باب نفقة الأقارب والمماليك من الآدميين والبهائم .
تجب النفقة كاملة إذا كان المنفق عليه لا يملك شيئا أو تتمتها إذا كان يملك بعض لأبويه وإن علوا لقوله تعالى : { وبالوالدين إحسانا } ومن الإحسان الإنفاق عليهما .
و تجب النفقة أو تتمتها لولده وإن سفل ذكرا كان أو أنثى لقوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن } حتى ذوي الأرحام منهم أي من آبائه وأمهاته كأجداده المدلين بإناث وجداته الساقطات ومن أولاده كولد البنت سواء حجبه أي الغني معسر فمن له أب وجد معسران وجبت عليه نفقتهما ولو كان محجوبا من الجد بأبيه المعسر أو لا بأن لم يحجبه أحد كمن له جد معسر ولا أب له فعليه نفقة جده لأنه وارثه .
و تجب النفقة أو كمالها لـ كل من يرثه المنفق بفرض كولد لأم أو تعصيب كأخ وعم لغير أم لا لمن يرثه برحم كخال وخالة سوى عمودي نسبه كما سبق سواء ورثه الآخر كأخ للمنفق أو لا كعمة وعتيق وتكون النفقة على من تجب عليه بمعروف لقوله تعالى : { وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } ثم قال : { وعلى الوارث مثل ذلك } فأوجب على الأب نفقة الرضاع ثم أوجب مثل ذلك على الوارث وروى أبو داود أن رجلا سأل النبي A : من أبر ؟ قال : [ أمك وأباك وأختك وأخاك ] - وفي لفظ : - [ ومولاك الذي هو أدناك حقا واجبا ورحما موصولا ] .
ويشترط لوجوب نفقة القريب ثلاثة شروط : .
الأول - أن يكون المنفق وارثا لمن ينفق عليه وتقدمت الإشارة إليه .
الثاني - فقر المنفق عليه وقد أشار إليه بقوله : مع فقر من تجب له النفقة وعجزه عن تكسب لأن النفقة إنما تجب على سبيل المواساة والغني بملكه أو قدرته على التكسب مستغن عن المواساة ولا يعتبر نقصه فتجب لصحيح مكلف لا حرفة له .
الثالث - غنى المنفق وإليه الإشارة بقوله : إذا فضل ما ينفقه عليه عن قوت نفسه وزوجته ورقيقه يومه وليلته و عن كسوة وسكنى لنفسه وزوجته ورقيقه من حاصل في يده أو متحصل من صناعة أو تجارة أو أجرة عقار أو ريع وقف ونحوه لحديث جابر مرفوعا : [ إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه فإن كان فضل فعلى عياله فإن كان فضل فعلى قرابته ] .
ولا تجب نفقة القريب من رأس مال لتجارة و لا من ثمن ملك و لا من آلة صنعة لحصول الضرر بوجوب الإنفاق من ذلك ومن قدر يكتسب أجبر لنفقة قريبه .
ومن له وارث غير أب واحتاج للنفقة فنفقنه عليهم أي على وراثه على قدر إرثهم منه لأن الله تعالى رتب النفقة على الإرث بقوله : { وعلى الوارث مثل ذلك } فوجب أن يترتب مقدار النفقة على مقدار الإرث ف من له أم وجد على الأم من النفقة ثلث والثلثان على الجد لأنه لو مات لورثاه كذلك .
و من له جدة وأخ لغير أم على الجدة السدس والباقي على الأخ لأنهما يرثانه كذلك والأب ينفرد بنفقة ولده لقوله A لهند : [ خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ] ومن له ابن فقير وأخ موسر فلا نفقة له عليهما أما ابنه فلفقره وأما الأخ فلحجبه بالابن .
ومن احتاج للنفقة و أمه فقيرة وجدته موسرة فنفته على الجدة ليسارها ولا يمنع ذلك حجبها بالأم لعدم اشتراط الميراث في عمودي النسب كما تقدم .
ومن عليه نفقة زيد مثلا لكونه ابنه أو أباه أو أخاه ونحوه فعليه نفقة زوجته لأن ذلك من حاجة الفقير لدعاء ضرورته إليه ك نفقة ظئر من تجب نفقته فيجب الإنفاق عليها لحولين كاملين لقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف } إلى قوله : { وعلى الوارث مثل ذلك } والوارث إنما يكون بعد موت الأب .
ولا نفقة بقرابة مع اختلاف دين ولو من عمودي نسبه لعدم التوارث إذا إلا بالولاء فتلزم النفقة المسلم لعتيقه الكافر وعكسه لإرثه منه .
و يجب على الأب أن يسترضع لولده إذا عدمت أمه أو امتنعت لقوله تعالى : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } أي فاسترضعوا له أخرى ويؤدي الأجرة لذلك لأنها في الحقيقة نفقة لتولد اللبن من غذائها .
ولا يمنع الأب أمه إرضاعه أي إرضاع ولدها لقوله تعالى : { والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين } وله منعها من خدمته لأنه يفوت حق الاستمتاع في بعض الأحيان .
ولا يلزمها أي لا يلزم الزوجة إرضاع ولدها دنيئة كانت أو شريفة لقوله تعالى : { وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى } إلا ضرورة كخوف تلفه أي تلف الرضيع بأن لم يقبل ثدي غيرها ونحوه لأنه إنقاذ من هلكة .
ويلزم أم ولد إرضاع ولدها مطلقا فإن عتقت فكبائن .
ولها أي للمرضعة طلب أجرة المثل لرضاع ولدها ولو أرضعه غيرها مجانا لأنها أشفق من غيرها ولبنها أمرأ بائنا كانت أم الرضيع في الأحوال المذكورة أو تحته أي زوجة لأبيه لعموم قوله تعالى : { فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن } .
وإن تزوجت المرضعة آخر فله أي للثاني منعها من إرضاع ولد الأول ما لم تكن اشترطته في العقد أو يضطر إليها بأن لم يقبل ثدي غيرها أو لم يوجد غيرها لتعينه عليها إذا لما تقدم