فصلان : الصلاة في الموضع المغصوب .
فصل : وفي الصلاة في الموضع المغصوب روايتان إحداهما لا تصح وهو أحد قولي الشافعي والثانية تصح وهو قول أبي حنيفة و مالك و القول الثاني ل الشافعي لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها كما لو صلى وهو يرى غريقا يمكنه إنقاذه فلم ينقذه أو حريقا يقدر على إطفائه فلم يطفئه أو مطل غريمه الذي يمكن إيفاؤه وصلى .
ولنا : أن الصلاة عبادة أتى بها على الوجه المنهي عنه فلم تصح كصلاة الحائض وصومها وذلك لأن النهي يقتضي تحريم الفعل واجتنابه والتاثيم بفعله فكيف يكون مطيعا بما هو عاص به ممتثلا بما هو محرم عليه متقربا بما يبعد به فإن حركاته وسكناته من القيام والركوع والسجود أفعال اختيارية هو عاص بها منهي عنها فأما من رأى الحريق فليس بمنهي عن الصلاة إنما هو مأمور بإطفاء الحريق وإنقاذ الغريق وبالصلاة إلا أن أحدهما آكد من الآخر أما في مسألتنا فإن أفعال الصلاة في نفسها منهي عنها .
إذا ثبت هذا فلا فرق بين غصبه لرقبة الأرض بأخذها أو دعواه ملكيتها وبين غصبه منافعها بأن يدعي إجازتها ظالما أو يضع يده عليها ليسكنها مدة أو يخرج روشنا أو ساباطا في موضع لا يحل له أو يغصب راحلة ويصلي عليها أو سفينة ويصلي فيها أو لوحا فيجعله في سفينة ويصلي عليه كل ذلك حكمه في الصلاة حكم الدار على ما بيناه .
فصل : قال أحمد C : تصلى الجمعة في موضع الغصب يعني لو كان الجامع أو موضع منه مغصوبا صحت الصلاة فيه لأن الجمعة تختص ببقعة فإذا صلاها الإمام في الموضع المغصوب فامتنع الناس من الصلاة فيه فاتتهم الجمعة وإن امتنع بعضهم فاتته الجمعة ولذلك أبيحت خلف الخوارج والمتبدعة وكذلك تصح في الطريق ورحاب المسجد لدعاء الحاجة إلى فعلها في هذه المواضع وكذلك في الأعياد والجنازة