كتاب صلاة الكسوف - مسألة : حكم صلاة الكسوف .
الكسوف والخسوف شيء واحد وكلاهما قد وردت به الأخبار وجاء القرآن بلفظ الخسوف .
مسألة : قال أبو القاسم : وإذا خسفت الشمس أو القمر فزع الناس إلى الصلاة إن أحبوا جماعة وإن أحبوا فرادى .
صلاة الكسوف ثابتة بسنة رسول الله A على ما سنذكره ولا نعلم بين أهل العلم في مشروعيتها لكسوف الشمس خلافا وأكثر أهل العلم على أنها مشروعة لخسوف القمر : فعله ابن عباس وبه قال عطاء و الحسن و النخعي و الشافعي و إسحاق وقال مالك : ليس لكسوف القمر سنة وحكى ابن عبد البر عنه وعن أبي حنيفة أنهما قالا : يصلي الناس لخسوف القمر وحدانا ركعتين ركعتين ولا يصلون جماع لأن في خروجهم إليها مشقة .
ولنا أن النبي A قال : [ إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فصلوا ] متفق عليه فأمر بالصلاة لهما أمرا واحدا وعن ابن عباس أنه صلى بأهل البصرة في خسوف القمر ركعتين وقال : إنما صليت لأني رأيت رسول الله A يصلي ولأنه أحد الكسوفين فأشبه كسوف الشمس ويسن فعلها جماعة وفرادى وبهذا قال مالك و الشافعي وحكي عن الثوري أنه قال : إن صلاها الإمام صلوها معه وإلا فلا تصلوا .
ولنا قوله E : [ فإذا رأيتموها فصلوا ] ولأنها نافلة فجازت في الانفراد كسائر النوافل وإذا ثبت هذا فإن فعلها في الجماعة أفضل لأن النبي A صلاها في جماعة والسنة أن يصليها في المسجد لأن النبي A فعلها فيه قالت عائشة : [ خسفت الشمس في حياة رسول الله صل الله عليه وسلم فخرج إلى المسجد فصف الناس وراءه ] رواه البخاري ولأن وقت الكسوف يضيق فلو خرج إلى المصلى احتمل التجلي قبل فعلها وتشرع في الحضر والسفر بإذن الإمام وغير إذنه وقال أبو بكر : هي كصلاة العيد فيها روايتان .
ولنا قول النبي A : [ فإذا رأيتموها فصلوا ] ولأنها نافلة أشبهت سائر النوافل وتشرع في حق النساء لـ [ أن عائشة وأسماء صلتا مع رسول الله A ] رواه البخاري ويسن أن ينادى لها : الصلاة جامعة لما روي عن عبد الله بن عمرو قال : [ لما كسفت الشمس على عهد رسول الله A نودي بالصلاة جامعة ] متفق عليه ولا يسن لها أذان ولا إقامة لـ [ أن النبي A صلاها بغير أذان ولا إقامة ] ولأنها من غير الصلوات الخمس فأشبهت سائر النوافل