فصل : استعمال ثياب المشركين وآنيتهم .
فصل : والمشركون على ضربين أهل الكتاب وغيرهم فأهل الكتاب يباح أكل طعامهم وشرابهم والأكل في آنيتهم ما لم يتحقق نجاستها قال ابن عقيل : لا تختلف الرواية في أنه يحرم استعمال أوانيهم وذلك لقول الله تعالى : { وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم } وروي عن عبد الله بن المغفل قال دلي جراب من شحم يوم خيبر فالتزمته وقلت والله لا أعطي أحدا منه شيئا فالتفت فإذا رسول الله A يبتسم وراه مسلم وأخرجه البخاري بمعناه وروي أن النبي A أضافه يهودي بخبز وأهالة سنخة رواه الإمام أحمد في المسند وكتاب الزهد وتوضأ عمر من جرة نصرانية - وهل يكره له استعمال أوانيهم ؟ على روايتين إحداهما لا يكره لما ذكرنا والثانية يكره لما روى أبو ثعلبة الخشني [ قال : قلت يا رسول الله : إنا بأرض قول أهل كتاب أفتأكل في آوانيهم ؟ فقال رسول الله A : إن وجدتم غيرها فلا تأكلوا فيها وإن لم تجدوا غيرها فاغسلوها وكلوا فيها ] متفق عليه وأقل أحوال النهي والكراهة ولأنهم لا يتورعون عن النجاسة ولا تسلم آنيتهم من أطعمتهم وأدنى ما يؤثر ذلك الكراهة وأما ثيابهم فما لم يستعملوه أو علا منها كالعمامة والطيلسان والثوب الفوقاني فهو طاهر لا بأس بلبسه وما لاقى عوراتهم كالسراويل والثوب السفلاني والازار فقال : أحمد : أحب إلي أن يعيد يعني من صلى فيه فيحتمل وجهين أحدهما وجوب الإعادة وهو قول القاضي وكره أبو حنيفة و الشافعي الأزر والسراويلات لأنهم يتعبدون بترك النجاسة ولا يتحرزون منها فالظاهر نجاسة ما ولي مخرجها والثاني لا يجب وهو قول أبي الخطاب لأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك .
الضرب الثاني : غير أهل الكتاب وهم المجوس وعبدة الأوثان ونحوهم فحكم ثيابهم حكم ثياب أهل الذمة وأما أوانيهم فقال القاضي : لا يستعمل ما استعملوه من آنيتهم لأن أوانيهم لا تخلو من أطعمتهم وذبائحهم ميتة فلا تخلو أوانيهم من وضعها فيها وقال أبو الخطاب : حكمهم حكم أهل الكتاب وثيابهم وأوانيهم طاهرة مباحة الاستعمال ما لم يتيقن نجاستها وهو مذهب الشافعي لأن النبي A وأصحابه توضؤوا من مزادة مشركة متفق عليه ولأن الأصل الطهارة فلا تزول بالشك فظاهر كلام أحمد C مثل قول القاضي فانه قال : في المجوس لا يؤكل من طعامهم إلا طعامهم إلا الفاكهة لأن الظاهر نجاسة آنيتهم المستعملة في أطعمتهم فأشبهت السراويلات من ثيابهم ومن يأكل الخنزير من النصارى في موضع يمكنهم أكله أو يأكل الميتة أو يذبح بالسن والظفر ونحوه فحكمه حكم غير أهل الكتاب لاتفاقهم في نجاسة أطعمتهم ومتى شك في الإناء هل استعملوه في أطعمتهم أو لم يستعملوه فهو طاهر لأن الأصل طهارته ولا نعلم خلافا بين أهل العلم في إباحة الصلاة في الثوب الذي نسجه الكفار فإن النبي A وأصحابه إنما كان لباسهم من نسج الكفار فأما ثيابهم التي يلبسونها فأباح الصلاة فيها الثوري وأصحاب الرأي وقال مالك : في ثوب الكفار يلبسه على كل حال إن صلى فيه يعيد ما دام في الوقت ولنا أن الأصل الطهارة ولم تترجع جهة التنجيس فيه أشبه ما نسجه الكفار