فصل .
في الشهادة على الشهادة .
ولا تقبل الشهادة على الشهادة إلا في حق يقبل فيه كتاب القاضي إلى القاضي وهو حقوق الآدميين دون حقوق الله تعالى لأن الحدود مبنية على الستر والدرء بالشبهات ولا يحكم الحاكم بها أي : بالشهادة على الشهادة إلا أن تتعذر شهادة الأصل بموت أو مرض أو غيبة مسافة قصر أو خوف من سلطان أو غيره لأنه إذا أمكن الحاكم أن يسمع شهادة شاهدي الأصل استغنى عن البحث عن عدالة شاهدي الفرع وكان أحوط للشهادة ولابد من دوام عذر شهود الأصل إلى الحكم ولا بد أيضا من ثبوت عدالة الجميع ودوام عدالتهم وتعيين فرع الأصل .
ولا يجوز لشاهد الفرع أن يشهد الا أن يسترعيه شاهد الأصل فيقول شاهد الأصل لفرع : اشهد على شهادتي بكذا أو اشهد أني أشهد أن فلانا أقر عندي بكذا أو نحوه وإن لم يسترعه لم يشهد لأن الشهادة على الشهادة فيها معنى النيابة ولا ينوب عنه إلا بإذنه إلا أن يسمعه يقر بها أي : يسمع الفرع الأصل يشهد عند الحاكم أو سمعه يعزوها أي : يعزو شهادته إلى سبب من قرض أو بيع أو نحوه فيجوز للفرع أن يشهد لأن هذا كالاسترعاء ويؤديها الفرع بصفة تحمله .
وتثبت شهادة شاهدي الأصل بفرعين ولو على كل أصل فرع ويثبت الحق بفرع مع أصل آخر ويقبل تعديل فرع لأصله وبموته ونحوه لا تعديل شاهد لرفيقه .
وإذا رجع شهود المال بعد الحكم لم ينقض الحكم لأنه قد تم ووجب المشهود به مشهود له ولو كان قبل الاستيفاء ويلزمهم الضمان أي يلزم الشهود الراجعين بدل المال الذي شهدوا به قائما كان أو تالفا لأنهم أخرجوه من يد مالكه بغير حق وحالوا بينه وبينه دون من زكاهم فلا غرم على مزك إذا رجع المزكى لأن الحكم تعلق بشهادة الشهود ولا تعلق له بالمزكين لأنهم أخبروا بظاهر حال الشهود وأما باطنه فعلمه إلى الله تعالى .
وإن حكم القاضي بشاهد ويمين ثم رجع الشاهد غرم الشاهد المال كله لأن الشاهد حجة الدعوى ولأن اليمين قول الخصم وإن رجعوا قبل الحكم لغت ولا حكم ولا ضمان وإن رجع شهود قود أو حد بعد حكم وقبل استيفاء لم يستوف وجبت دية قود