أتلفه أي المبيع بكيل أو نحوه آدمي سواء كان هو البائع أو أجنبيا خير مشتر بين فسخ البيع ويرجع على بائع بما أخذ من ثمنه و بين إمضاء ومطالبة متلفه ببدله أي بمثله إن كان مثليا أو قيمته إن كان متقوما وإن تلف بفعل مشتر فلا خيار له لأن إتلافه كقبضه .
وما عداه أي عدا ما المشتري بكيل أو وزن أو عد أو ذرع كالعبد والدار يجوز تصرف المشتري فيه قبل قبضه لقول ابن عمر : كنا نبيع الإبل بالبقيع بالدراهم فنأخذ عنها الدنانير وبالعكس فسألنا رسول الله A فقال : [ لا باس أن تؤخذ بسعر يومها ما لم يتفرقا وبينهما شئ ] رواه الخمسة إلا المبيع بصفة أو رؤية متقدمة فلا يصح التصرف فيه قبل قبضه .
لان تلف ما عدا المبيع بكيل ونحوه فمن ضمانه أي ضمان المشتري لقوله A : [ الخراج بالضمان ] وهذا المبيع للمشتري فضمانه عليه وهذا ما لم يمنعه بائع من قبضه فإن منعه حتى تلف ضمنه ضمان غصب والثمر على الشجر والمبيع بصفة أو رؤية سابقة من ضمان بائع ومن تعين ملكه في موروث أو وصية أو غنيمة فله التصرف فيه قبل قبضه .
ويحصل قبض ما بيع بكيل بالكيل أو أبيع بـ وزن بالوزن أو أبيع بـ عد بالعد أو أبيع بـ ذرع بذلك الذرع لحديث عثمان يرفعه [ إذا بعت فكل وإذا ابتعت فاكتل ] رواه الإمام .
وشرطه حضور مستحق أو نائبه ويصح استنابة من عليه الحق للمستحق ومؤنة كيال ووزان وعداد ونحوه على باذل ولا يضمن ناقد حاذق أمين خطأ .
و يحصل القبض في صبرة وما ينقل كثياب وحيوان بمنقله و يحصل القبض في ما يتناول كالجواهر والأثمان بتناوله إذ العرف فيه ذلك وغيره أي غير ما ذكر كالعقار والثمرة على الشجر قبضه بتخليته بلا حائل بأن يفتح له باب الدار ويسلمه مفتاحها ونحوه وإن كان فيها متاع للبائع قاله الزركشي ويعتبر لجواز قبض مشاع ينقل إذن شريكه .
والإقالة مستحبة لما روى ابن ماجة عن أبي هريرة مرفوعا [ من أقال مسلما أقال الله D عثرته يوم القيامة ] .
وهي فسخ لأنها عبارة عن الرفع والإزالة يقال : أقالك الله عثرتك أي أزالها فكانت فسخا للبيع لا بيعا فتجوز قبل قبض المبيع ولو نحو مكيل ولا تجوز إلا بمثل الثمن الأول قدرا ونوعا لأن العقد إذا ارتفع رجع كل منهما بما كان له وتجوز بعد نداء الجمعة ولا يلزم إعادة كيل أو وزن وتصح من مضارب وشريك وبلفظ صلح وبيع ومعاطاة ولا يحنث بها من حلف لا يبيع .
ولا خيار فيها أي لا يثبت في الإقالة خيار مجلس ولا خيار شرط أو نحوه .
ولا شفعة فيها لأنها ليست بيعا ولا تصح مع تلف مثمن أو موت عاقد ولا بزيادة على ثمن أو نقصه أو غير جنسه ومؤونة رد مبيع تقايلاه على بائع