باب حكم الركاز .
وهو مال الكفار المدفون في الأرض وفيه الخمس لما روى أبو هريرة عن رسول الله A : أنه قال : [ وفي الركاز الخمس ] متفق عليه ولأنه مال كافر مظهور عليه بالإسلام فوجب فيه الخمس كالغنيمة ويجب الخمس في قليله و كثيره من أي نوع كان من غير حول لذلك ويجب على كل واجد له من أهل الزكاة وغيرهم لذلك ومصرفه مصرف الفيء لذلك ولأنه روي عن عمر Bه أنه رد بعض خمس الركاز على واجده ولا يجوز ذلك في الزكاة .
وعنه : أنه زكاة مصرفه مصرفها اختارها الخرقي لأن عليا Bه أمر واجد الزكاة أن يتصدق به على المساكين ولأنه حق يتعلق بمستفاد من الأرض فأشبه صدقة المعدن والعشر وفي جوازه رده على واجده وجهان لما ذكرنا من الروايتين ويجوز لواجد أن يفرق الخمس بنفسه نص عليه واحتج بحديث علي ولأنه أوصل الحق إلى مستحقه فبرئ منه كما لو فرق الزكاة .
فصل : .
و الركاز : ما دفنه الجاهلية ويعتبر ذلك برؤية علاماتهم عليه كأسماء ملوكهم وصورهم وصلبهم لأن الأصل أنه لهم فأما ما عليه علامات المسلمين كأسمائهم أو قرآن ونحوه فهو لقطة لأنه ملك مسلم لم يعلم زواله عنه وكذلك إن كان على بعضه علامة الإسلام وعلى بعضه علامة الكفار لأن الظاهر أنه صار لمسلم فدفنه وما لا علامة عليه فهو لقطة تغليبا لحكم الإسلام .
فصل : .
ولا يخلو الركاز من أربعة أحوال : .
أحدها : أن يجده في موات فهو لواجده .
الثاني : وجده في ملك آدمي معصوم ففيه روايتان : .
إحداهما : يملكه واجده لأنه لا يملك بملك الأرض إذ ليس هو من أجزئها وإنما هو مودع فيها فجرى مجرى الصيد والكلأ يملكه من ظفر به كالمباحات كلها وإن ادعاه صاحب الأرض فهو له مع يمينه لثبوت يده على محله .
والثانية : هو لصاحب الأرض إن اعترف به وإن لم يعترف به فهو لأول مالك لأنه في ملكه فكان له كحيطانه فإن كان الملك موروثا فهو للورثة إلا أن يعترفوا أنه لم يكن لمورثهم فيكون لمن قبله فإن اعترف به [ بعضهم دون بعض فللمعترف به نصيبه وباقيه لمن قبله ] .
الثالث : وجده في ملك انتقل إليه فهو له بالظهور عليه وإن قلنا : لا يملك به فهو للمالك قبله إن اعترف به وإلا فهو لأول مالك .
الرابع : وجده في أرض الحرب وقدر عليه بنفسه فهو له لأن مالك الأرض لا حرمة له فأشبه الموات وإن لم يقدر عليه إلا بجماعة المسلمين فهو غنيمة لأنه قوتهم أوصلته إليه وإن وجد في ملك انتقل إليه ما عليه علامة الإسلام فادعاه من انتقل عنه ففيه روايتان : .
إحداهما : يدفع إليه من غير تعريف ولا صفة لأنه كان تحت يده فالظاهر أنه ملكه كما لو لم ينتقل عنه .
والثانية : لا يدفع إليه إلا بصفة لأن الظاهر أنه لو كان له لعرفه وإن اكترى دارا فظهر فيه دفين فادعى كل واحد من المالك والمكتري أنه دفنه ففيه وجهان : .
أحدهما : القول قول المالك لأنه الدفين تابع للأرض .
والثاني : القول قول المكتري لأنه مودع في الأرض وليس منها فكان القول قول من يده عليه كالقماش .
فصل : .
وإذا استأجر أجيرا ليحفر له طالبا لكنز فوجد كنزا فهو للمستأجر لأنه استأجره لذلك فأشبه ما لو استأجره ليحتش له وإن استأجره لغير ذلك فوجد كنزا فهو للأجير لأنه غير مقصود بالإجارة فكان للظاهر عليه كما لو استأجره ليحتمل له فوجد صيدا