كتاب صلاة الخوف - مشروعية صلاة الخوف .
صلاة الخوف ثابتة بالكتاب والسنة أما الكتاب فقول الله تعالى : { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة } الآية وأما السنة فثبت أن النبي A كان يصلي صلاة الخوف وجمهور العلماء متفقون على أن حكمها باق بعد النبي A وقال أبو يوسف : إنما كانت تختص بالنبي A لقوله تعالى { وإذا كنت فيهم } وليس بصحيح فإن ما ثبت في حق النبي A ثبت في حقنا ما لم يقم دليل على اختصاصه به فإن الله تعالى أمر باتباعه بقوله { فاتبعوه } و [ سئل عن القبلة للصائم فأجاب بأنني أفعل ذلك فقال السائل : لست مثلنا فغضب وقال : ( إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله تعالى وأعلمكم بما أتقي ) ] ولو اختص بفعله لما كان الإخبار بفعله جوابا ولا غضب من قول السائل لست مثلنا لأن قوله إذا يكون صوابا وكان أصحاب النبي A يحتجون بأفعال رسول الله A ويرونها معارضة لقوله وناسخة له ولذلك لما أخبرت عائشة وأم سلمة بأن النبي A كان يصبح جنبا من غير احتلام ثم يغتسل ويصوم ذلك اليوم تركوا به خبر أبي هريرة [ من أصبح جنبا فلا صوم له ] ولما ذكروا ذلك لأبي هريرة قال : هن أعلم إنما حدثني به الفضل بن عباس ورجع عن قوله ولو لم يكن فعله حجة لغيره لم يكن معارضا لقوله وأيضا فإن الصحابة Bهم أجمعوا على صلاة الخوف فروي أن عليا Bه صلى صلاة الخوف ليلة الهدير وصلى أبو موسى الأشعري صلاة الخوف بأصحابه .
و [ روي أن سعيد بن العاص كان أميرا على الجيش بطبرستان فقال : أيكم صلى مع رسول الله A صلاة الخوف فقال حذيفة : أنا فقدمه فصلى بهم ] فأما تخصيص النبي A بالخطاب فلا وجب تخصيصه بالحكم لما ذكرناه ولأن الصحابة Bهم أنكروا على مانعي الزكاة قولهم إن الله تعالى خص نبيه بأخذ الزكاة بقوله { خذ من أموالهم صدقة } وقد قال الله تعالى : { يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك } وهذا لا يختص به فإن قيل للنبي A أخر الصلاة يوم الخندق ولم يصل قلنا هذا كان قبل نزول صلاة الخوف وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمر رسول الله A ويكون ناسخا لما قبله ثم إن هذا الاعتراض باطل في نفسه إذ لا خلاف في أن النبي A كان له أن يصلي صلاة الخوف وقد أمره الله تعالى بذلك في كتابه فلا يجوز الاحتجاج بما يخالف الكتاب والإجماع ويحتمل أن النبي A أخر الصلاة نسيانا فإنه [ روي أن النبي A سألهم عن صلاتها فقالوا ما صلينا وروي أن عمر قال : ما صليت العصر فقال النبي A : ( والله ما صليتها ) ] أو كما جاء ويدل على صحة هذا أنه لم يكن ثم قتال يمنعه من الصلاة فدل على ما ذكرناه