باب سجود السهو .
وإنما يشرع لجبر خلل الصلاة وهو ثلاثة أقسام : زيادة ونقص وشك .
والزيادة ضربان : زيادة أقوال تتنوع ثلاثة أنواع : .
أحدها : أن يأتي بذكر مشروع في غير محله كالقراءة في الركوع والسجود والجلوس والتشهد في القيام والصلاة على النبي A في التشهد الأول ونحوه فهذا لا يبطل الصلاة بحال لأنه ذكر مشروع في الصلاة ولا يجب له سجود لأن عمده غير مبطل وهل يسن السجود لسهره ؟ فيه روايتان : .
إحداهما : يسن لقول النبي A : [ إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ] .
والثانية : لا يسن لأن عمده غير مبطل فأشبه العمل اليسير .
الثاني : أن يسلم في الصلاة قبل إتمامها فإن كان عمدا بطلت صلاته لأنه تكلم فيها وإن كان سهوا وطال الفصل بطلت أيضا لتعذر بناء الباقي عليها وإن ذكر قريبا أتم صلاته وسجد بعد السلام فإن كان قد قام فعليه أن يجلس لينهض عن جلوس لأن القيام واجب للصلاة ولم يأت به قاصدا لها والأصل فيه ما روى أبو هريرة قال : صلى بنا النبي A إحدى صلاتي العشي فصلى ركعتين ثم سلم فقام إلى خشبة معروضة في المسجد فوضع يده عليها كأنه غضبان شبك بين أصابعه ووضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى وخرج السرعان من أبواب المسجد فقالوا : قصرت الصلاة وفي القوم أبو بكر وعمر فهاباه أن يكلماه وفي القوم رجل في يديه طول يقال له : ذو اليدين فقال له : يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة ؟ قال : [ لم أنس ولم تقصر ] فقال : أكما يقول ذو اليدين ؟ قالوا : نعم قال : فتقدم فصلى ما ترك من صلاته ثم سلم ثم كبر فسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر ثم كبر وسجد مثل سجوده أو أطول ثم رفع رأسه فكبر متفق عليه .
وإن انتقض وضوءه أو دخل في صلاة أخرى أو تكلم من غير شأن الصلاة كقوله : اسقني ماء فسدت صلاته وإن تكلم مثل كلام النبي A وذي اليدين ففيه ثلاث روايات : .
إحداهن : لا تفسد لأن النبي A و أبا بكر وعمر وذا اليدين تكلموا ثم أتموا صلاتهم .
والثانية : لا تفسد صلاة الإمام لأن له أسوة بالنبي A وتفسد صلاة المأموم لأنه لا يمكنه التأسي بأبي بكر وعمر لأنهما تكلما مجيبين للنبي A وإجابته واجبة ولا بذي اليدين لأنه تكلم سائلا عن قصر الصلاة في زمن يمكن ذلك فيه فعذر بخلاف غيره واختارها الخرقي .
والثالثة : تفسد صلاتهم لعموم قول النبي A : [ إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ] اختارها أبو بكر والأول أولى .
النوع الثالث : أن يتكلم من صلب الصلاة فإن كان عمدا أبطل الصلاة إجماعا لما رويناه ولما روى زيد بن أرقم قال : كنا نتكلم في الصلاة يكلم الرجل صاحبه حتى نزلت : { وقوموا لله قانتين } فأمرنا بالسكوت ونهينا عن الكلام متفق عليه وإن تكلم ناسيا أو جاهلا بتحريمه ففيه روايتان : .
إحداهما : يبطلها لما روينا ولأنه من غير جنس الصلاة فأشبه العمل الكثير .
والثانية : لا يفسدها لما روى معاوية بن الحكم السلمي قال : بينما أنا أصلي مع النبي A إذ عطس رجل من القوم فقلت : يرحمك الله فرماني القوم بأبصارهم فقلت واثكل أمياه ! ما شأنكم تنظرون إلي ؟ ! فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم لكي أسكت فلما صلى رسول الله ( A ) فبأبي هو وأمي ما رأيت معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه فوالله ما كهرني ولا ضربني ولا شتمني ثم قال : [ إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ] رواه مسلم فلم يأمره النبي A بالإعادة لجهله والناسي في معناه .
وإن غلب بكاء فنشج بما انتظم حروفا لم تفسد صلاته نص عليه لأن عمر Bه كان يسمع نشيجه من وراء الصفوف وإن غلط في القراءة وأتى بكلمة من غيره لم تفسد صلاته لأنه لا يمكنه التحرز منه .
وإن نام فتكلم احتمل وجهين .
أحدهما : لا تفسد صلاته لأنه عن غلبة أشبه ما تقدم .
والثاني : أنهه ككلام الناسي وإن شمت عطاسا أفسدت صلاته لحديث معاوية وكذلك إن رد سلاما أو سلم على إنسان لأنه من كلام الآدميين فأشبه تشميت العاطس وإن قهقه بطلت صلاته لأن جابرا روى أن النبي A قال : [ القهقهة تنقض الصلاة ولا تنقض الوضوء ] رواه الدارقطني .
والكلام المبطل ما انتظم حرفين فصاعدا لأنه أقل ما ينتظم منه الكلام وقد روي عن النبي A أنه نفخ في الصلاة وتنحنح فيها وهو محمول على أنه لم يأت بحرفين أو لم يأت بحرفين مختلفين .
فصل : .
الثاني : زيادة الأفعال وهي ثلاثة أنواع : .
أحدهما : زيادة من جنس الصلاة كركعة أو ركوع أو سجود فمتى كان عمدا أبطلها وإن كان سهوا سجد له لما روى ابن مسعود قال : صلى بنا رسول الله ( A ) خمسا فلما انفتل من الصلاة توشوش القوم بينهم فقال : [ ما شأنكم ؟ ] قالوا : يا رسول الله هل زيد في الصلاة شيء ؟ قال : [ لا ] قالوا : إنك صليت خمسا فانفتل وسجد سجدتين ثم سلم ثم قال : [ إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ] وفي لفظ : [ إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين ] رواه مسلم .
ومتى قام الرجل إلى ركعة زائدة فلم يذكر حتى سلم سجد للحال وإن ذكر قبل السلام سجد ثم سلم وإن ذكر في الركعة جلس على أي حال كان فإن كان قيامه قبل التشهد تشهد ثم سجد ثم سلم وإن كان بعده سجد ثم سلم وإن كان تشهد ولم يصل على النبي A صلى عليه ثم سجد وسلم .
فصل : .
وإذا سها الإمام فزاد أو نقص فعلى المأمومين تنبيهه لما روى ابن مسعود أن النبي A صلى فزاد أو نقص ثم قال ك [ إنما أنا بشر أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني ] وعن سهل بن سعد قال : قال رسول الله A : [ إذا نابكم أمر فليسبح الرجال وليصفح النساء ] وفي لفظ : [ التسبيح للرجال والتصفيق للنساء ] متفق عليه .
وإذ سبح به اثنان لزمه الرجوع إليهما لأن النبي A رجع إلى قول أبي بكر وعمر وأمر بتذكيره ليرجع فإن لم يرجع بطلت صلاته لأنه ترك الواجب عمدا وليس لهم اتباعه لبطلان صلاته فإن اتبعوه بطلت صلاتهم إلا أن يكونوا جاهلين فلا تبطل لأن أصحاب النبي ( ص ) تابعوا في الخامسة وإن فارقوه وسلموا صحت صلاته وذكر القاضي رواية أخرى أنهم يتابعونه استحبابا ورواية ثالثة أنهم ينتظرونه اختارها ابن حامد وإن كان الإمام على يقين من صواب نفسه لم يرجع لأن قولهما إنما يفيد الظن واليقين أولى وإن سبح به واحد لم يرجع نص عليه لأن النبي ( ص ) لم يرجع بقول ذي اليدين وحده وإن سبح به من يعلم فسقه لم يرجعه لأن خبره غير مقبول وإن افترق المأمومون طائفتين سقط قولهم لتعارضه عنده وإن نسي التشهد الأول فسبحوا به بعد انتصابه قائما لم يرجع ويتابعونه في القيام لما روى زياد بن علاقة قال : صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه فأشار إليهم قوموا فلما فرغ من صلاته سلم وسجد سجدتين وسلم وقال : هكذا صنع رسول الله ( ص ) رواه الإمام أحمد .
وإن رجع بعد شروعه في القراءة لم يتابعوه لأنه خطأ فإن سبحوا به قبل قيامه لزمه الرجوع فإن لم يرجع تشهدوا لأنفسهم وتابعوه لأنه ترك واجبا تعين عليهم فلم يجز لهم اتباعه في تركه وإن ذكر التشهد قبل انتصابه فرجع إليه بعد قيام المأمومين وشروعهم في القراءة لزمهم الرجوع لأنه رجع إلى واجب فلزمهم متابعته ولا عبرة بها فعلوه قبله .
النوع الثاني : زيادة من غير جنس الصلاة كالمشي والحك والتروح فإن كثر متواليا أبطل الصلاة إجماعا وإن قل لم يبطلها لما روى أبو قتادة أن النبي ( ص ) صلى وهو حامل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع إذا قام حملها وإذا سجد وضعها متفق عليه وروي عنه أنه فتح الباب لعائشة وهو في الصلاة ولا فرق بين العمد والسهو فيه لأنه من غير جنس الصلاة ولا يشرع له سجود لذلك واليسير : ما شابه فعل النبي ( ص ) فيما رويناه ومثل تقدمه وتأخره في صلاة الكسوف والكثير : ما زاد على ذلك مما عد كثيرا في العرف فيبطل الصلاة إلا أن يفعله متفرقا .
النوع الثالث : الأكل والشرب متى أتى بهما في الفريضة عمدا بطلت لأنهما ينافيان الصلاة والنافلة كالفريضة .
وعنه : لا يبطلها اليسير والأولى أولى لأن ما أبطل الفريضة أبطل النافلة كالعمل الكثير وإن فعلها سهوا وكثر ذلك بطلت الصلاة لأنه عمل كثير وإن قل فكذلك لأنه من غير جنس الصلاة فسوى بين عمده وسهوه كالمشي .
وعنه : لا يبطل لأنه سوى بين قليله و كثيره في العمد فعفي عنه في السهو كالسلام فعلى هذا يسجد له لأنه تبطل الصلاة بعمده وعفي عن سهوه فيسجد له كحنس الصلاة .
ومن ترك في فيه ما يذوب كالسكر وابتلع ما يذوب منه فهو أكل وإن بقي في فمه أو بين أسنانه يسير من بقايا الطعام يجري به الريق فابتلعه لم تبطل صلاته لأنه لا يمكنه التحرز منه وإن ترك في فيه لقمة لم يبلعها لم تبطل صلاته لأنه عمل يسير ويكره لأنه يشغل عن خشوعها وقراءتها فإن لاكها فهو كالعمل وإن كثر أبطل وإلا فلا .
فصل : .
القسم الثاني : النقض وهو ثلاثة أنواع : .
أحدها : ترك ركن كركوع أو سجود فإن كان عمدا أبطل الصلاة وإن كان سهوا فله أربعة أحوال : .
أحدها : لم يذكره حتى سلم وطال الفصل فتفسد صلاته لتعذر البناء مع طول الفصل .
الثاني : ذكره قريبا من التسليم فإنه يأتي بركعة كاملة لأن الركعة التي ترك الكن منها بطلت بتركه والشروع في غيرها فصارت كالمتروكة .
الثالث : ذكر المتروك قبل شروعه في قراءة الركعة الأخرى فإنه يعود فيأتي بما تركه ثم يبني على صلاته : فإن سجد سجدة ثم قام قبل جلسة الفصل فذكر جلس للفصل ثم سجد ثم قام وإن ترك السجود وحده سجد ولم يجلس لأنه لم يتركه ولو جلس للاستراحة لم يجزئه عن جلسة الفصل لأنه نوى بجلوس النفل فلم يجزئه عن الفرض كمن سجد للتلاوة لم يجزئه عن سجود الصلاة ويسجد للسهو فإن لم يعد إلى فعل ما تركه فسدت صلاته لأنه ترك الواجب عمدا إلا أن يكون جاهلا .
الحال الرابع : ذكر بعد شروعه في قراءة الفاتحة في ركعة أخرى فتبطل الركعة التي ترك ركنها وحدها ويجعل الأخرى مكانها ويتم صلاته ويسجد قبل السلام .
وإن ترك ركنين مع ركعتين أتى بركعتين مكانها .
وإن ترك أربع سجدات من أربع ركعات وذكر وهو في التشهد سجد سجدة تصح له الركعة الرابعة ويأتي بثلاث ركعات ويسجد للسهو وعنه : أن صلاته تبطل لأنه يفضي إلى عمل كثير غير معتد به .
وإن ذكر وهو في التشهد أنه ترك سجدة من الرابعة سجد في الحال ثم تشهد وسجد للسهو فإن لم يعلم من أي الركعات تركها جعل من ركعة قبلها ليلزمه ركعة وإن ذكر في الركعة أنه ترك ركنا لم يعلم أركوع هو أم سجود ؟ جعله ركوعا ليأتي به ثم بما بعده كي لا يخرج من الصلاة على شك .
النوع الثاني : ترك واجب غير ركن عمدا كالتكبير غير تكبيرة الإحرام وتسبيح الركوع والسجود بطلت صلاته إن قلنا بوجوبه وإن تركه سهوا سجد للسهو قبل السلام لما روى عبد الله بن مالك ابن بحينة قال : صلى بنا النبي ( ص ) الظهر فقام في الركعتين فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى الصلاة وانتظر الناس تسليمه كبر فسجد سجدتين قبل أن يسلم ثم سلم متفق عليه فثبت هذا بالخبر وقسنا عليه سائر الواجبات وإن ذكر التشهد قبل انتصابه قائما رجع فأتى به وإن ذكر بعد شروعه في القراءة لم يرجع لذلك لأنه تلبس بركن مقصود فلم يرجع إلى واجب وإن ذكره بعد قيامه وقبل شروعه في القراءة لم يرجع أيضا لذلك لما روى المغيرة بن شعبة عن النبي ( A ) أنه قال : [ إذا قام أحدكم في الركعتين فلم يستتم قائما جلس فإن استتم قائما لم يجلس وسجد سجدتي السهو ] رواه أبو داود .
وقال أصحابنا : وإن رجع في هذه الحالة لم تفسد صلاته ولا يرجع إلى غيره من الواجبات لأنه لو رجع إلى الركوع لأجل تسبيحة لزاد ركوعا في صلاته وأتى بالتسبيح في ركوع غير مشروع .
النوع الثالث : ترك سنة فلا تبطل الصلاة بترها عمدا ولا سهوا ولا سجود عليه لأنه شرع للجبر فإن لم يكن الأصل واجبا فجبره أولى ثم إن كان المتروك من سنن الأفعال لم يشرع له السجود لأنه يمكن التحرز منه وإن كان من سنن الأقوال ففيه روايتان : .
أحدهما : لا يسن له السجود كسنن الأفعال .
والثانية : يسن لقول عليه السلام : [ إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ] .
فصل : .
القسم الثالث : الشك وفيه ثلاث مسائل : .
إحداهن : شك في عدد الركعات ففيه ثلاثة روايات : .
إحداهن : يبني على غالب ظنه ويتم صلاته ويسجد بعد السلام لما روى ابن مسعود قال : قال رسول الله ( ص ) : [ إذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين ] متفق عليه و للبخاري : ( بعد التسليم ) .
الثانية : يبني على اليقين لما روى أبو سعيد قال : قال رسول الله ( ص ) : [ إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أو أربعا ؟ فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى أربعا كانتا ترغيما للشيطان ] رواه مسلم .
والرواية الثانية : يبني الإمام على غالب ظنه والمنفرد على اليقين لأن للإمام من يذكره إن غلط فلا يخرج منها على شك والمنفرد يبني على اليقين لأنه لا يأمن الخطأ وليس له من يذكره فلزمه البناء على اليقين كيلا يخرج من الصلاة شاكا فيها وهذا ظاهر المذهب .
المسألة الثانية : شك في ركن من الصلاة فحكمه حكم تاركه لأن الأصل عدمه .
المسألة الثالثة : شك فيها يوجب سجود السهو من زيادة أو ترك واجب ففيه وجهان : .
أحدهما : لا سجود عليه لأن الأصل عدم وجوبه فلا يجب بالشك .
والثاني : إن شك في زيادة لم يسجد لأن الأصل عدمها وإن شك في ترك واجب لزمه السجود لأن الأصل عدمه وإنما يؤثر الشك إذا وجد في الصلاة فإن شك بعد سلامها لم يلتفت إليه لأن الظاهر الإتيان بها على الوجه المشروع لأن ذلك يكثر فيشق الرجوع إليه فسقط وهكذا الشك في سائر العبادات بعده فراغه منها .
فصل : .
وسجود السهو لما يبطل عمده الصلاة واجب لأن النبي ( ص ) فعله وأمر به ولأنه شرع لجبر واجب فكان واجبا كجبرانات الحج وجميعه قبل السلام لأنه من تمامها وشأنها فكان قبل سلامها كسجود صلبها إلا في ثلاث مواضع : .
أحدها : إذا سلم من نقصان في صلاته سجد بعد السلام لحديث ذي اليدين .
الثاني : إذا بنى على غالب ظنه سجد بعد السلام لحديث ابن مسعود .
الثالث : إذا نسي السجود قبل السلام سجده بعده لأنه فاته الواجب فقضاه وعن أحمد : أن جميعه قبل السلام إلا أن ينساه قبل أن يسلم .
وعنه : ما كان من زيادة فهو بعد السلام لحديث ذي اليدين وما كان من نقصان أو شك كان قبله لحديث ابن بحينة وابن سعيد فمن سجد قبل السلام جعله بعد فراغه من التشهد لحديث ابن بحينة : فيكبر للسجود والرفع منه ويسجد سجدتين كسجدتي صلب الصلاة ويسلم عقيبها وإن سجد بعد السلام كبر للسجود والرفع منه لحديث ذي اليدين ويتشهد ويسلم لما روى عمران بن حصين أن النبي ( ص ) صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد وسلم وهذا حديث حسن ولأنه سجود يسلم له فكان معه تشهد كسجود صلب الصلاة فإن نسي السجود فذكره قبل طول الفصل سجد وإن تكلم .
وقال الخرقي : يسجد ما لم يخرج من المسجد وإن تكلم لأن النبي ( ص ) سجد بعد السلام والكلام رواه مسلم .
وإن نسيه حتى طال الفصل أو خرج من المسجد على قول الخرقي سقط وعنه : يعيد الصلاة .
وقال أبو الخطاب : إن ترك المشروع قبل السلام عامدا بطلت صلاته لأنه ترك واجبا فيها عمدا وإن ترك المشروع بعد السلام عمدا أو سهوا لم تبطل صلاته لأنه ترك واجبا ليس منها فلم تبطل تبركه كجبرانات الحج .
فصل : .
فإن سها سهوين محل سجودهما واحد كفاه أحدهما لقول النبي ( ص ) : [ إذا نسي أحدكم فليسجد سجدتين ] ولأن السجود إنما أخر ليجمع السهو كله ولولا ذلك فعله عقيب السهو لأنه سببه وإن كان أحدهما قبل السلام الآخر بعده ففيه وجهان : .
أحدهما : يجزئه سجود واحد لذلك ويسجد قبل السلام لأنه أسبق و آكد ولم يسبقه ما يقوم مقامه فلزمه الإتيان بخلاف الثاني .
والثاني : يأتي بهما في محلهما لقول النبي ( ص ) : [ لكل سهو سجدتان ] رواه أبو داود .
فصل : .
وليس على المأموم سجود لسهوه فإن سها إمامه فعليه السجود معه لما روى ابن عمر أن النبي ( ص ) قال ك [ ليس على من خلف الإمام سهوا فإن سها إمامه فعليه وعلى من خلفه ] رواه الدارقطني ولأن المأموم تابع لإمامه فلزمه متابعته في السجود وفي تركه .
ويسجد المسبوق مع إمامه في سهوه الذي لم يدركه فإن كان السجود بعد السلام لم يقم المسبوق حتى يسجد معه .
وعنه : لا سجود عليه هاهنا والأول المذهب فإن قام ولم يعلم فسجد الإمام رجع فسجد معه إن يكن استتم قائما وإن استتم قائما مضى ثم سجد في آخر صلاته قبل سلامه لأنه قام عن واجب فأشبه تارك التشهد الأول وإن سجد مع الإمام ففيه روايتان : .
إحداهما : يعيد السجود لأن محله آخر الصلاة وإن سجد مع إمامه تبعا فلم يسقط المشروع في محله كالتشهد .
والثانية : لا يسجد لأنه قد سجد و انجبرت صلاته وإن لم يسجد مع إمامه سجد وجها واحدا .
وإن ترك الإمام السجود فهل يسجد المأموم ؟ فيه روايتان : .
إحداهما : يسجد لأن صلاته نقضت بسهو إمامه ولم يجبرها فلزمه جبرها .
والثانية : لا يسجد لأنه إنما يسجد تبعا فإن لم يوجد المتبوع لم يجب التبع .
فصل : .
والنافلة كالفريضة في السجود لعموم الأخبار ولأنها في معناها ولا يسجد لسهو في سجود السهو لأنه يفضي إلى التسلسل ولا في صلاة جنازة لأنه لا سجود في صلبها ففي جبرها أولى ن لا يسجد لفعل عمد لأن السجود سجود للسهو ولأن العمد إن كان لمحرم أفسد الصلاة وإن كان من غيره فلا عذر عليه والسجود إنما شرع في محل العذر .
فصل : .
ومن أحدث عمدا بطلت صلاته لأنه أخل بشرطها عمدا وإن سبقه الحدث أو طرأ عليه ما يفسد طهارته كظهور قدمي الماسح وانقضاء مدة المسح ومن به سلس لبول بطلت صلاته .
وعنه فيمن سبقه الحدث : يتوضأ ويبني وهذه الصورة في معناها والمذهب الأول لأن الصلاة لا تصح من محدث في عمد ولا سهو وله أن يستخلف من يتم به الصلاة .
وعنه : ليس له ذلك لأن صلاته باطلة والمذهب الأول لأن عمر Bه حين طعن أخذ بيد عبد الرحمن بن عوف فقدمه فأتم بهم الصلاة فلم ينكره أحد فكان إجماعا وإن لم يستخلف فاستخلف الجماعة لأنفسهم أو صلوا وحدانا جاز .
قال أصحابنا : وله استخلف من لم يكن معه في الصلاة لأن النبي ( ص ) دخل في صلاة أبي بكر ولم يكن معه فأخذ من حيث انتهى إليه أبو بكر فإن كان مسبوقا ببعض الصلاة فتمت صلاة المأمومين قبله وجلسوا يتشهدون وقام هو فأتم صلاته ثم أدركهم فسلم بهم ولا يسلمون قبله لأن الإمام ينتظر المأمومين في صلاة الخوف فالمأمومون أولى بانتظاره