باب الإحداد .
وهو اجتناب الزينة وما يدعو إلى المباشرة وهو واجب في عدة الوفاة لما روت أم عطية أن رسول الله A قال : [ لا تحد المرأة فوق ثلاثة أيام إلا على زوجها فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب ولا تكتحل ولا تمس طيبا إلا عند أدنى طهرها إذا طهرت من حيضها بنبذة من قسط أو أظفار ] متفق عليه .
ويجب هذا على الحرة والأمة والكبيرة والصغيرة والمسلمة والذمية لعموم الحديث فيهن ولا يجب على الرجعية لأنها باقية على الزوجية فلها أن تتزين لزوجها وترغبه في نفسها ولا على أم ولد لوفاة سيدها ولا موطوءة بشبهة ولا زنا لقوله A : [ إلا على زوجها ] وفي المطلقة المبتوتة والمختلعة روايتان : .
إحداهما : لا إحداد عليها لقوله A : [ إلا على زوجها ] فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا وهذه عدة الوفاة ولأنها مطلقة أشبهت الرجعية .
والثانية : يجب عليها لأنها معتدة بائن أشبهت المتوفى عنها زوجها .
فصل : .
ويحرم على الحادة : الكحل بالإثمد للخبر ولأنه يحسن الوجه ولا بأس بالكحل الأبيض كالتوتياء ونحوه لأنه لا يحسن العين بل يزيدها مرها وإن دعت الحاجة إلى الاكتحال بالصبر والإثمد اكتحلت ليلا وغسلته نهارا لما روت أم سلمة قالت : دخل علي رسول الله A حين توفي أبو سلمة وقد جعلت على عيني صبرا فقال : [ ما هذا يا أم سلمة ؟ فقلت : إنما هو صبر ليس فيه طيب قال : إنه يشب الوجه لا تجعليه إلا بالليل وانزعيه بالنهار ] وعن أم حكيم بنت أسيد أن زوجها توفي وكانت تشتكي عينها فأرسلت مولاة لها إلى أم سلمة تسألها عن كحل الجلاء فقالت : لا تكتحلي إلا لما لا بد منه فتكتحلين بالليل وتغسلينه بالنهار رواهما النسائي .
فصل : .
ويحرم على الحادة : الخضاب لما روت أم سلمة أن رسول الله A قال : [ المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل ] رواه أبو داود و النسائي ويحرم عليها أن تمتشط بالحناء ولا يحرم عليها غسل رأسها بالسدر ولا المشط به لما روت أم سلمة أن رسول الله A قال : [ لا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب ] قالت : قلت : بأي شيء أمتشط ؟ قال : [ بالسدر تغلفين به رأسك ] رواه أبو داود ولأنه يراد للتنظيف لا للتطيب ويجوز تقليم الأظفار والاستحداد لأنه يراد للتنظيف لا للتزيين وزيحرم عليها تحمير وجهها بالكلكون وتبييضه باسفيذاج العرائس لأنه أبلغ في الزينة من الخضاب فهو بالتحريم أولى ولها أن تستعمل الصبر في جميع بدنها إلا وجهها لأنه إنما منع في الوجه لأنه يصفر فيشبه الخضاب .
فصل : .
ويحرم عليها الطيب للخبر ولأنه يحرك الشهوة ويدعو إلى المباشرة ويحرم عليها استعمال الأدهان المطيبة لأنه طيب فأما ما ليس بمطيب من الأدهان كالزيت والشيرج فلا بأس به لأن التحريم من الشرع ولم يرد بتحريمه ولا هو في معنى المحرم .
فصل : .
ويحرم عليها الحلي للخبر ولأنه يزيد من حسنها ويدعو إلى مباشرتها ويحرم عليها ما صبغ من الثياب للزينة كالأحمر والأصفر والأزرق الصافي والأخضر الصافي للخبر فإن صبغ عزله ثم نسج ففيه وجهان : .
أحدهما : لا يحرم لقوله : [ إلا ثوب عصب ] والعصب ما صبغ غزله قبل نسجه .
والثاني : يحرم لأنه أحسن وأرفع ولأنه صبغ للتحسين أشبه ما صبغ بعد النسج وهذا هو الصحيح وقوله : [ إلا ثوب عصب ] إنما أريد به ما صبغ بالعصب وهو نبت ينبت باليمن فأما كونه مصبوغ الغزل فلا معنى له في هذا ولا يحرم الأسود ولا الأخضر المشبع والأزرق المشبع لأنه لم يصبغ لزينة إنما قصد به دفع الوسخ أو اللبس في المصيبة ونحو ذلك ولا بأس بلبس ما نسج من غزله على جهته من غير صبغ وإن كان حسنا من الحرير والقطن والكتان والصوف وغيره لأن حسنه من أصل خلقته لا لزينة أدخلت عليه فأشبه حسن المرأة في خلقها قال الخرقي : وتجتنب النقاب لأن المحرمة تمنع منه فأشبه الطيب وقال القاضي : كره أحمد النقاب للمتوفى عنها زوجها دون المطلقة قال الخرقي : فإن احتاجت إلى ستر وجهها سدلت عليه كما تفعل المحرمة