فصلان : زكاة العسل مقدارها .
فصل : ومذهب احمد أن في العسل والعشر قال الأثرم : سئل أبو عبد الله أنت تذهب إلى أن في العسل زكاة ؟ قال نعم اذهب إلى أن في العسل زكاة العشر قد أخذ عمر منهم الزكاة قلت ذلك على أنهم تطوعوا به قال لا : بل أخذه منهم ويروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز و مكحول و الزهري وسليمان بن موسى و الأوزاعي و اسحاق وقال مالك و الشافعي و ابن أبي ليلى و الحسن بن صالح و ابن المنذر : لا زكاة فيه لأنه مائع خارج من حيوان أشبه اللبن قال ابن المنذر : ليس في وجوب الصدقة في العسل خبر يثبت ولا إجماع فلا زكاة فيه وقال أبو حنيفة إن كان في أرض العشر ففيه الزكاة وإلا فلا زكاة فيه .
ووجه الاول ما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله A كان يؤخذ في زمانه من قرب العسل من كل قربة من أوسطها رواه أبو عبيد و الأثرم و ابن ماجة وعن سليمان بن موسى أن أبا سيارة المتعي قال : [ قلت يا رسول الله إن لي نحلا قال : أد عشرها قال فاحم اذا جبلها فحماه له ] رواه أبو عبيد و ابن ماجة وروى الأثرم عن ابن أبي ذبابة عن أبيه عن جده أن عمر Bه أمره في العسل بالعشر أما اللبن فان الزكاة وجبت في أصله وهي السائمة بخلاف العسل وقول أبي حنيفة : ينبنى على أن العشر والخراج لا يجتمعان وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى .
فصل : ونصاب العسل عشرة أفراق وهذا قول الزهري وقال أبو يوسف و محمد خمسة أوساق لقول النبي A : [ ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة ] وقال أبو حنيفة : تجب في قليله وكثيره بناء على أصله في الحبوب والثمار ووجه الأول ما روي عن عمر Bه أن ناسا سألوه فقالوا : إن رسول الله A قطع لنا واديا باليمن فيه خلايا من نحل وأنا نجد ناسا يسرقونها فقال عمر Bه : إن أديتم صدقتها من كل عشرة أفراق فرقا حميناها لكم رواه الجوزجاني وهذا تقدير من عمر Bه فيتعين المصير اليه اذا ثبت هذا فان الفرق ستة عشر رطلا بالعراقي فيكون نصابه مائة وستون رطلا وقال أحمد في رواية أبي داود قال الزهري في عشرة أفراق فرق والفرق ستة عشر رطلا قال ابن حامد : الفرق ستون رطلا فيكون النصاب ستمائة رطل فانه يروى أن الخليل بن أحمد قال : الفرق باسكان الراء مكيال ضخم من مكاييل أهل العراق وقيل هو مائة وعشرون رطلا ويحتمل أن يكون نصابه ألف رطل لحديث عمرو بن شعيب أن كان يؤخذ في زمان رسول الله A من قرب العسل من كل عشر قرب قربة من أوسطها والقربة عند الاطلاق مائة رطل بدليل أن القلتين خمس قرب وهي خمسمائة رطل .
وروى سعيد قال : حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذئاب عن أبيه عن جده أنه قال لقومه : إنه لا خير في مال لا زكاة فيه قال : فأخذ من كل عشر قرب قربة فجئت بها إلى عمر بن الخطاب فأخذها فجعلها في صدقات المسلمين ووجه الاول قول عمر : من كل عشرة أفراق فرقا والفرق بتحريك الراء ستة عشر رطلا قال أبو عبيد : لا خلاف بين الناس أعلمه في أن الفرق ثلاثة آصع [ وقال النبي A لكعب بن عجرة : أطعم ستة مساكين فرقا من طعام ] فقد بين أنه ثلاثة آصع [ وقالت عائشة : كنت أغتسل أنا ورسول الله A من اناء ] هو الفرق هذا هو المشهور فينصرف الاطلاق اليه والفرق هو مكيال ضخم لا يصح حمله عليه لوجوه أحدها أنه غير مشهور في كلامهم فلا يحمل عليه المطلق من كلامهم قال ثعلب : قل فرق ولا تقل فرق قال خداش بن زهير : يأخذون الأرش في أخوتهم فرق السمن وشاة في الغنم الثاني أن عمر قال : من كل عشرة أفراق فرق والافراق جمع فرق بفتح الراء وجمع فرق باسكان الراء فروق وفي القلة أفرق لأن ما كان على وزن فعل ساكن العين غير معتل فجمعه في القلة أفعل وفي الكثرة فعال أو فعول والثالث أو الفرق الذي هو مكيال ضخم من مكاييل أهل العراق لا يحمل عليه كلام عمر Bه وانما يحمل كلام عمر Bه على مكاييل أهل الحجاز لأنه بها ومن أهلها ويؤكد ما ذكرنا تفسير الزهري له نصاب العسل بما قلناه والا ما أحمد ذكره في معرض الاحتجاج به فيدل على أنه ذهب اليه والله أعلم