باب طريق الحكم وصفته .
طرق كل شئ ما توصل به إليه والحكم فصل الخصومات .
إذا حضر إليه خصمان يسن أن يجلسهما بين يديه و قال : أيكما المدعي لأن سؤاله عن المدعي منهما لا تخصيص فيه لواحد منهما فان سكت القاضي حتى يبدأ بالبناء للمفعول أي حتى تكون البدأة بالكلام من جهتهما جاز له ذلك فمن سبق بالدعوى قدمه الحاكم على خصمه و إن ادعيا معا أقرع بينهما فإذا انتهت حكومته ادعى الآخر إن أراد .
ولا تسمع دعوى مقلوبة ولا حسبة بحق الله تعالى كعبادة وحد وكفارة وتسمع بينة بذلك وبعتق وطلاق من غير دعوى لا بينة بحق معين قبل دعواه .
فإذا حرر المدعي دعواه فللحاكم سؤال خصمه عنها وإن لم يسأل سؤاله .
فان أقر له بدعواه حكم له عليه بسؤاله الحكم لأن الحق للمدعي في الحكم فلا يستوفيه إلا بسؤاله .
وإن أنكر بأن قال المدعي : قرضا أو ثمنا فقال المدعي عليه : ما أقرضني أو ما باعني أو لا يستحق علي ما ادعاه ولا شيئا منه أو لا حق له علي صح الجواب ما لم يعترف بسبب الحق و قال الحاكم للمدعي : إن كان لك بينة فأحضرها إن شئت فإن أحضرها أي البينة لم يسألها الحاكم ولم يلقنها فإذا شهدت سمعها وحرم ترديدها وانتهارها وتعنتها وحكم بها أي بالبينة إذا اتضح له الحكم وسأله المدعي .
ولا يحكم القاضي بعلمه ولو في غير حد لأن تجويز القضاء بعلم القاضي يفضي إلى تهمته وحكمه بما يشتهي .
وإن قال المدعي : مالي بينة أعلمه الحاكم أن له اليمين على خصمه لما روي [ أن رجلين اختصما إلى النبي A حضرمي وكندي فقال الحضرمي : يا رسول الله إن هذا غلبني على أرض لي فقال الكندي : هي أرضي وفي يدي وليس له فيها حق فقال النبي A للحضرمي : ألك بينة ؟ قال : لا قال : فلك يمينه ] وهو حديث حسن صحيح قاله في شرح المنتهى وتكون يمينه على صفة جوابه للمدعي .
فإن سأل المدعي من القاضي إحلافه أحلفه وخلى سبيله بعد تحليفه إياه لأن الأصل براءته ولا يعتد بيمينه أي يمين المدعى عليه قبل أمر الحاكم له و مسألة المدعي تحليفه لأن الحلف في اليمين للمدعي فلا يستوفى إلا بطلبه وإن نكل المدعى عليه عن اليمين قضي عليه بالنكول رواه أحمد عن عثمان Bه فيقول القاضي للمدعى عليه : إن حلفت خليت سبيلك وإلا تحلف قضيت عليك بالنكول فإن لم يحلف قضي عليه بالنكول .
فإن حلف المنكر وخلى الحاكم سبيله ثم إن أحضر المدعي بينة عليه حكم القاضي بها ولم تكن اليمين مزيلة للحق هذا إذا لم يكن قال : لا بينة لي فإن قال ذلك ثم أقامها لم تسمع لأنه مكذب لها