فصل .
ويشترط في العين المؤجرة خمسة شروط : .
أحدها : معرفتها برؤية أو صفة إن انضبطت بالوصف ولهذا قال : في غير الدار ونحوها مما لا يصح فيه السلم فلو استأجر حماما فلا بد من رؤيته لأن الغرض يختلف بالصغر والكبر ومعرفة مائه ومشاهدة الإيوان ومطرح الرماد ومصرف الماء وكره أحمد كراء الحمام لأنه يدخله من تنكشف عورته فيه .
و الشرط الثاني : أن يعقد على نفعها المستوفي دون أجزائها لأن الإجارة هي بيع المنافع فلا تدخل الأجزاء فيها فلا تصح إجارة الطعام للأكل ولا الشمع ليشعله ولو أكرى شمعة ليشعل منها ويرد بقيتها وثمن ما ذهب وأجر الباقي فهو فاسد ولا حيوان ليأخذ لبنه أو صوفه أو شعره أو وبره إلا في الظئر فيجوز وتقدم و ونقع البئر أي ماؤها المستنقع فيها وماء الأرض يدخلان تبعا كحبر ناسخ وخيوط خياط وكحل كحال ومرهم طبيب ونحوه .
و الشرط الثالث : القدرة على التسليم كالبيع فلا تصح إجارة العبد الآبق و الجمل الشارد والطير في الهواء و لا المغصوب ممن لا يقدر على أخذه و لا إجارة المشاع مفردا لغير الشريك ولا يؤجر مسلم لذمي ليخدمه وتصح لغيرها .
و الشرط الرابع : اشتمال العين على المنفعة فلا تصح إجارة بهيمة زمنة لحمل ولا أرض لا تنبت للزرع لأن الإجارة عقد على المنفعة ولا يمكن تسليم هذه المنفعه من هذه العين .
و الشرط الخامس : أن تكون المنفعة مملوكة للمؤجر أو مأذونا له فيها فلو تصرف فيما لا يملكه بغير إذن مالكه لم يصح كبيعه .
وتجوز إجارة العين المؤجرة بعد قبضها إذا أجرها المستأجر لمن يقوم مقامه في الانتفاع أو دونه لأن المنفعة لما كانت مملوكة له جاز له أن يستوفيها بنفسه ونائبه لا بأكثر منه ضررا لأنه لا يملك أن يستوفيه بنفسه فبنائبه أولى وليس للمستعير أن يؤجر إلا بإذن مالك والأجرة له .
وتصح إجارة الوقف لأن منافعه مملوكة للموقوف عليه فجاز له إجارتها كالمستأجر فإن مات المؤجر فانتقل الوقف إلى من بعده لم تنفسخ لأنه أجر ملكه في زمن ولايته فلم تبطل بموته كمالك الطلق وللثاني حصته من الأجرة من حين موت الأول فإن كان قبضها رجع في تركته بحصته لأنه تبين عدم استحقاقه لها فإن تعذر أخذها فظاهر كلامهم أنها تسقط قاله في المبدع وإن لم تقبض فمن مستأجر وقدم في التنقيح أنها تنفسخ إن كان المؤجر الموقوف عليه بأصل الاستحقاق .
وكذا حكم مقطع أجر إقطاعه ثم أقطع لغيره .
وإن أجر الناظر العام أو من شرط له وكان أجنبيا لم تنفسخ الإجارة بموته ولا بعزله .
وإن أجر الولي اليتيم أو ماله أو السيد العبد ثم بلغ الصبي ورشد وعتق العبد أو مات الولي أو عزل لم تنفسخ الإجارة إلا أن يؤجره مدة يعلم بلوغه أو عتقه فيها فتنفسخ من حينها .
وان أجر الدار ونحوها كالأرض في مدة معلومة ولو طويلة يغلب على الظن بقاء العين فيها صح ولو ظن عدم العاقد فيها ولا فرق بين الوقف والملك لأن المعتبر كون المستأجر يمكنه استيفاء المنفعة منها غالبا وليس لوكيل مطلق إجارة مدة طويلة بل العرف كسنتين ونحوهما قاله الشيخ تقي الدين .
ولا يشترط أن تلي المدة العقد فلو أجره سنة خمس في سنة أربع صح ولو كانت العين مؤجرة أو مرهونة حال العقد إن قدر على تسليمها عند وجوبه .
وإن استأجرها أي العين لعمل كدابة لركوب إلى موضع معين او بقر لحرث أرض معلومة بالمشاهدة لاختلافها بالصلابة والرخاوة أو دياس زرع معين أو موصوف لأنها منفعة مباحة مقصودة أو استأجر من يدله على طريق اشترط معرفة ذلك العمل وضبطه بما لا يختلف لأن العمل هو المعقود عليه فاشترط فيه العلم كالمبيع .
ولا تصح الإجارة على عمل يختص أن يكون فاعله من أهل القرية أي مسلما كالحج والأذان وتعليم القرآن لأن من شرط هذه الأفعال كونها قربة إلى الله تعالى فلم يجز أخذ الأجرة عليها كما لو استأجر قوما يصلون خلفه ويجوز رزق أخذ على ذلك من بيت المال وجعالة وأخذ بلا شرط .
ويكره للحر أكل أجرة على حجامة ويطعمه الرقيق والبهائم .
و يجب على المؤجر كل ما يتمكن به المستأجر من النفع كزمام الجمل وهو الذي يقوده به ورحله وحزامه - بكسر الحاء المهملة - والشد عليه أي على الحل وشد الأحمال والمحامل والرفع والحط ولزوم البعير لينزل المستأجر لصلاة فرض وقضاء حاجة إنسان وطهارة ويدع البعير واقفا حتى يقضي ذلك .
ومفاتيح الدار على المؤجر لأن عليه التمكين من الانتفاع وبه يحصل وهي أمانة في يد المستأجر .
و على المؤجر أيضا عمارتها فلو سقط حائط أو خشبة فعليه إعادته .
فأما تفريغ البالوعة والكنيف وما في الدار من زبل أو قمامة ومصارف حمام فيلزم المستأجر إذا تسلمها فارغة من ذلك لأنه حصل بفعله فكان عليه تنظيفه .
ويصح كراء العقبة بأن يركب في بعض الطريق ويمشي في بعض مع العلم به أما بالفراسخ أو الزمان .
وإن استأجر اثنان جمل يتعاقبان عليه صح وإن اختلفا في البادئ منهما أقرع بينهما في الأصح قاله في المبدع