باب اجتماع العدتين .
إذا تزوجت المرأة في عدتها رجلا آخر لم تنقطع عدتها بالعقد لأنه عقد فاسد لا يصير به فراشا فإن وطئها انقطعت عدة الأول لأنها صارت فراشا للثاني فلا تبقى في عدة غيره فإن فرق بينهما لزمها إتمام عدة الأول وعدة الثاني وتقدم عدة والأول لسبقها لما روى سعيد بن المسيب أن عمر بن الخطاب Bه قال : أيما امرأة نكحت في عدتها لم يدخل بها الذي تزوجها فرق بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول وكان خطابا من الخطاب وإن كان قد دخل بها فرق الحاكم بينهما ثم اعتدت بقية عدتها من زوجها الأول ثم اعتدت من الآخر ولم ينكحها أبدا رواه الشافعي في مسنده فإن كانت حاملا من الأول انقضت عدتها بوضع الحمل ثم اعتدت للثاني ثلاثة قروء وإن حملت من وطء الثاني انقضت عدتها منه بوضع الحمل ثم أتمت عدة الأول بالقروء وتتقدم عدة الثاني هاهنا على عدة الأول لأنه لا يجوز أن تضع حملها منه ولا تنقضي عدتها منه وإن أتت بولد يمكن أو يكون منهما أري القافة وألحق بمن ألحقوه به منهما وانقضت عدتها منه به واعتدت للآخر وإن ألحقوه بهما انقضت به عدتها منهما وإن لم يوجد قافة أو أشكل عليهم فعليها الاعتداد بعد وضع حملها بثلاثة قروء لأنه يحتمل أن يكون من الأول فيلزمها ثلاثة قروء لعدة الثاني فلزمها ذلك لتقضي العدة بيقين .
فصل : .
وروي عن أحمد : أنها تحرم على الزوج الثاني على التأبيد لقول عمر Bه : ثم لا ينكحها أبدا والصحيح في المذهب أنها تحل له لأنه وطء بشبهة فلم يحرمها على التأبيد كالنكاح بلا ولي وقد روي أن عليا Bه قال : إذا انقضت عدتها فهو خاطب من الخطاب يعني الزوج الثاني فقال عمر Bه : ردوا الجهالات إلى السنة ورجع إلى قول علي قال الخرقي وله أن ينكحها بعد انقضاء العدتين فعلى هذا كل معتدة من وطء في نكاح فاسد أو وطء شبهة لا يجوز للواطئ ولا لغيره نكاحها حتى تنقضي عدتها لأنها معتدة من وطء في غير ملك فحرمت قبل انقضاء عدتها كالزانية ويحتمل أن يباح للواطئ نكاحها في كل موضع يلحقه النسب لأن العدة إنما وضعت لصيانة الماء وحفظا للنسب عن الاشتباه والنسب هاهنا لاحق فلم يمنع الواطئ نكاحها كالمعتدة من نكاحه الصحيح .
فصل : .
وإن وطئت المعتدة بشبهة أو زنا فلم تحمل أتمت عدة الأول ثم اعتدت للثاني لأنها لم تصر فراشا وإن حملت من الثاني أو أشكل الأمر فالحكم على ما ذكرنا في التي تحمل من زوج ثان .
فصل : .
وكل حمل لا يلحق بالزوج كحمل زوجة الطفل والخصي والمجبوب وأشباههما لا تنقضي عدتها من الزوج به لأننا تبينا أنه ولد لغيره فلم تنقض به عدة الزوج كما لو علمنا الواطئ وعنه : أن عدة زوجة الصغير تنقضي بوضع الحمل وذكر أصحابنا في التي ولدت بعد أربع سنين منذ فارقها زوجها : أن عدتها تنقضي به في وجه والصحيح الأول لما ذكرنا ولأننا إن نعلم الواطئ فالمرأة تعلمه فلم يسقط عنها الاعتداد لجهلنا بعينه كما لو أقرت فعلى هذا تنقضي عدة الأول بوطء الثاني وتنقضي عدة الثاني بوضع الحمل فإذا وضعته بنت على عدة الأول على ما ذكرنا وإن كانت حين موت زوجها حاملا انقضت عدتها بوضعه من الواطئ ثم تعتد عن الزوج بأربعة أشهر وعشر .
فصل : .
إذا طلق الزوج زوجته طلاقا رجعيا فلم تنقض عدتها حتى طلقها ثانيا بنت على ما مضى من العدة لأنهما طلاقان لا يتخللهما وطء ولا رجعة فأشبه الطلقتين في وقت واحد وإن طلق العبد زوجته الأمة طلقة ثم أعتقت وفسخت النكاح بنت على العدة كذلك وإن طلق الرجل زوجته ثم ارتجعها ثم طلقها قبل وطئها ففيه وجهان : .
أحدهما تبني على العدة الأولى لأنهما طلاقان لم يتخللهما وطء فأشبه ما لو لم يرتجعها .
والثاني : تستأنف عدة كاملة لأنه طلاق نكاح صحيح وطئ فيه فأوجب عدة كاملة كما لو لم يتقدمه طلاق وإن طلقها بعد دخوله بها استأنفت العدة رواية واحدة وسقطت بقية الأولى لأن حكم الطلقة انقطع بالزوجية والدخول وإن وطئ المطلق زوجته الرجعية في عدتها وقلنا : ذلك رجعة فقد عادت الزوجة فإن طلقها بعد ذلك استأنفت العدة وسقط حكم العدة الأولى كما تقدم وإن قلنا : ليس هو برجعة فعليها أن تعتد للوطء لأنه وطء بشبهة وتدخل فيها بقية العدة الأولى لأنهما من رجل واحد وأن كانت حاملا فهل تتداخل العدتان ؟ فيه وجهان : .
أحدهما : يتداخلان لأنهما من رجل واحد فتنقضي عدتها من الطلاق والوطء بوضع الحمل .
والثاني : لا تتداخلان لأنهما من جنسين بل تعتد للطلاق بوضع الحمل ثم تستأنف عدة الوطء بثلاثة قروء كما لو كانا من رجلين وإن كانت حائلا فحملت من الوطء وقلنا : يتداخلان انقضت العدتان بوضع الحمل وإن قلنا : لا يتداخلان انقضت عدة الوطء بالوضع ثم أتمت بقية عدة الطلاق بالقروء .
فصل : .
وإذا خلع الرجل زوجته فله نكاحها في عدتها لأنها لحفظ مائه ونسبه ولا يصان ماؤه عن مائه إذا كانا من نكاح صحيح فإن طلقها بعد أن وطئها فعليها استئناف العدة لأنه طلاق من نكاح اتصل به المسيس ويسقط حكم بقية العدة الأولى وإن طلقها قبل أن يمسها ففيه روايتان كما ذكرنا في الرجعية والأولى هاهنا أنها تبني على عدة الطلاق الأول فتتمها لأن الطلاق الثاني طلاق من نكاح قبل المسيس فلم يوجب عدة كما لو لم يتقدمه نكاح ويلزمها بقية عدة الأول لأنها تنقطع بعقد التزويج لكونها تصير به فراشا فلا تبقى معتدة منه مع كونها فراشا له وإذا طلقها لزمها إتمامها لأنه لو لم يجب ذلك أفضى إلى اختلاط المياه بان يطأ زوجته ثم يخلعها ثم يتزوجها ويطلقها من يومه فيتزوجها آخر ويطأها في يوم واحد فإن كانت حاملا حين خلعها فتزوجها وولدت ثم طلقها قبل أن يمسها لم يكن عليها عدة لأنه لم يبق من العدة الأولى شيء لأنها كانت حاملا فلا تنقضي عدتها بغير الوضع