مسألة وفصلان : وقت وجوب السعي أي الجمعة وحكم البيع بعد نداء الجمعة .
مسألة : قال : وأخذ المؤذنون في الأذان وهذا الأذان الذي يمنع البيع ويلزم السعي إلا لمن منزله في بعد فعليه أن يسعى في الوقت الذي يكون به مدركا للجمعة .
أما مشروعية الأذان عقيب صعود الإمام فلا خلاف فيه فقد [ كان يؤذن للنبي A ] قال السائب بن يزيد : [ كان النداء إذا صعد الإمام على المنبر على عهد رسول الله A وأبي بكر وعم فلما كان عثمان كثر الناس فزاد النداء الثالث على الزوراء ] رواه البخاري وأما قوله هذا الأذان الذي يمنع البيع ويلزم السعي فلأن الله تعالى أمر بالسعي ونهى عن البيع بعد النداء بقوله سبحانه { إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } والنداء الذي كان على عهد رسول الله A هو النداء عقيب جلوس الإمام على المنبر فتعلق الحكم به دون غيره ولا فرق بين أن يكون ذلك قبل الزوال أو بعده وحكى القاضي رواية عن أحمد أن البيع يحرم بزوال الشمس وإن لم يجلس الإمام على المنبر ولا يصح هذا لأن الله تعالى علقه على النداء لا على الوقت ولأن المقصود بهذا إدراك الجمعة وهو يحصل بما ذكرنا دون ما ذكره ولو كان تحريم البيع معلقا بالوقت لما اختص بالزوال فإن ما قبله وقت أيضا فأما من كان منزله بعيدا لا يدرك الجمعة بالسعي وقت النداء فعليه السعي في الوقت الذي يكون به مدركا للجمعة لأن الجمعة واجبة والسعي قبل النداء من ضرورة إدراكها وما لا يتم الواجب إلا به واجب كاستقاء الماء من البئر للوضوء إذا لم يقدر على غيره وإمساك جزء من الليل مع النهار في الصوم ونحوهما .
فصل : وتحريم البيع ووجوب السعي يختص بالمخاطبين بالجمعة فأما غيرهم من النساء والصبيان والمسافرين فلا يثبت في حقه ذلك وذكر ابن أبي موسى في غير المخاطبين روايتين والصحيح ما ذكرنا فإن الله تعالى إنما نهى عن البيع من أمره بالسعي فغير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي ولأن تحريم البيع معلل بما يحصل له من الاشتغال عن الجمعة وهذا معدوم في حقهم فإن كان المسافر في غير المصر أو كان إنسانا مقيما بقرية لا جمعة على أهلها لم يحرم البيع قولا واحدا ولم يكره وإن كان أحد المتبايعين مخاطبا والآخر غير مخاطب حرم في حق المخاطب وكره في حق غيره لما فيه من الإعانة عل الإثم ويحتمل أن يحرم أيضا لقوله تعالى : { ولا تعاونوا على الإثم والعدوان } .
فصل : ولا يحرم غير البيع من العقود كالإجارة والصلح والنكاح وقيل يحرم لأنه عقد معاوضة أشبه البيع .
ولنا أن النهي مختص بالبيع لا يساويه في الشغل عن السعي لقلة وجوده فلا يصح قياسه على البيع