فصلان : نية الجمع والموالاة بين صلاتي الجمع .
فصل : قال ومن شرط جواز الجمع نية الجمع في أحد الوجهين والآخر لا يشترط ذلك وهو قول أبي بكر والتفريع على اشتراطه وموضع النية يختلف باختلاف الجمع فإن جمع في وقت الأولى فموضعه عند الإحرام بالأولى في أحد الوجهين لأنها نية يفتقر إليها فاعتبرت عند الإحرام كنية القصر والثاني موضعها من أول الصلاة الأولى إلى سلامها أي ذلك نوى فيه أجزأه لأن موضع الجمع حين الفراغ من آخر الأولى إلى الشروع في الثانية فإذا لم تتأخر النية عنه أجزأه ذلك وإن جمع في وقت الثانية فموضع النية في وقت الأولى من أوله إلى أن يبقى منه قدر ما يصليها لأنه متى أخرها عن ذلك بغير نية صارت قضاء لا جمعا ويحتمل أن يكون وقت النية إلى أن يبقى منه قدر ما يدركها به وهو ركعة أو تكبيرة الإحرام على ما قدمنا والذي ذكره أصحابنا ألوى فإن تأخيرها من القدر الذي يضيق عن فعلها حرام .
فصل : فإن جمع في وقت الأولى اعتبرت المواصلة بينهما وهو أن لا يفرق بينهما إلا تفريقا يسيرا فإن أطال الفصل بينهما بطل الجمع لأن معنى الجمع المتابعة أو المقاربة ولم تكن المتابعة فلم يبق إلا المقاربة فإن فرق بينهما تفريقا كثيرا بطل الجمع سواء فرق بينهما لنوم أو سهو أو شغل أو قصد أو غير ذلك لأن الشرط لا يثبت المشروط بدونه وإن كان يسيرا لم يمنع لأنه لا يمكن التحرز منه والمرجع في اليسير والكثير إلى العرف والعادة لا حد له سوى ذلك وقدره بعض أصحابنا بقدر الإقامة والوضوء والصحيح أنه لا حد له لأن ما لم يرد الشرع بتقديره لا سبيل إلى تقديره والمرجع فيه إلى العرف كالإحراز والقبض ومتى احتاج إلى الوضوء والتيمم فعله إذا لم يطل الفصل وإن تكلم بكلام يسير لم يبطل الجمع وإن صلى بينهما السنة بطل الجمع لأنه فرق بينهما بصلاة فبطل الجمع كما لو صلى بينهما غيرها وعنه لا يبطل لأنه تفريق يسير أشبه ما لو توضأ وإن جمع في وقت الثانية جاز التفريق لأنه متى صلى الأولى فالثانية في وقتها لا تخرج بتأخيرها عن كونها مؤداة وفيه وجه آخر أن المتابعة مشترطة لأن الجمع حقيقته ضم الشيء إلى الشيء ولا يحصل مع التفريق والأول أصح لأن الأولى بعد وقوعها صحيحة لا تبطل بشيء يوجد بعدها والثانية لا تقع إلا في وقتها