باب زكاة الذهب والفضة .
وهي واجبة لقول الله تعالى : { والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم } ولما نذكره في النصوص ولأنهما معدان للنماء فأشبها السائمة و لا زكاة إلا في نصاب ونصاب الورق مائتا درهم ونصاب الذهب عشرون مثقالا لما روى عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي A أنه قال : [ ليس في أقل من عشرين مثقالا من الذهب ولا أقل من مائتي درهم صدقة ] رواه أبو عبيد والاعتبار بدراهم الإسلام التي وزن كل عشر منها سبعة مثاقيل بغير خلاف فإن نقص النصاب كثيرا فلا زكاة فيه للحديث ولقوله : [ ليس في ما دون خمسة أواق صدقة ] و الأوقية أربعون درهما وإن كان يسيرا كالحبة والحبتين فظاهر كلام الخرقي لا زكاة فيه للخبر وقال غيره من أصحابنا : فيه الزكاة لأن هذا لا يضبط فهو كنقص الحول ساعة أو ساعتين ولا يضم الذهب إلى الفضة في إكمال النصاب لأنهما جنسان اختارها أبو بكر وفرق بينها وبين الحبوب لاختلاف نصابها واتفاق نصاب الحبوب وعن أحمد Bه : أنه يضم لأن مقاصدها متفقة فهما كنوعي الجنس ويضم أحدهما إلى الآخر بالأجزاء فيحسب كل واحد من نصابه ثم يضم إلى صاحبه لأن الزكاة تتعلق بأعيانها فلا تعتبر قيمتها كسائر الأموال .
وعنه : تضم القيمة إن كان ذلك أحظ للفقراء فيقوم الأعلى منهما بالآخر فإذا ملك مائة درهم وتسعة دنانير قيمتها مائة درهم وجبت زكاتها مراعاة للفقراء ويجب في الزائد على النصاب بحسابه لأنه يتجزأ من غير ضرر فأشبه الحبوب .
فصل : .
والواجب فيها ربع العشر لقول النبي A : [ في الرقة ربع العشر ] رواه البخاري والرقة : الدراهم المضروبة فيجب في المائتين خمس دراهم وفي العشرين مثقال نصف مثقال ويخرج عن كل واحد من الرديء والجيد وعن كل نوع من جنسه إلا أن يشق ذلك لكثرة الأنواع واختلافها فيؤخذ في الوسط لما ذكرنا في الماشية وإن أخرج الجيد عن الرديء كان أفضل فإن أخرج رديئا عن جيد زاد بقدر ما بينهما من الفضل لأنه لا ربا بين العبد وسيده .
وقال القاضي : هذا في المكسرة عن الصحيحة أما المبهرجة فلا يجزئه بل يلزمه إخراج جيده ولا يرجع فيما أخرج لله تعالى وفي إخراج أحد النقدين عن الآخر روايتان بناء على ضم أحدهما إلى الآخر ومن ملك مغشوشا منهما فلا زكاة فيه حتى يبلغ قدر الذهب والفضة نصابا فإن شك في بلوغه خير بين سبكه ليعرف وبين أن يستظهر ويخرج ليسقط الفرض بيقين .
فصل : .
ولا زكاة في الجواهر واللآلئ لأنها معدة للاستعمال فأشبهت ثياب البذلة وعوامل الماشية وأما الفلوس فهي كعروض التجارة تجب فيها زكاة القيمة .
فصل : .
ومن ملك مصوغا من الذهب أو الفضة محرما كالأواني وما يتخذه الرجل لنفسه من الطوق ونحوه وخاتم الذهب وحلية المصحف والدواة والمحبرة و المقلمة و السرج و اللجام و تازير المسجد ففي الزكاة لأن هذا فعل محرم فلم يخرج به عن أصله فإن كان مباحا كحلية النساء المعتادة من الذهب والفضة وخاتم الرجل من الفضة وحلية سيفه و حمائله ومنطقته و جوشنه وخوذته وخفه و رانه من الفضة وكان معدا للتجارة أو نفقة أو كراء بيت ففيه الزكاة لأنه معد للنماء فهو كالمضروب وإن أعد للبس والعارية فلا زكاة فيه لما روى جابر عن النبي A أنه قال : [ ليس في الحلي زكاة ] ولأنه مصروف عن جهة النماء إلى استعمال مباح فلم تجب فيه زكاته كثياب البذلة وحكى ابن أبي موسى عنه أن فيه الزكاة لعموم الأخبار .
فصل : .
ولا فرق بين كثير الحلي و قليله لعدم ورود الشرع بتحديده وقال ابن حامد : إن بلغ حلي المرأة ألف مثقال فهو محرم وفيه الزكاة لأن جابرا قال : إن ذلك لكثير ولأنه سرف لم تجز العادة به فأشبه ما اتخذت حلي الرجال .
فصل : .
فإن انكسر الحلي كسرا لا يمنع اللبس فهو كالصحيح إلا أن ينوي ترك لبسه وإن كان كسرا يمنع الاستعمال ففيه الزكاة لأنه صار كالنقرة ولو نوى بحلي اللبس التجار والكرى انعقد عليه حول الزكاة من حين نوى لأن الوجوب الأصل فانصرف إليه بمجرد النية كما لو نوى بمال التجارة القنية .
فصل : .
ويعتبر النصاب في المصوغ بالوزن لعموم الخبر فإن كانت قيمته أكثر من وزنه لصناعة محرمة فلا عبرة بزيادة القيمة لأنها معدومة شرعا وإن كانت مباحة كحلي التجارة فعليه قدر ربع عشره في زنته وقيمته لأن زيادة القيمة هاهنا بغير محرم فأشبه زيادة قيمته لنفاسة جوهره فإن أخرج ربع عشره مشاعا جاز وإن دفع قدر ربع عشره وزاد الوزن بحيث يستويان في القيمة جاز لأن الربا لا يجري هاهنا وإن أراد كسره ودفع ربع عشره مكسورا لم يجز لأنه ينقص قيمته وإن كان في الحلي جواهر ولآلئ وكان للتجارة قوم جميعه وإن كان لغيرها فلا زكاة فيها لأنها لا زكاة فيها منفردة فكذلك مع غيرها