باب الغصب .
مصدر غصب يغصب - بكسر الصاد - وهو لغة : أخذ الشئ ظلما .
واصطلاحا : الاستيلاء عرفا : على حق غيره مالا كان أو اختصاصا قهرا بغير حق فخرج بقيد القهر : المسروق والمنتهب والمختلس وبغير حق : استيلاء الولي على مال الصغير ونحوه والحاكم على مال المفلس .
وهو محرم لقوله تعالى : { ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل } .
من عقار - بفتح العين - : الضيعة والنخل والأرض قاله أبو السعادات ومنقول من أثاث وحيوان ولو أم ولد لكن لا تثبت اليد على بضع فيصح تزويجها ولا يضمن نفعه ولو دخل دارا قهرا وأخرج ربها فغاصب وإن أخرجه قهرا ولم يدخل أو دخل مع حضور ربها وقوته فلا وإن دخل قهرا ولم يخرجه فقد غصب ما استولى عليه وإن لم يرد الغصب فلا وإن دخلها قهرا في غيبة ربها فغاصب ولو كانا فيها قماشه ذكره في المبدع .
وان غصب كلبا يقتنى ككلب صيد وماشية وزرع أو غصب خمر ذمي مستورة ردهما لأن الكلب يجوز الانتفاع به واقتناؤه وخمر الذمي يقر على شربها وهي مال عنده .
ولا يلزم أن يرد جلد ميتة غصب ولو بعد الدبغ لأنه لا يطهر بدبغ وقال الحارثي : يرده حيث قلنا : يباح الانتفاع به في اليابسات قال في تصحيح الفروع : وهو الصواب .
وإتلاف الثلاثة أي الكلب والخمر المحرمة وجلد المية هدر سواء كان المتلف مسلما أو ذميا لأنه ليس لها عوض شرعي لأنه لا يجوز بيعها .
وإن استولى على حر كبير أو صغير لم يضمنه لأنه ليس بمال وإن استعمله كرها فعليه أجرته لأنه استوفى منافعه وهي متقومة أو حبسه مدة لمثلها أجرة فعليه أجرته لأنه فوت منفعته وهي مال يجوز أخذ العوض عنها وإن منعه العمل من غير غصب أو حبس لم يضمن منافعه .
ويلزم غاصبا رد المغصوب إن كان باقيا وقدر على رده لقوله A : [ لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لا لاعبا و لا جادا ومن أخذ عصا أخيه فليردها ] رواه أبو داود .
وإن زاد لزمه رده بزيادته متصلة كانت أو منفصلة لأنها من نماء المغصوب وهو لمالكه فلزمه رده كالأصل وإن غرم على رد المغصوب أضعافه لكونه بنى عليه أو بعد و نحوه .
وإن بنى في الأرض المغصوبة أو غرس لزمه القلع إذا طالبه المالك بذلك لقوله A : [ ليس لعرق ظالم حق ] و لزمه أرش نقصها أي نقض الأرض وتسويتها لأنه ضرر حصل بفعله والأجرة أي أجرة مثلها إلى وقت التسليم وإن بذل ربها قيمة الغراس والبناء ليملكه لم يلزم الغاصب قبوله وله قلعها وإن زرعها وردها بعد أخذ الزرع فهو للغاصب وعليه أجرتها وإن كان الزرع قائما فيها خير ربها بين تركه إلى الحصاد بأجرة مثله وبين أخذه بنفقته وهي مثل بذره وعوض لواحقه .
ولو غصب جارحا أو عبدا أو فرشا فحصل بذلك الجارح أو العبد أو الفرس صيد فلمالكه أي مالك الجارح ونحوه لأنه بسبب ملكه فكان له .
وكذا لو غصب شبكة أو شركا وصاد به ولا أجرة لذلك وكذا لو كسب العبد .
بخلاف ما لو غصب منجلا وقطع به شجرا أو حشيشا فهو للغاصب لأنه آلة فهو كالحبل يربط به .
وإن ضرب المصوغ المغصوب ونسج الغزل وقصر الثوب أو صبغه ونجر الخشبة بابا ونحوه أو صار الحب زرعا و صارت البيضة فرخا و صار النوى غرسا رده وأرش نقصه إن نقص ولا شئ للغاصب نظير عمله ولو زاد به المغصوب لأنه تبرع في ملك غيره وللمالك إجباره على إعادة ما أمكن رده إلى الحالة الأولى كحلي ودراهم ونحوها ويلزمه أي الغاصب ضمان نقصه أي المغصوب ولو بنبات لحية أمرد فيغرم ما نقص من قيمته وإن جني عليه ضمنه بأكثر الأمرين ما نقص من قيمته وأرش الجناية لأن سبب كل واحد منهما قد وجد فوجب أن يضمنه بأكثرهما .
وإن خص الرقيق رده مع قيمته لأن الخصيتين يجب فيهما كمال القيمة كما يجب فيهما كمال الدية من الحر وكذا لو قطع منه ما فيه دية كيديه أو ذكره أو أنفه وما نقص بسعر لم يضمن لأنه رد العين بحالها لم ينقص منها عين ولا صفة فلم يلزمه شئ .
ولا يضمن نقصا حصل بمرض إذا عاد إلى حاله ببرئه من المرض لزوال موجب الضمان وكذا لو انقلع سنه ثم عاد فإن رد المغصوب معيبا وزال عيبه في يد مالكه وكان أخذ الأرش لم يلزمه رده لأنه استقر ضمانه برد المغصوب وإن لم يأخذه لم يسقط ضمانه لذلك .
وإن عاد النقص بتعليم صنعة كما لو غصب عبدا سمينا قيمته مائة فهزل فصار يساوي تسعين وتعلم صنعة فزادت قيمته بها عشرة ضمن النقص لأن الزيادة الثانية غير الأولى .
وإن تعلم صنعة زادت بها قيمته عند الغاصب أو سمن عنده فزات قيمته ثم نسي الصنعة أو هزل فنقصت قيمته ضمن الزيادة لأنها زيادة في نفس المغصوب فلزم الغاصب ضمانها كما لو طالبه بردها فلم يفعل و كما لو عادت من غير جنس الأول بأن غصب عبدا فسمن وصار يساوي مائة ثم هزل فصار يساوي تسعين فتعلم صنعة فصار يساوي مائة ضمن نقص الهزال لأن الزيادة الثانية غير الأولى و إن كانت الزيادة الثانية من جنسها أي من جنس الزيادة الأولى كما لو نسي صنعة ثم تعلمها ولو صنعة بدل صنعة لا يضمن لأن ما ذهب عاد فهو كما لو مرض ثم برئ إلا أكثرهما يعني إذا نسي صنعة وتعلم أخرى وكانت الأولى أكثر ضمن الفضل بينهما لفواته وعدم عوده وان جنى المغصوب فعلى غاصبه أرش جنايته