باب صلاة العيدين .
سمي به لأنه يعود ويتكرر لأوقاته أو تفاؤلا وجمعه أعياد .
وهي أي صلاة العيدين فرض كفاية لقوله تعالى : { فصل لربك وانحر } وكان النبي A والخلفاء بعده يداومون عليها إذا تركها أهل بلد قاتلهم الإمام لأنها من أعلام الدين الظاهرة .
و أول وقتها كصلاة الضحى لأنه A ومن بعده لم يصلوها إلا بعد ارتفاع الشمس ذكره في المبدع .
وأخره أي آخر وقتها الزوال أي زوال الشمس فإن لم يعلم بالعيد إلا بعده أي بعد الزوال صلوا من الغد قضاء لما روى أبو عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال : [ غم علينا هلال شوال فأصبحنا صياما فجاء ركب في آخر النهار فشهدوا أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمر النبي A الناس أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا غدا لعيدهم ] رواه أحمد وأبو دا ود الدارقطني وحسنه .
وتسن صلاة العيد في صحراء قريبة عرفا لقول أبي سعيد : [ كان النبي A يخرج في الفطر والأضحى إلى المصلى ] متفق عليه وكذلك الخلفاء بعده .
و يسن تقديم صلاة الأضحى وعكسه الفطر فيؤخرها لما روى الشافعي مرسلا : [ أن النبي A كتب إلى عمرو بن حزم أن عجل الأضحى وأخر الفطر وذكر الناس ] .
و يسن أكله قبلها أي قبل الخروج لصلاة الفطر لقول بريرة : [ كان النبي A لا يخرج يوم الفطر حتى يفطر ولا يطعم يوم النحر حتى يصلي ] رواه أحمد والأفضل تمرات وترا والتوسعة على الأهل والصدقة .
وعكسه أي يسن الإمساك في الأضحى إن ضحى حتى يصلي ليأكل من أضحيته لما تقدم والأولى من كبدها .
وتكره صلاة العيد في الجامع بلا عذر إلا بمكة المشرفة لمخالفة فعله A .
ويستحب للإمام أن يستخلف من يصلي بضعفة الناس في المسجد لفعل علي ويخطب لهم ولهم فعلها قبل الإمام وبعده وأيهما سبق سقط به الفرض وجازت التضحية .
ويسن تبكير مأموم إليها ليحصل له الدنو من الإمام وانتظار الصلاة فيكثر ثوابه ماشيا [ لقول علي Bه : من السنة أن يخرج إلى العيد ماشيا ] رواه الترمذي وقال : العمل على هذا عند أهل العلم بعد صلاة الصبح .
و يسن تأخر الإمام إلى وقت الصلاة لقول أبي سعيد : [ كان النبي A يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شئ يبدأ به الصلاة ] رواه مسلم ولأن الإمام ينتظر ولا ينتظر .
ويخرج على أحسن هيئة أي لابسا أجمل ثيابه لقول جابر : [ كان رسول الله A يعتم ويلبس برده الأحمر في العيدين والجمعة ] رواه ابن عبدالبر الا لمعتكف ف يخرج في ثياب إعتكافه لأنه أثر عبادة فاستحب بقاؤه .
ومن شرطها أي شرط صحة صلاة العيد استيطان وعدد الجمعة فلا تقام إلا حيث تقام الجمعة لأن النبي A وافق العيد في حجته ولم يصل لا إذن إمام فلا يشترط كالجمعة .
ويسن إذا غدا من طريق أن يرجع من طريق آخر لما روى البخاري عن جابر : [ أن النبي A كان إذا خرج إلى العيد خالف الطريق ] وكذا الجمعة قال في شرح المنتهى : ولا يمتنع ذلك أيضا في غير الجمعة وقال في المبدع : الظاهر أن المخالفة فيه شرعت لمعنى خاص فلا يلتحق به غيره .
ويصليها ركعتين قبل الخطبة لقول ابن عمر : [ كان رسول الله A وأبو بكر وعمر وعثمان يصلون العيدين قبل الخطبة ] متفق عليه فلو قدم الخطبة لم يعتد بها .
يكبر في الأولى بعد تكبيرة الإحرام و الإستفتاح وقبل التعوذ والقراءة ستا زوائد وفي الركعة الثانية قبل القراءة خمسا لما روى أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن النبي A كبر في عيد اثنتي عشرة تكبيرة سبعا في الأولى وخمسا في الآخرة ] إسناده حسن قال أحمد : اختلف أصحاب النبي A في التكبير وكله جائز .
يرفع يديه مع كل تكبيرة لقول وائل بن حجر : [ أن النبي A كان يرفع يديه مع كل تكبيرة ] قال أحمد : فأرى أن يدخل فيه هذا كله وعن عمر أنه كان يرفع يديه في كل تكبيرة في الجنازة والعيد وعن زيد كذلك رواهما الأثرم .
ويقول بين كل تكبيرتين : الله كبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم تسليما كثيرا لقول عقبة بن عامر : سألت ابن مسعود عما يقوله بعد تكبيرات العيد ؟ قال : [ يحمد الله ويثني عليه ويصلي على النبي A ] رواه الأثرم وحرب واحتج به أحمد وإن أحب قال غير ذلك لأن الغرض الذكر بعد التكبير وإذا شك في عدد التكبير بنى على يقين وإذا نسي التكبير حتى قرأ سقط لأنه سنة فات محلها وإن أدرك الإمام راكعا أحرم ثم ركع ولا يشتغل بقضاء التكبير وان أدركه قائما بعد فراغه من التكبير لم يقضه وكذا إن أدركه في أثنائه سقط ما فات .
ثم يقرأ جهرا لقول ابن عمر : [ كان النبي A يجهر بالقراءة في العيدين والإستسقاء ] رواه الدارقطني في الأولى بعد الفاتحة بـ سبح وبـ الغاشية في الثانية لقول سمرة : [ إن النبي A كان يقرأ في العيدين ب سبح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية ] رواه أحمد .
فإذا سلم من الصلاة خطب خطبتين كخطبتي الجمعة في أحكامهما حتى في الكلام إلا التكبير مع الخاطب يستفتح الأولى بتسع تكبيرات قائما نسقا والثانية بسبع تكبيرات كذلك لما روى سعيد عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة قال : يكبر الإمام يوم العيد قبل أن يخطب تسع تكبيرات وفي الثانية سبع تكبيرات .
يحثهم في خطبة الفطر على الصدقة لقوله A : [ أغنوهم بها عن السؤال في هذا اليوم ] ويبين لهم ما يخرجون جنسا وقدرا والوجوب والوقت ويرغبهم في خطبة الأضحى فى الأضحية ويبين لهم حكمها لأنه ثبت أن النبي A ذكر في خطبة الأضحى كثيرا من أحكامها من رواية أبي سعيد والبراء وجابر وغيرهم .
والتكبيرات الزوائد سنة والذكر بينها أي بين التكبيرات سنة ولا يسن بعد التكبيرة الأخيرة في الركعتين والخطبتان سنة لما روى عطاء بن عبدالله عن السائب قال : شهدت مع النبي A العيد فلما قضى الصلاة قال : [ إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب ] رواه ابن ماجة وإسناده ثقات ولو وجبت لوجب حضورها واستماعها والسنة لمن حضر العيد من النساء حضور الخطبة وأن يفردن بموعظة إذا لم يسمعن خطبة الرجال .
ويكره التنفل وقضاء فائتة قبل الصلاة أي صلاة العيد وبعدها في موضعها قبل مفارقته لقول ابن عباس : [ خرج النبي A يوم عيد فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما ] متفق عليه .
ويسن لمن فاته صلاة العيد أو فاته بعضها قضاؤها في يومها قبل الزوال وبعده على صفتها لفعل أنس وكسائر الصلوات .
ويسن التكبير المطلق أي الذي لم يقيد بأدبار الصلوات وإظهاره وجهر غير أنثى به في ليلتي العيدين في البيوت والأسواق والمساجد وغيرها ويجهر به في الخروج إلى المصلى إلى فراغ الإمام من خطبته .
و التكبير في عيد فطر آكد لقوله تعالى : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله } .
و يسن التكبير المطلق أيضا في كل عشر ذي الحجة ولو لم ير بهيمة الأنعام .
و يسن التكبير المقيد عقب كل فريضة في جماعة في الأضحى لأن ابن عمر كان لا يكبر إذا صلى وحده وقال ابن مسعود : إنما التكبير على من صلى في جماعة رواه ابن المنذر فيلتفت الإمام إلى المأمومين ثم يكبر لفعله A من صلاة الفجر يوم عرفة روي عن عمر وعلي وابن عباس وابن مسعود Bهم .
وللمحرم من صلاة الظهر يوم النحر الى عصر آخر أيام التشريق لأنه قبل ذلك مشغول بالتلبية والجهر به مسنون إلا للمرأة وتأتي به كالذكر عقب الصلاة قدمه في المبدع وإذا فاتته صلاة من عامه فقضاها فيها جماعة كبر لبقاء وقت التكبير وإن نسيه أي التكبير قضاه مكانه فإن قام أو ذهب عاد فجلس ما لم يحدث أو يخرج من المسجد أو بطل الفصل لأنه سنة فات محلها ويكبر المأموم إذا نسيه الإمام والمسبوق إذا قضى كالذكر والدعاء .
ولا يسن التكبير عقب صلاة عيد لأن الأثر إنما جاء في المكتوبات ولا عقب نافلة ولا فريضة صلاها منفردا لما تقدم .
وصفته أي التكبير شفعا : الله كبر الله أكبر لا إله الا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد ويجزئ مرة واحدة وإن زاد فلا بأس وإن كرره ثلاثا فحسن [ لأنه A كان يقول كذلك ] رواه الدارقطني وقاله علي وحكاه ابن المنذر عن عمر ولا بأس بقوله لغيره : تقبل الله منا ومنك كالجواب ولا بالتعريف عشية عرفة بالأمصار لأنه دعاء وذكر وأول من فعله ابن عباس وعمرو بن حريث