مسألة وفصول : اشتراط نية القصر عند أول الصلاة ومن نوى القصر ثم عزم على الإقامة .
مسألة : قال : ومن لم ينو القصر في وقت دخوله إلى الصلاة لم يقصر .
وجملته أن نية القصر شرط في جوازه ويعتبر وجودها عند أول الصلاة كنية الصلاة وهذا قول الخرقي واختاره القاضي وقال أبو بكر : لا تشترط نيته لأن من خير في العبادة قبل الدخول فيها خير بعد الدخول فيها كالصوم ولأن القصر هو الأصل بدليل خبر عائشة وعمر وابن عباس فلا يحتاج إلى نية كالإتمام في الحضر ووجه الأول أن الإتمام هو الأصل على ما سنذكره في مسألة وللمسافر أن يقصر وله أن يتم وإطلاق النية ينصرف إلى الأصل ولا ينصرف عنه إلا بتعيين ما يصرفه إليه كما لو نوى الصلاة مطلقا ولم ينو إماما ولا مأموما فإنه ينصرف إلى الانفراد إذ هو الأصل والتفريع يقع على هذا القول فلو شك في أثناء صلاته هل نوى القصر في ابتدائها أو لا لزمه إتمامها احتياطا لأن الأصل عدمها فإن ذكر بعد ذلك أنه كان قد نوى القصر لم يجز له القصر لأنه قد لزمه الإتمام فلم يزل ولو نوى الإتمام أو ائتم بمقيم ففسدت الصلاة وأراد إعادتها لزمه الإتمام أيضا لأنها وجبت عليه تامة بتلبيسه بها خلف المقيم ونية الإتمام وهذا قول الشافعي وقال الثوري و أبو حنيفة : إذا فسدت صلاة الإمام عاد المسافر إلى حاله .
ولنا أنها وجبت بالشروع فيها تامة فلم يجز له قصرها كما لو لم تفسد .
فصل : ومن نوى القصر ثم نوى الإتمام أو نوى ما يلزمه به الإتمام من الإقامة أو قلب نيته إلى سفر معصية أو نوى الرجوع عن سفره ومسافة رجوعه لا يباح فيه القصر ونحو هذا لزمه الإتمام ولزم من خلفه متابعته وبهذا قال الشافعي وقال مالك : لا يجوز له الإتمام لأنه نوى عددا فإذا زاد عليه حصلت الزيادة بغير نية .
ولنا أن نية صلاة الوقت قد وجدت وهي أربع وإنما أبيح ترك ركعتين رخصة فإذا أسقط نية الترخص صحت الصلاة بنيتهما ولزمه الإتمام ولأن الإتمام الأصل وإنما أبيح تركه بشرط فإذا زال الشرط عاد الأصل إلى حاله .
فصل : وإذا قصر المسافر معتقدا لتحريم القصر لم تصح صلاته لأنه فعل ما يعتقد تحريمه فلم تقع مجزئا كمن صلى يعتقد أنه محدث ولأن نية التقرب بالصلاة شرط وهذا يعتقد أنه عاص فلم تحصل نية التقرب