فصل : ويعذر في تركها الخائف .
فصل : ويعذر في تركهما الخائف لقول النبي A : [ العذر خوف أو مرض ] والخوف ثلاثة أنواع : خوف على النفس وخوف على المال وخوف على الأهل فالأول أن يخاف على نفسه سلطانا يأخذه أو عدوا أو لصا أو سبعا أو دابة أو سيلا أو نحو ذلك بما يؤذيه في نفسه وفي معنى ذلك أن يخاف غريما له يلازمه ولا شيء معه يوفيه فإن حبسه بدين هو معسر به ظلم له فإن كان قادرا على أداء الدين لم يكن عذرا له وكذلك إن وجب عليه حد لله تعالى أو حد قذف فخاف أن يؤخذ به لم يكن عذرا له لأنه يجب إيفاؤه وهكذا إن تأخر عليه قصاص لم يكن له عذر في التخلف من أجله وقال القاضي : إن كان يرجو الصلح على مال فله التخلف حتى يصالح بخلاف الحدود فإنه لا تدخلها المصالحة ولا العفو وحد القذف أن يرجى العفو عنه فليس يعذر في التخلف لأنه يرجو إسقاطه بغير بدل ويعذر في تركهما بالمطر الذي يبل الثياب والوحل الذي يتأذى به في نفسه وثيابه قال عبد الله بن الحارث : قال عبد الله بن عباس لمؤذنه في يوم مطير إذا قلت أشهد أن محمدا رسول الله فلا تقل حي على الصلاة وقل صلوا في بيوتكم قال : فكأن الناس استنكروا ذلك قال ابن عباس : أتعجبون من ذلك قد فعل ذلك من هو خير مني أن الجمعة عزمة وإني كرهت أن أخرجكم فتمشوا في الطين والدحض متفق عليه ويعذر في ترك الجماعة بالريح الشديدة في الليلة المظلمة البادرة : [ صلوا في رحالكم ] وإسناده صحيح ورواه أبو داود ونحوه واتفق عليه البخاري و مسلم إلا أن فيه في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر وروى أبو المليح أنه شهد النبي A زمن الحديبية يوم جمعة وأصابهم مطر لم يبل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم رواه أبو داود ويعذر أيضا من يريد سفرا ويخاف الرفقة النوع الثاني الخوف على ماله بخروجه مما ذكرناه من السلطان واللصوص واشباههما أو يخاف أن يسرق منزله أو يحرق أو شيء منه أو يكون له خبز في تنور أو طبيخ على نار يخاف حريقة باشتغاله عنه أو يكون له غريم أن ترك ملازمته ذهب بماله أو يكون له بضاعة أو وديعة عند رجل إلن لم يدركه ذهب فهذا وأشباهه عذر في التخلف عن الجمعة والجماعات النوع الثالث الخوف على ولده وأهله أن يضيعوا أو يكون ولده ضائعا فيرجو وجوده في تلك الحال أو يكون له قريب يخاف أن تشاغل بهما مات فلم يشهده قال ابن المنذر ثبت أن ابن عمر استصرخ على سعيد بن زيد بعد ارتفاع الضحى فأتاه بالعقيق وترك الجمعة وهذا مذهب عطاء و الحسن و الأوزاعي و الشافعي .
فصل : ويعذر في تركهما من يخاف عليه النعاس حتى يفوتاه فيصلي وحده وينصرف