باب كفارة الظهار .
الواجب فيه تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا لقول الله تعالى : { والذين يظاهرون من نسائهم ثم يعودون لما قالوا فتحرير رقبة } وروى أبو داود بإسناده عن خولة بنت مالك بن ثعلبة قالت : تظاهر مني أوس بن الصامت فجئت رسول الله A أشكو إليه ورسول الله A يجادلني فيه فما برحت حتى نزل القرآن { قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها } فقال رسول الله A : [ يعتق رقبة ] قلت : لا يجد قال : [ فيصوم شهرين متتابعين ] قلت : يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام قال : [ فليطعم ستين مسكينا ] فمن ملك رقبة أو كمالا يشتري به رقبة فاضلا عن حاجته لنفقته وكسوته ومسكنه وما لا بد له من مؤنة عياله و نحوه لزمه العتق لأنه واجد فإن كانت له رقبة لا يستغني عن خدمتها لكبره أو لمرضه أو لكونه ممن لا يخدم نفسه أو يحتاج إليها لخدمة زوجته التي يلزمه إخدامها أو يتقوت بغلتها أو يتعلق به حاجة لا بد منها لم يلزمه عتقها لأن ما لا تستغرقه حاجته كالمعدوم في جواز الانتقال إلى البدل كمن معه ماء يحتاج إليه للعطش في التيمم فإن كانت فاضلة عن حاجته الأصلية لزمه عتقها لأنه مستغن عنها فإن كان ماله غائبا ففيه وجهان : .
أحدهما : له التكفير بالصيام لأن عليه ضررا في تحريم الوطء إلى حضور المال فكان له الصوم كالمعسر .
والثاني : لا يجزئه إلا العتق لأن مالك لما يشتري به رقبة ولأنه فاضل عن كفايته ولو كان ذلك في كفارة القتل والجماع لم يكن له التكفير بالصيام لأنه قادر على التكفير بالعتق من غير ضرر فلزمه كمن ماله حاضر ويحتمل أن يجوز له الصوم لأنه عاجز في الحال فأشبه المظاهر .
فصل : .
والاعتبار في حال وجوب الكفارة في أظهر الروايتين لأنها تجب على وجه التطهير فاعتبر فيها حال الوجوب كالحد .
والثانية : الاعتبار بأغلظ الأحوال من حين الوجوب إلى الأداء فأي وقت قدر على العتق لزمه لأنه حق يجب في الذمة بوجود المال فاعتبر فيه أغلظ الأحوال كالحج فإن لم يقدر حتى شرع في الصيام لم يلزمه الانتقال إلى العتق لأنه وجد المبدل بعد الشروع في صوم البدل فأشبه المتمتع يجد الهدي بعد الشروع في الصيام وإن أحب الانتقال إليه بعد ذلك أو قبله على الرواية الأولى فله ذلك لأنه الأصل فيجزئه كسائر الأصول إلا العبد إذا أعتق بعد وجوب الكفارة عليه فليس له إلا الصوم لأنه لم يكن يجزئه غيره عند الوجوب فكذلك بعده .
فصل : .
ولا يجزئ في الكفارات كلها إلا رقبة مؤمنة لقول الله تعالى : { ومن قتل مؤمنا خطأ فتحرير رقبة مؤمنة } نص على المؤمنة في كفارة القتل وقسنا عليها سائر الكفارات لأنها في معناها وعنه : يجزئه في سائر الكفارات ذمية لإطلاق الرقبة فيها .
فصل : .
ولا يجزئ إلا رقبة سالمة من العيوب المضرة بالعمل ضررا بينا لأن المقصود تمليك العبد منفعته وتمكينه من التصرف ولا يحصل هذا مع العيب المذكور فلا يجزئ الأعمى لأنه يعجز عن الأعمال التي يحتاج فيها إلى البصير ولا الزمن ولا مقطوع اليد أو الرجل لأنه يعجز عن أعمال كثيرة ولا مقطوع الإبهام أو السبابة أو الوسطى من اليد لأن نفعها يبطل بهذا ولا مقطوع الخنصر والبنصر في يد واحدة كذلك وقطع أنملتين من إصبع كقطعها لأن نفعها يذهب بذلك ولا يمنع قطع أنملة واحدة لأنها تصير كالإصبع القصيرة إلا الإبهام فإنها أنملتان فذهاب إحداهما كقطعها لذهاب نفعها وإن قطعت الخنصر من يد والبنصر من أخرى لم يمنع لأن نفع اليد لا يبطل به ولا يجزئ الأعرج عرجا فاحشا لأنه يضر بالعمل فهو كقطع الرجل فإن كان عرجا يسيرا أجزأ لأنه لا يضر ضررا بينا ولا يجزئ الأخرس الذي لا تفهم إشارته فإن فهمت إشارته فالمنصوص أن الأخرس لا يجزئ وقال القاضي و أبو الخطاب : يجزئ إلا أن يجتمع معه الصمم فإنهما إذا اجتمعا أضرا ضررا بينا ولا يجزئ المجنون جنونا مطبقا لأنه لا يصلح لعمل ولا من أكثر زمنه الجنون لأنه يعجز عن العمل في أكثر زمنه فإن كان أكثره الإفاقة ولا يمنعه من العمل أجزأ لعدم الضرر البين .
فصل : .
ويجزئ الأعور لأنه يدرك ما يدركه ذو العينين وأجدع الأنف والأذنين والأصم لأنه كغيره في العمل ويجزئ الخصي والمجبوب كذلك ويجزئ المرهون والجاني والمدبر وولد الزنا كذلك ويجزئ الأحمق وهو الذي يخطئ ويعتقد خطأه صوابا ويجزئ المريض الموجود برؤه والنحيف القادر على العمل فأما ما لا يرجئ برؤه أو لا يقدر على العمل فلا يجزئ لأنه لا عمل فيه ويجزئ عتق الغائب المعلوم حياته لأنه ينتفع بنفسه حيث كان وإن شك في حياته لم تبرأ ذمته لأن الوجوب ثابت بيقين فلا يزول بالشك فإن تبين أنه كان حيا تبينا أن الذمة برئت بعتقه .
فصل : .
ولا يجزئ عتق الجنين لأنه لم يثبت له أحكام الرقاب فإن أعتق صبيا فقال الخرقي : لا يجزئه حتى يصلي ويصوم لأن الإيمان قول وعمل ولأنه لا يصح منه عبادة لفقد التكليف فلم يجزئ في الكفارة كالمجنون وقال القاضي : لا يجزئ من له دون السبع في ظاهر كلام أحمد وقال في موضع آخر : يجزئ عتق الصغير في جميع الكفارات إلا كفارة القتل فإنها على روايتين وقال أبو بكر وغيره : يجزئ الطفل في جميع الكفارات لأنه ترجى منافعه وتصرفه فأجزأ كالمريض المرجو ولا يجزئ عتق مغصوب لأنه ممنوع من التصرف في نفسه فأشبه الزمن .
فصل : .
ولا يجزئ عتق أم الولد في ظاهر المذهب لأن عتقها مستحق بسبب آخر فلم يجزئ كعتق قريبه ولأن الرق فيها غير كامل بدليل أنه لا يملك نقل ملكه فيها وعنه : تجزئ لأنها رقبة فتتناول الآية بعمومها وفي المكاتب ثلاث روايات : .
إحداهن : يجزئ مطلقا .
والأخرى : لا يجزئ مطلقا ووجهها ما ذكرنا .
والثالثة : إن أدى من كتابته شيئا لم يجزئ لأنه حصل العوض عن بعضها فلم يعتق رقبة كاملة وإن لم يؤد شيء أجزأ لأنه لم يقتض عن شيء منها أشبه المدبر .
فصل : .
وإن اشترى من يعتق عليه ينوي بشرائه العتق عن الكفارة عتق ولم يجزئه لأن عتقه مستحق في الكفارة فلم يجزئه كما لو استحق عليه الطعام بالنفقة فدفعه عن الكفارة وإن اشترى عبدا بشرط العتق فأعتقه عن الكفارة لم يجزه كذلك وإن قال : إن وطئتك فعلي أن أعتق عبدي ثم وطئها وأعتق العبد عن ظهاره أجزأه لأنه لم يتعين عتقه عن الإيلاء بل هو مخير بين عتقه وبين كفارة يمين .
فصل : .
ولو ملك نصف عبد وهو موسر فاعتق نصيبه ونوى عتق الجميع عن كفارته لم يجزئه في قول الخلال وصاحبه وحكاه صاحبه عن أحمد لأن عتق النصيب الذي لشريكه استحق بالسراية فلم يجزئه كما لو اشترى قريبه ينوي به التكفير وقال غيرهما : يجزئ لأن حكم السراية حكم المباشرة بدليل أنه لو جرحه فسرى إلى نفسه كان كمباشرة قتله وإن كان معسرا عتق نصيبه فإن ملك النصف الآخر فأعتقه عن الكفارة أجزأه لأنه أعتق جميعه في وقتين فأجزأ كما لو أطعم المساكين في وقتين وإن أعتق نصف عبدين فقال الخرقي : يجزئ لأن أبعاض الجملة كالجملة في الزكاة والفطرة كذلك في الكفارة وقال أبو بكر : لا يجزئ لأن المقصود تكميل الأحكام ولا يحصل بإعتاق نصفين فعلى قوله إذا أعتق الموسر نصف عبد عتق جميعه ولا يجزئه إعتاق نصف آخر فإن أعتق عبده عن كفارة غيره بغير إذنه لم يجزئه لأنها عبادة فلم تجز عن غيره بغير أمره مع كونه من أهل الأمر كالحج إلا أن يكون ميتا فيجزئ عنه لأنه لا سبيل إلى إذنه فصح من غير إذنه كالحج عنه وإن أعتقه عن كفارة حي بأمره صح وأجزأ عن الكفارة إذا نواها لأنه أعتق عنه بأمره فأجزأه كما لو ضمن له عوضا وعنه : لا يجزئ إلا أن يضمن له عوضا لأن العتق بغير عوض كالهبة ومن شرطها القبض ولم يحصل .
فصل : .
ومن لم يجد رقبة وقدر على الصيام لزمه صيام شهرين متتابعين فإن شرع في أول شهر أجزأ صيام شهرين بالأهلة تامين كانا أو ناقصين وإذا دخل في أثناء شهر صام شهرا بالهلال وأتم الشهر الذي دخل فيه بالعدد ثلاثين يوما لما ذكرنا فيما تقدم فإن أفطر يوما لغير عذر لزمه استئناف الشهرين لأنه أمكنه التتابع فلزمه وإن حاضت المرأة وأنفست أو أفطرت لمرض مخيف أو جنون أو إغماء لم ينقطع التتابع لأنه لا صنع لها في الفطر وإن أفطر لسفر فظاهر كلام أحمد : أنه لا ينقطع التتابع لأنه عذر مبيح للفطر أشبه المرض ويتخرج في السفر والمريض غير المخوف أنه يقطع التتابع لأنه أفطر باختياره فقطع التتابع كالفطر لغير عذر وإن أفطرت الحامل والمرضع خوفا على أنفسهما فهما كالمريض وإن أفطرتا خوفا على ولديهما احتمل أنه لا ينقطع التتابع لأنه عذر مبيح للفطر أشبه المرض واحتمل أن ينقطع لأن الخوف على غيرهما ولذلك أوجب الكفارة مع قضاء رمضان ومن أكل يظن أن الفجر لم يطلع وقد طلع أو يظن أن الشمس قد غابت ولم تغب أفطر وفي قطع التتابع وجهان بناء على ما تقدم وإن نسي التتابع أو تركه جاهلا بوجوبه انقطع لأنه تتبع واجب فانقطع بتركه جهلا أو نسيانا كالموالاة في الطهارة وإن أفطر يوم فطر أو أضحى أو أيام التشريق لم ينقطع به التتابع لأنه فطر واجب أشبه الفطر للحيض ويكمل اليوم الذي أفطر فيه يوم الفطر ثلاثين يوما لأنه بدأ من أثنائه وإن صام ذا الحجة قضى أربعة أيام وحسب بقدر ما أفطر لأنه بدأ من أوله وإن قطع صوم الكفارة بصوم رمضان لم ينقطع التتابع لأنه زمن منع الشرع صومه في الكفارة أشبه زمن الحيض وإن صام أثناء الشهرين عن نذر أو قضاء أو تطوعا انقطع التتابع لأنه قطع صوم الكفارة اختيارا لسبب من جهته فأشبه ما لو أفطر لغير عذر وإن كان عليه نذر في كل يوم خميس قدم صوم الكفارة عليه وقضاه بعدها و كفر لأنه لو صام لم يمكنه التكفير بحال .
فصل : .
وإن وطئ التي ظاهر منها في ليالي الصوم لزمه الاستئناف لقول الله تعالى : { فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } أمر بهما خاليين عن التماس ولم يوجد وعنه : لا ينقطع التتابع لأنه وطء لا يفطر به فلم يقطع التتابع كوطء غيرها وإن وطئ غيرها ليلا لم ينقطع التتابع لأنه غير ممنوع منه وإن وطئها نهارا ناسيا أفطر وانقطع التتابع وعنه : لا يفطر ولا ينقطع التتابع به .
فصل : .
ومن لم يستطع الصوم لكبر أو مرض غير مرجو الزوال أو شبق شديد أو نحوه لزمه إطعام ستين مسكينا لأن سلمة بن صخر لما أخبر النبي A بشدة شبقه أمره بالإطعام وأمر أوس بن الصامت بالإطعام حين قالت امرأته : إنه شيخ كبير ما به من صيام فإن قدر على ستين مسكينا لم يجزئه أقل منهم وعنه : يجزئه ترديد الإطعام على واحد ستين يوما لأنه في معنى إطعام ستين مسكينا لكونه قد دفع في كل يوم حاجة مسكين وعنه : لا يجزئه إلا إطعام ستين مسكينا سواء وجدهم أو لم يجدهم لظاهر قوله : { فإطعام ستين مسكينا } والمذهب أن ذلك يجزئ مع تعذر المساكين للحاجة ولا يجزئ مع وجودهم لأنه أمكن امتثال الأمر بصورته ومعناه .
فصل : .
والواجب أن يدفع إلى مسكين مد بر أو نصف صاع من تمر أو شعير لما روى الإمام أحمد : بإسناده عن أبي يزيد المدني قال : جاءت امرأة من بني بياضة بنصف وسق شعير فقال رسول الله A للمظاهر : [ أطعم هذا فإن مدي شعير مكان مد بر ] وهذا نص ولأنها كفارة تشتمل على صيام و إطعام فكان منها لكل فقير من التمر نصف صاع كفدية الأذى وأما المد من البر فيجزئ لأنه قول زيد وابن عباس وابن عمر وأبي هريرة Bهم ويجب أن يملك كل فقير هذا القدر فإن دفعه إليهم مشاعا فقال : هذا بينكم بالسوية فقبلوه أجزأه لأنه دفع إليهم حقهم فبرئ منه كالدين وقال ابن حامد : يجزئه وإن لم يقل بالسوية لأن قوله : عن كفارتي يقتضي التسوية وإن غداهم أو عشاهم ستين مدا ففيه روايتان : .
أحدهما : يجزئ لقول الله تعالى : { فإطعام ستين مسكينا } وهذا قد أطعمهم ولأن أنسا فعل ذلك وظاهر المذهب أنه لا يجزئ لأنه لا يعلم وصول حق كل فقير إليه ولأنه حق وجب للفقراء شرعا فوجب تمليكهم إياه كالزكاة ولا يجب التتابع في الإطعام لأن الأمر به مطلق لا تقيد فيه .
فصل : .
ويجزئه في الإطعام ما يجزئه في الفطرة سواء كانت قوت بلده أو لم تكن وإن أخرج غيرها من الحبوب التي هي قوت بلده أجزأه ذكره أبو الخطاب لقول الله تعالى : { من أوسط ما تطعمون أهليكم } فإن أخرج غير قوت بلده خيرا منه جاز لأنه زاد على الواجب وإن كان أنقص منه لم يجزئ وقال القاضي : لا يجزئ إخراج غير ما يجزئ في الفطرة لأنه إطعام للمساكين فأشبه الفطرة والأول أجود لموافقته ظاهر النص ويجوز إخراج الدقيق إذا بلغ قدر مد من الحنطة وفي الخبز روايتين : .
إحداهما : يجزئه لقول الله تعالى : { فإطعام ستين مسكينا } ومخرج الخبز قد أطعمهم والأخرى لا يجزئه لأنه قد خرج عن حال الكمال والادخار فأشبه الهريسة فإذا قلنا : يجزئه اعتبر أن يكون من مد بر فصاعدا فإن أخذ مد حنطة فطحنه وخبزه أجزأه وقال الخرقي : لكل مسكين رطلا خبز لأن الغالب أنهما لا يكونان إلا من مد فأكثر وفي السويق وجهان بناء على الروايتين في الخبز ولا تجزئ الهريسة والكبولاء لأنه خرج عن الاقتيات المعتاد ولا القيمة لأنه أحد ما يكفر به فلم تجزئ القيمة فيه كالعتق .
فصل : .
ولا يجوز صرفها إلا إلى الفقراء والمساكين لأنهما صنف واحد في غير الزكاة ولا يجوز دفعها إلى غني وإن كان من أصناف الزكاة لأن الله تعالى خص بعها المساكين ولا إلى مكاتب كذلك وقال الشريف أبو جعفر : يجوز دفعها إليه لأنه يأخذ من الزكاة لحاجته فأشبه المسكين والأول أولى لأن الله تعالى خص بها المساكين والمكاتب صنف آخر فأشبه المؤلفة ولا يجوز دفعها إلى من لا يجوز دفع الزكاة إليه كالعبد والكافر ومن تلزمه مؤنته لما ذكرنا في الزكاة وخرج أبو الخطاب وجها آخر في جواز الدفع إلى الكافر بناء على عتقه ولا يصح لأنه كافر فلم يجز الدفع إليه كالمستأمن .
فصل : .
ولا تجزىء كفارة إلا بالنية لقول النبي A : [ إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ] ولأنه حق يجب على سبيل الطهرة فافتقر إلى النية كالزكاة فإن كانت عليه كفارات من جنس لم يلزمه تعيين سببها وإن كانت من أجناس فكذلك لأنها كفارات فلم يجب تعيين سببها كما لو كانت من جنس وقال القاضي : يحتمل أن يلزمه تعيين سببها لأنها عبادات من أجناس فوجب تعيين النية لها كأنواع الصيام فلو كانت عليه كفارة لا يعلم سببها فأعتق رقبة أجزأه على الوجه الأول وعلى الوجه الثاني ينبغي أن تلزمه كفارات بعدد الأسباب كما لو نسي الصلاة من يوم لا يعلم عينها ولا يلزم نية التتابع في الصيام لأن العبادة هي الصوم والتتابع شرط فيه فلم تجب نيته كالاستقبال في الصلاة .
فصل : .
وإن كان المظاهر كافرا كفر بالعتق والإطعام لأنه يصح منه من غير الكفارة فصح منه فيها ولا يكفر بالصوم لأنه لا يصح منه في غيرها فكذلك فيها وإن أسلم قبل التكفير كفر بما يكفر به المسلمون .
فصل : .
ولا يجوز تقديم الكفارة على سببها لأن الحكم لا يجوز تقديمه على سببه كتقديم الزكاة قبل الملك ولو كفر عن الظهار قبل المظاهرة أو عن يمين قبلها أو عن القتل قبل الجرح لم يجز كذلك وإن كفر بعد السبب وقبل الشرط جاز فإذا كفر عن الظهار بعده وقبل العود وعن اليمين بعدها وقبل الحنث وعن القتل بعد الجرح وقبل الزهوق جاز لأن الله تعالى قال : { فتحرير رقبة من قبل أن يتماسا } وقال النبي A : [ إذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فكفر عن يمينك وأت الذي هو خير ] ولأنها كفارة فجاز تقديمها على شرطها ككفارة الظهار ولأنه حق مالي فجاز تقديمه قبل شرطه كالزكاة