باب المزارعة .
وهي : دفع الأرض إلى من يزرعها بجزء من الزرع وتجوز في الأرض البيضاء والتي بين الشجر لخبر ابن عمر Bه وما ذكرنا في المساقاة وأيهما أخرج البذر جاز لأن النبي A دفع خيبر معاملة ولم يذكر البذر وفي ترك ذكره دليل على جوازه من أيهما كان وفي بعض لفظ الحديث ما يدل على أنه جعل البذر عليهم لقول ابن عمر : [ دفع رسول الله A نخل خيبر وأرضها إليهم على أن يعملوها من أموالهم ] رواه مسلم وفي لفظ : على أن يعملوها ويزرعوها ولهم شطر ما يخرج منها وعن عمر Bه : أنه كان يدفع الأرض على أن من أخرج البذر فله كذا ومن لم يخرجه فله كذا وظاهر كلام أحمد Bه : انه يشترط كون البذر من رب الأرض لأنه عقد يشترك رب المال والعامل في نمائه فوجب أن يكون رأس المال من رب المال كالمساقاة والمضاربة فإن شرطه على العامل أو شرط أن يأخذ رب الأرض مثل بذره ويقتسما ما بقي فسدت المزارعة ومتى فسدت فالزرع لصاحب البذر لأنه من عين ماله ولصاحبه عليه أجرة مثله .
فصل : .
فإن دفع بذرا إلى ذي أرض ليزرعه فيها بجزء لم يصح لأن البذر لا من العامل ولا من رب الأرض فإن قال : أنا أزرع أرضي ببذري وعواملي على أن سقيها من مائك بجزء لم يصح لأن المزارعة معاملة على الأرض فيجب أن يكون العمل فيها من غير صاحبها وعنه : أنه يصح اختارها أبو بكر لأنه لما جاز أن يكون عوض العمل جزءا مشاعا جاز أن يكون عوض المال كذلك وإن كانوا ثلاثة من أحدهم الأرض ومن آخر العمل ومن آخر البذر والزرع بينهم فهي فاسدة لما ذكرنا في أول الفصل .
فصل : .
فإن قال : أجرتك هذه الأرض بثلث الخارج منها فقال أحمد Bه : يصح واختلف أصحابه فقال أكثرهم : هي إجارة صحيحة يشترط فيها شروط الإجارة وقال أبو الخطاب : هذه مزارعة بلفظ الإجارة فيشترط فيها شروط المزارعة وحكمها حكمها لأن النبي A قال : [ من كانت له أرض فليزرعها أو فليزرعها أخاه ولا يكريها بثلث ولا بربع ولا بطعام مسمى ] رواه أبو داود ولأن هذا مجهول فلم يجز أن يكون عوضا في الإجارة كثلث نماء أرض أخرى .
فصل : .
وحكم المزارعة حكم المساقاة فيما ذكرناه ومن الجواز واللزوم وما يلزم العامل ورب الأرض وغير ذلك من أحكامها لأنها معاملة على الأرض ببعض نمائها وإن كانت الأرض شجر فقال : ساقيتك على الأرض والشجر بالنصف أو قال : ساقيتك على الشجر بالنصف وزارعتك الأرض بالثلث جاز لأنهما عقدان يجوز إفرادهما فجاز جمعهما كعينين .
فصل : .
ومتى سقط من الحب شيء ثم نبت في عالم آخر أو سقط من حب المستأجر ثم نبت في عام آخر فهو لصاحب الأرض لأن صاحب الحب أسقط حقه منه بحكم العرف بدليل أن لكل أحد التقاطه فسقط كما لو سقط النوى فنبت شجرا