باب تعليق العتق بالصفة .
ويجوز تعليق العتق بصفة نحو قوله : إن دخلت الدار فأنت حر أو : إن أعطيتني ألفا فأنت حر لأنه عتق بصفة فجاز كالتدبير ولا يعتق قبل وجود الصفة بكمالها لأنه حق علق على شرط فلا يثبت قبله كالجعل في الجعالة وإن قال ذلك في مرض موته اعتبر من الثلث لأنه لو اعتقه اعتبر من الثلث فإذا عقده كان أولى فإن قال في الصحة : فهو من رأس المال سواء وجدت الصفة في الصحة أو المرض لأنه غير متهم بالإضرار بالورثة في تلك الحال وقال أبو بكر : إن وجدت الصفة في المرض فهو من الثلث لأن حق الورثة قد تعلق بالثلثين فلم ينفذ إعتاقه فيهما كما لو نجز العتق وإن مات السيد قبل وجود الصفة بطلت لأن ملكه يزول بموته فيبطل تصرفه بزواله وإن قال : إن دخلت الدار بعد موتي فأنت حر ففيه روايتان : .
إحداهما : لا تنعقد هذه الصفة لأنه علق عتقه على صفة توجد بعد زوال ملكه فلم تصح كما لو قال : إن دخلت الدار بعد بيعي إياك فأنت حر .
والثانية : تنعقد لأنه إعتاق بعد الموت فصح كما لو قال : أنت حر موتي .
فصل .
وإن علق عتق أمته على صفة وهي حامل تبعها ولدها في ذلك لأنه كعضو من أعضائها فإن وضعته قبل وجود الصفة ثم وجدت عتق الولد لأنه تابع في الصفة فأشبه ما لو كلن في البطن وإن علق عتقها وهي حائل ثم وجدت الصفة وهي حامل عتقت هي وحملها لأن العتق وجد فيها وهي حامل فتبعها ولدها كالعتق المطلق وإن حملت ثم ولدت ووجدت الصفة لم يعتق الولد لأن الصفة لم تتعلق به وفيه وجه آخر : يتبعها قياسا على ولد المدبرة وإن بطلت الصفة ببيع أو موت لم يعتق الولد لأنه إنما يتبعها في العتق لا في الصفة فإذا لم توجد فيها لم توجد فيه بخلاف ولد المدبرة فإن يتبعها في التدبير فإذا بطل فيها بقي فيه .
فصل .
وإذا علق العتق بصفة لم يملك إبطالها بالقول لأنه كالنذر ويملك ما يزيل الملك فيه من البيع وغيره فإذا باعه ثم اشتراه فالصفة بحالها لأن التعليق والصفة وجدا في ملكه فعتق كما لو لم يزل الملك فإن وجدت الصفة بعد زوال الملك ثم اشتراه فهل تعود الصفة ؟ فيه روايتان : .
إحداهما : لا تعود لأنها انحلت بوجودها في ملك المشتري فلم تعد كما لو انحلت بوجودها في ملكه .
والثانية : تعود لأنه لم توجد الصفة التي يعتق بها فأشبه ما لو عاد إلى ملكه قبل وجود الصفة ولأن الملك مقدر بالصفة فكأنه قال : إذا دخلت الدار وأنت في ملكي فأنت حر ولم يوجد ذلك .
فصل .
وإن علق العتق على صفة قبل الملك فقال لعبد أجنبي : إذا دخلت الدار فأنت حر ثم ملكه ودخل الدار لم يعتق لأنه لا يملك تنجيز العتق فلا يملك تعليقه ولأن النبي A قال : [ لا عتق قبل ملك ] رواه أبو داود الطيالسي وإن قال : إن ملكتك فأنت حر أو ملكت فلانا فهو حر ففيه روايتان : .
إحداهما : لا يعتق لذلك .
والثانية : يعتق إذا ملكه لأنه أضاف العتق إلى حال يملك عتقه فيه فأشبه ما لو كان التعليق في ملكه وإن قال الحر : كل مملوك أملكه فهو حر ففيه روايتان لما ذكرنا وإن قال : ذلك العبد ثم عتق وملك فهل يعتق عليه ؟ على وجهين : .
أحدهما : يعتق عليه كالحر .
والثاني : لا يعتق عليه لأن العبد لا يملك فلا يصح منه التعليق ولو قال الحر : آخر مملوك أشتريه فهو حر وقلنا بصحة التعليق فمتى مات تبينا حصول الحرية لآخر مملوك اشتراه من حين الشراء فيكون اكتسابه له فإن أشكل الآخر منهم أقرع بينهم لإخراج الحر وكذلك لو قال لأمته : أول ولد تلدينه فهو حر فولدت ابنين أقرع بينهما إذا أشكل أولهما خروجا