مسألة وفصول : حكم التنفل قبل صلاة العيد وبعدها .
مسألة : قال : ولا يتنفل قبل صلاة العيدين ولا بعدها .
وجملته أنه ينكره التنفل قبل صلاة العيد وبعدها للإمام والمأموم في موضع الصلاة سواء كان في المصلى أو المسجد وهو مذهب ابن عباس وابن عمر وروي ذلك عن علي وابن مسعود وحذيفة وبريدة وسلمة بن الأكوع وجابر وابن أبي أوفى وقال به شريح و عبد الله بن مغفل و الشعبي و مالك و الضحاك و القاسم و سالم و معمر و ابن جريج و مسروق وقال الزهري : لم أسمع أحدا من علمائنا يذكر أن أحدا من سلف هذه الأمة كان يصلي قبل تلك الصلاة ولا بعدها يعني صلاة العيد وقال : ما صلى قبل العيد بدري ونهى عنه أبو مسعود البدري وروي أن عليا Bه رأى قوما يصلون قبل العيد فقلا : ما كان هذا يفعل على عهد رسول الله A وقال أحمد : أهل المدينة لا يتطوعون قبلها ولا بعدها وأهل البصرة يتطوعون قبلها وبعدها وأهل الكوفة لا يتطوعون قبلها ويتطوعون بعدها وهذا قول علقمة و الأسود و مجاهد و ابن أبي ليلى و النخعي و الثوري و الأوزاعي وأصحاب الرأي وقال مالك : لا يتطوع في المصلى قبلها ولا بعدها وله في المسجد روايتان إحداهما يتطوع لقول النبي A : [ إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ] وقال الشافعي : يكره التطوع للإمام دون المأموم لأن الإمام لا يستحب له التشاغل عن الصلاة ولم يكره للمأموم لأنه وقت لم ينه عن الصلاة فيه أشبه ما بعد الزوال .
ولنا ما روى ابن عباس [ أن النبي A خرج يوم عيد الفطر فصلى ركعتين لم يصل قبلهما ولا بعدهما ] متفق عليه وروى ابن عمر نحوه ولأنه إجماع كما ذكرناه عن الزهري وغيره ونهى أصحاب رسول الله A عنه ورووا الحديث وعملوا به ولأنه وقت نهى الإمام عن التنفل فيه فكره للمأموم كسائر أوقات النهي وكما قبل الصلاة عند أبي حنيفة وكما لو كان في المصلى عن مالك قال الأثرم : قلت لـ أحمد : قال سليمان بن حرب : إنما ترك النبي A التطوع لأنه كان إماما قال أحمد : فالذين رووا هذا عن النبي A لم يتطوعوا ثم قال : ابن عمر وابن عباس هما راوياه وأخذا به يشير والله أعلم إلى أن عمل راوي الحديث به تفسير له وتفسيره يقدم على تفسير غيره ولو كانت الكراهة للإمام كيلا يشتغل عن الصلاة لاختصت بما قبل الصلاة إذ لم يبق بعدها ما يشتغل به ولأنه تنفل في المصلى وقت صلاة العيد فكره كالذي سلموه وقياسهم منتقض بالإمام وقد روي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده [ أن النبي A كان يكبر في صلاة العيد سبعا وخمسا ويقول : ( لا صلاة قبلها ولا بعدها ) ] حكى ابن عقيل أن الإمام ابن بطة رواه بإسناده .
فصل : قيل لـ أحمد فإن كان رجل يصلي صلاة في ذلك الوقت قال : أخاف أن يقتدي به بعض من يراه يعني لا يصلي قال ابن عقيل : وكره أحمد أن يتعمد لقضاء صلاة وقال : أخاف أن يقتدوا به .
فصل : وإنما يكره التنفل في موضع الصلاة فأما في غيره فلا بأس به وكذلك لو خرج منه ثم عاد إليه بعد الصلاة فلا بأس بالتطوع فيه قال عبد الله بن أحمد : سمعت أبي يقول : [ روى ابن عباس أن النبي A لم يصل قبلها ولا بعدها ورأيته يصلي بعدها ركعات في البيت وربما صلاها في الطريق يدخل بعض المساجد ] وروي عن أبي سعيد قال : [ كان رسول الله A لا يصلي قبل العيد شيئا فإذا رجع إلى منزله صلى ركعتين ] رواه ابن ماجة ولأنه إنما ترك الصلاة في موضع الصلاة اقتداء برسول الله A وأصحابه ولاشتغاله بالصلاة وانتظارها وهذا معدوم في غير موضع الصلاة