كتاب السلم .
السلم : أن يسلم عينا حاضرة في عوض موصوف في الذمة إلى أجل وهو نوع من البيع ينعقد بلفظ البيع والسلف وتعتبره في شروط البيع ويزيد بشروط ستة : .
أحدهما : أن يكون مما ينضبط بالصفات التي يختلف الثمن باختلافها ظاهرا لأنه بيع بالصفة فيشترط إمكان ضبطها فيصح السلم في المكيل والموزون والمزروع لما روى ابن عباس عن رسول الله أنه قدم المدينة وهم يسلفون الثمار السنتين والثلاث فقال : [ من أسلف فليسلف في كيل معلوم أو وزن معلوم إلى أجل معلوم ] متفق عليه وقال عبد الله بن أبي أوفى وعبد الرحمن بن أبزى : كنا نصيب المغانم مع رسول الله A فكان يأتينا أنباط من أنباط الشام فنسلفهم في الحنطة والشعير والزبيب فقيل : أكان لهم زرع أم لم يكن ؟ قال : ما كنا نسألهم عن ذلك رواه البخاري فثبت جواز السلم في ذلك بالخبر وقسنا عليه ما يضبط بالصفة لأنه في معناه ويصح في الخبر واللبأ والشواء لأن عمل النار فيه معتاد ممكن ضبطه بالنشافة والرطوبة فصح السلف فيه كالمجفف بالشمس وقال القاضي : لا يصح الشواء واللحم المطبوخ لأن عمل النار فيه فيختلف فلا ينضبط .
فصل : .
ولا يصح فيما لا ينضبط كالجوهر واللؤلؤ والزبرجد والياقوت والعقيق ونحوها لأنها تختلف اختلافا متباينا بالكبر والصغر وحسن التدوير وزيادة ضوئها ولا يمكن تقديرها ببيض العصفور ونحوه لأنها تختلف وفي الحوامل من الحيوان والشاة اللبون والأواني المختلفة الرؤوس والأوساط وجهان : .
أحدهما : لا يصح أن يسلم فيه لأن الصفة لا تأتي عليه والولد واللبن مجهول .
والثاني : يصح لأن الحمل واللبن لا حكم لهما مع الأم بدليل البيع والأواني يمكن ضبطها بسعة رأسها وأسفلها وعلو حائطها فهي كالأواني المربعة وما فيه خلط من غيره ينقسم أربعة أقسام : .
أحدها : ما خلطه لمصلحته وهو غير مقصود في نفسه كالإنفحة في الجبن والملح في الخبز والشيرج والماء في خل التمر فيصح السلم فيه لأنه يسير للمصلحة .
الثاني : أخلاط متميزة مقصود كثوب منسوج من شيئين فيصح السلم فيه لأن ضبطه ممكن وفي معناه النبل والنشاب .
وقال القاضي : لا يصح السلم فيهما لأن فيه أخلاطا ويختلف طرفاه ووسطه فأشبه القسي والأول أصح لأن أخلاطه متميزة ممكن ضبطها والاختلاف فيه يسير معلوم بالعادة فهو كالثياب من جنسين بخلاف القسي .
الثالث : المغشوش كاللبن المشوب والحنطة فيها الزوان فلا يصح السلم فيه لأن غشه يمنع العلم المقصود فيه فيكون فيه غرر .
الرابع : أخلاط مقصودة غير متميزة كالغالية والند والمعاجين فلا يصح السلم فيه لأن الصفة لا تأتي عليه وفي معناه القسي المشتملة على الخشب والقرن والقصب والغزل والتوز فلا يصح السلم فيها للعجز عن مقادير ذلك وتميز ما فيه منها وفيه وجه آخر أنه يصح السلم فيها كالثياب .
فصل : .
وفي الحيوان روايتان : .
أظهرها : صحة السلم فيه لأن أبا رافع قال : [ استلف النبي A من رجل بكرا ] رواه مسلم ولأنه يثبت في الذمة صداقا فصح السلم فيه كالثياب .
الثانية : لا يصح لأنه يختلف اختلافا متباينا مع ذكر أوصافه الظاهرة فربما تساوى العبدان في الصفات المعتبرة وأحدهما يساوي أمثال صاحبه وإن استقصى صفاته كلها تعذر تسليمه وفي المعدود من الجوز والبيض والبطيخ والرمان والبقل ونحوه روايتان : .
إحداهما : لا يصح لذلك .
والثانية : يصح لأن التفاوت يسير ويمكن ضبطه بعضه بالصغر والكبر وبعضه بالوزن وفي الرؤوس والأطراف و الجلود من الخلاف مثل ما ذكرنا فيما قبله .
فصل : .
الشرط الثاني : معرفة قدره بالكيل إن كان مكيلا وبالوزن إن كان موزونا وبالذرع إن كان مذروعا لحديث ابن عباس لأنه عوض غير مشاهد يثبت في الذمة فاشترط معرفة قدره كالثمن ويجب أن يكون ما يقدر به معلوما عند العامة فإن قدره بإناء أو صنجة بعينها غير معلومة لم يصح لأنه قد يهلك فيجعل قدره وهذا غرر لا يحتاج العقد إليه وإن أسلم في المكيل وزنا وفي الموزون كيلا فعنه : لا يصح لأته مبيع اشترط معرفة قدره فلم يجز بغير ما هو مقدر كالربويات وعنه : ما يدل على الجواز لأنه يخرجه عن الجهالة وهو الغرض ولا بد من تقدير المذروع بالذرع فأما المعدود فيقدر بالعدد وقيل بالوزن لأنه يتباين والأولى أولى لأنه يقدر به عنده العامة والتفاوت يسير ويضبط بالصغر والكبر ولهذا لا تقع القيمة بين الجوزتين والبيضتين فإن كان يتفاوت كثيرا كالرمان والبطيخ والسفرجل والبقول قدره بالوزن لأنه أضبط لكثرة تفاوته وتباينه ولا يمكن ضبطه بالكيل لتجافيه في المكيال ولا بالحزم لأنه يختلف ويمكن حزم الكبير والصغير فتعين بالوزن لتقديره .
فصل : .
الشرط الثالث : أن يجعلا له أجلا معلوما فإن أسلم حالا لم يصح لحديث ابن عباس ولأن السلم إنما جاز رخصته للمرافق ولا يحصل المرفق إلا بالأجل فلا يصح بدونه كالكتابة فإن كان بلفظ البيع صح حالا قال القاضي : ويجوز التفرق قبل قبض رأس المال لأنه بيع ويحتمل أن لا يجوز لأنه بيع دين بدين ويشترط في الأجل ثلاث أمور : .
أحدها : كونه معلوما لقوله تعالى { إلى أجل مسمى } وللخبر فإن جعله إلى المحرم أو يوم منه أو عيد الفطر ونحوها جاز لقول الله تعالى { يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس } وإن قدره بغير ذلك مما يعرفه الناس ككانون وعيد للكفار يعرفه المسلمون جاز لأنه معلوم لا يختلف وقال ابن أبي موسى : لا يصح لأنه لا يعرفه كثير من الناس وإن كان مما لا يعرفه المسلمون كالشعانين وعيد الفطر لم يصح وجها واحدا لأن المسلمين لا يعرفونه ولا يجوز تقليد أهل الذمة فبقي مجهولا وإن جعلا الأجل إلى مدة معلومة كشهر معين تعلق بأولها ولو قال : محله في رمضان فكذلك لأنه لو قال لزوجته : أنت طالق في رمضان طلقت في أوله ولو احتمل غير الأول لم يقع الطلاق بالشك وإن جعله اسما يتناول شيئين كربيع تعلق بأولها كما لو علقه بشهر وإن قال : ثلاثة أشهر انصرف إلى الهلالية لأنها الشهور في لسان الشرع فإن كان في أثناء شهر كمل بالعدد ثلاثين والباقي بأهله الأمر الثاني : أن يكون مما لا يختلف فإن جعله إلى الحصاد والجذاذ والموسم لم يصح لأن ابن عباس قال : لا تتبايعوا إلى الحصاد والدياس ولا تتبايعوا إلا إلى شهر معلوم ولأن ذلك يختلف ويقرب ويبعد فلم يجز جعله أجلا كقدوم زيد وعنه : أنه قال أرجو أن لا يكون به بأس لأن ابن عمر كان يبتاع إلى العطاء ولأنه لا يتفاوت تفاوتا كثيرا فإن أسلم إلى العطاء يريد به وقته وكان معلوما جاز وإن أراد نفس العطاء لم يصح لأنه يختلف .
الأمر الثالث : أن تكون مدة لها وقع في الثمن كالشهر ونصفه ونحوه فأما اليوم ونحوه فلا يصح التأجيل به لأن الأجل إنما اعتبر ليتحقق المرفق ولا يتحقق إلا بمدة طويلة فإن أسلم في جنس إلى أجلين أو آجال مثل أن يسلم في خبز أو لحم يأخذ كل يوم أرطالا معلومة جاز لأنه كل بيع جاز إلى أجل جاز إلى آجال كبيوع الأعيان ويجوز أن يسلم في جنسين إلى أجل واحد كما ذكرنا .
فصل : .
الشرط الرابع : أن يكون المسلم فيه عام الوجود في محله مأمون الانقطاع فيه لأن القدر على التسليم شرط ولا تتحقق إلا بذلك فلو أسلم في العنب إلى شباط لم يصح لأنه لا يوجد فيه إلا نادرا ولا يصح السلم في ثمرة بستان بعينه ولا قرية صغيرة لما روي أن زيد بن سعنة أسلف النبي A ثمانين دينارا في تمر مكيل مسمى من تمر حائط بني فلان فقال النبي A : [ أما من حائط بني فلان فلا ولكن كيل مسمى إلى أجل مسمى ] رواه ابن ماجة ولأنه لا يؤمن تلفه فلم يصح كما لو قدره بمكيال معين ولا يصح السلم في عين لذلك ولأن الأعيان لا تثبت في الذمة .
فصل : .
الشرط الخامس : أن يضبط بصفاته التي يختلف الثمن بها ظاهرا فيذكر الجنس والنوع والجودة والرداء والكبر والصغر والطول والقصر والعرض والسمك والنعومة والخشونة واللين والصلابة والرقة والصفاقة والذكورية والأنوثية والسن والبكارة والثيوبة واللون والبلد والرطوبة واليبوسة ونحو ذلك مما يقبل هذه الصفات ويختلف بها ويرجع فيما لا يعلم منها تفسير أهل الخبرة فإن شرط الأجود منها لم يصح لأنه يتعذر عليه الوصول إليه فإن وصل إليه كان نادرا وإن شرط الأردأ ففيه وجهان : .
أحدهما : لا يصح لذلك .
والثاني : يصح لأنه يمكنه تسليم السلم أو خير منه من جنسه فيلزم المسلم قبوله وإن أسلم في جارية وابنتها لم يصح لأنه يتعذر وجودهما على ما وصف وإن استقصى صفات السلم بحيث يتعذر وجوده لم يصح لأنه يعجز تسليمه .
فصل : .
الشرط السادس : أن يقبض رأس ماله السلم في مجلس العقد قبل تفرقهما لقول النبي A [ من أسلف فليسلف في كيل معلوم ] والإسلاف : التقديم ولأنه إنما سمي سلما وسلفا لما فيه من تقديم رأس المال فإذا تأخر لم يكن سلما فلم يصح ولأنه يصير بيع دين بدين فإن تفرقا قبل قبضه بطل وإن تفرقا قبل قبض بعضه بطل فيما لم يقبض وفي المقبوض وجهان بناء على تفريق الصفقة ويجوز أن يكون في الذمة ثم يعينه في المجلس ويسلمه ويجب أن يكون معلوما كالثمن في البيع فإن كان معينا فظاهر كلام الخرقي أنه يكتفي برؤيته لأنه عوض معين أشبه ثمن المبيع وقال القاضي : لا بد من وصفه لقول أحمد : ويصف الثمن ولأنه عقد لا يمكن إتمامه وتسليم المعقود عليه في الحال ولا يؤمن انفساخه فوجب معرفة رأس المال بالصفات ليرد بدله كالقرض في الشركة فعلى هذا لا يجوز أن يكون رأس المال إلا ما يجوز أن يكون مسلما فيه لأنه يعتبر ضبط صفاته فأشبه المسلم فيه .
فصل : .
وكل مالين جاز النساء بينهما جاز إسلام أحدهما في الآخر وما لا فلا فعلى قولنا يجوز النساء في العروض يصح إسلام عرض في عرض وفي ثمن فإن أسلم عرضا في آخر بصفته فجاءه به عند المحل ففيه وجهان : .
أحدهما : يلزمه قبوله لأنه أتاه بالمسلم فيه على صفته فلزمه قبوله كغيره .
والثاني : لا يلزمه قبوله لأنه يفضي إلى كون الثمن هو المثمن وإن أسلم صغيرا في كبير فحل السلم وقد صار الصغير على صفته الكبير فعلى الوجهين .
فصل : .
ولا يشترط وجود المسلم فيه قبل المحل لا حين العقد ولا بعده لأن النبي A قدم المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين فلم ينههم عنه وفي الثمار ما ينقطع قي أثناء السنة فلو حرم لبينه ولأنه يثبت في الذمة ويوجد عند المحل فصح السلم فيه كالموجود في جميع المدة .
فصل : .
ولا يشترط ذكر مكان الإيفاء لأن النبي A لم يذكر في حديث ابن عباس ولا في حديث زيد بن سعنة ولأنه عقد معاوضة أشبه البيع ويكون الإفاء في مكان العقد كالبيع فإن كان السلم موضع لا يمكن الوفاء فيه كالبرية تعين ذكر مكان الإفاء ولأنه لا بد من مكان ولا قرينة تعين فوجب تعينه بالقول وإن كان في موضع يمكن الوفاء فيه فشرطه كان تأكيدا وإن شرط مكانا سواه ففيه روايتان : .
إحداهما : لا يصح لأنه ينافي مقتضى العقد .
والثانية : يصح لأنه عقد بيع فصح شرط مكان الإفاء فيه كالبيع وبهذا ينتقض دليل الأولى .
فصل : .
ويجب تسليم السلم عند المحل على أقل ما وصف به سليما من العيوب والغش فإن كان في البر قليل من تراب أو دقيق تبن لا يأخذ حظا من الكيل وجب قبوله لأنه دون حقه وإن أحضره بصفته وجب قبوله وإن تضمن ضررا لأنه حقه فوجب قبوله كالوديعة فإن امتنع دفعه إلى الحاكم وبرئ لذلك فإن كان أجود من حقه في الصفة لزم قبوله لأنه زاده خيرا وإن طلب عن الزيادة عوضا لم يجز لأنها صفة ولا يجوز إفراد الصفات بالبيع وإن جاءه بأردأ من حقه لم يجب قبوله وجاز أخذه وإن أعطاه عوضا عن الجودة الفائتة لم يجز لذلك ولأنه بيع جزء من السلم قبل قبضه وإن أعطاه غير المسلم فيه لم يجز أخذه لأن النبي A قال : [ من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره ] رواه أبو داود ولأنه بيع للسلم قبل قبضه فلم يجز كما لو أخذ عنه ثمنا وقال ابن أبي موسى فيه رواية أخرى فيمن أسلم في بر فرضي مكنه شعيرا مثل كيله : جاز ولعل هذا بناء على رواية كون البر والشعير جنسا والصحيح غيرها وإن أعطاه غير نوع السلم جاز قبوله ولا يلزم .
وقال القاضي : يلزم قبوله إذا لم يكن أدنى من النوع الذي شرطه لأنه من جنسه فأشبه الزائد في الصفة من نوع واحد والأول أصح لأنه لم يأتي بالشروط فلم يلزمه قبوله كالأدنى بخلاف الزائد في الصفة فإنه أحضر المشروط مع زيادة ولأن أحد النوعين يصلح لما لا يصلح له الآخر بخلاف الصفة .
فصل : .
فإن أحضره قبل محله أو في مكان الوفاء فاتفقا على أخذه جاز إن أعطاه عوضا عن ذلك أو نقصه من السلم لم يجز لأنه بيع الأجل والحمل وإن عرضه عليه فأبى أخذه لغرض صحيح مثل أن تلزمه مؤنة لحفظه أو حمله أو عليه مشقة أو يخاف تلفه أو أخذه منه لم يلزمه أخذه وإن أباه لغير غرض صحيح لزمه لأنه زاد خيرا فإن امتنع رفع الأمر إلى الحاكم ليأخذه لما روي أن نسا كاتب عبدا له على مال فجاءه به قبل الأجل فأبى أن يأخذه فأتى عمر Bه فأخذه منه قال : اذهب فقد عتقت ولأنه زاده خيرا .
فصل : .
وإذا قبضه بما قدره به من كيل أو غيره برئ صاحبه وإن قبضه جزافا قدره فأخذ قدره حقه ورد الفضل أو طالب بتمام حقه إن كان ناقصا وهل له التصرف في قدر حقه قبل تقديره ؟ على وجهين : .
أحدهما : له ذلك لأنه قدر حقه وقد أخذه ودخل في ضمانه .
والثاني : ليس له ذلك لأنه لم يقبضه القبض المعتبر وإن اختلفا في القبض فالقول قول المسلم لأنه منكر وإن اختلفا في حلول الأجل فالقول قول المسلم إليه لأنه منكر .
فصل : .
وإن تعذر تسليم السلم عند المحل فللمسلم الخيار بين أن يصبر إلى أن يوجد وبين فسخ العقد والرجوع برأس ماله إن كان موجودا أو مثله إن كان مثليا أو قيمته إن يكن مثليا وقيل : ينفسخ العقد بالتعذر لأن المسلم في ثمرة هذا العام وقد هلكت فانفسخ العقد كما لو اشترى قفيزا من صبرة فهلكت والأول أصح لأن السلم في الذمة لا في عين وإنما لزمه الدفع من ثمرة هذا العام لتمكنه من دفع الواجب منها فإن تعذر البعض فله الخيرة بين الصبر بالباقي وبين الفسخ في الجمع وله أخذ الموجود والفسخ في الباقي في أصح الوجهين لأنه فسخ في بعض المعقود عليه أشبه البيع وفي الآخر : لا يجوز لأن السلم يقل فيه الثمن لأجل التأجيل فإذا فسخ في البعض بقي البعض بالباقي من المثمن وبمنفعة الجزء الذي فسخ فيه فلم يجز كما لو شرطه في ابتداء العقد وتجوز الإقالة في السلم كله إجماعا وتجوز في بعضه لأن الإقالة معروف جاز في الكل فجاز في البعض كالإبراء .
وعنه : لا يجوز لما ذكرنا في الفسخ والأول أصح لأن باقي الثمن يستحق باقي العوض وإذا فسخ العقد رجع بالثمن أو ببدله إن كان معدوما وليس له صرفه في عقد آخر قبل قبضه لقول النبي A : [ من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره ] .
وقال القاضي : يجوز أخذ العوض عنه لأنه عوض مستقر في الذمة فأشبه القرض فعلى هذا يصير حكمه حكم القرض على ما سيأتي .
فصل : .
ولا يجوز بيع السلم قبل قبضه [ لأن النبي A نهى عن بيع الطعام قبل قبضه وعن بيع ما لم يضمن ] رواه الترمذي وقال : حديث حسن صحيح ولفظه : لا يحل ولأنه مبيع لم يدخل في ضمانه فلم يجز بيعه كالطعام قبل قبضه ولا يجوز التولية فيه ولا الشركة ن لما ذكرنا في الطعام ولا الحوالة به لأنها إنما تجوز بدين مستقر والسلم بعوض الفسخ ولا تجوز الحوالة على من عليه سلم لأنها معاوضة بالسلم قبل قبضه ولا يجوز بيع السلم من بائعه قبل قبضه لقول النبي A : [ من أسلم من شيء فلا يصرفه إلى غيره ] ولأنه بيع للمسلم فيه فلم يجز كبيعه من غيره .
فصل : .
وإذا قبضه فوجده مبيعا فله رده وطلب حقه لأن العقد يقتضي السلامة وقد أخذ المعيب عما في الذمة فإذا رده رجع إلى ما في الذمة وإن حدث فيه عيب عنده فهو كما لو حدث العيب في المبيع بعد قبضه على ما مضى