فصول .
فصل : ولا يجوز أن يدعو في صلاته بما يقصد به ملاذ الدنيا وشهواتها بما يشبه كلام الآدميين وأمانيهم مثل اللهم ارزقني جارية حسناء دارا قوراء وطعاما طيبا وبستانا أنيقا وقال الشافعي : يدعو بما أحب لقوله عليه السلام في حديث ابن مسعود في التشهد [ ثم ليتخير من الدعاء أعجبه إليه ] متفق عليه ول مسلم : [ ثم ليتخير بعد من المسألة ما شاء أو ما أحب ] وفي حديث أبي هريرة : [ إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع ثم يدعو لنفسه ما بدا له ] .
ولنا : قوله عليه السلام : [ إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيء من كلام الآدميين إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ] أخرجه مسلم وهذا من كلام الآدميين ولأنه كلام يخاطب بمثله أشبه تشميت العاطس ورد السلام والخبر محمول على أنه يتخير من الدعاء المأثور وما أشبهه .
فصل : فأما الدعاء بما يتقرب به إلى الله D مما ليس بمأثور ولا يقصد به ملاذ الدنيا فظاهر كلام الخرقي وجماعة من أصحابنا أنه لا يجوز ويحتمله كلام أحمد لقوله يدعو بما جاء وبما يعرف وحكى عنه ابن المنذر أنه قال : لا بأس أن يدعو الرجل بجميع حوائجه من حوائج دنياه وآخرته وهذا هو الصحيح إن شاء الله لظواهر الأحاديث فإن النبي A قال : [ ثم ليتخير من الدعاء ] وقوله ثم يدعو لنفسه بما بدا له وقوله ثم يدعو بعد بما شاء وروي عن أنس قال [ جاءت أم سليم إلى النبي A فقالت : يا رسول الله A علمني دعاء أدعو به في صلاتي فقال : احمدي الله عشرا وسبحي الله عشرا ثم سلي ما شئت يقول : نعم نعم نعم ] رواه الأثرم ولأن أصحاب النبي A كانوا يدعون في صلاتهم بما لم يتعلموه فلم ينكر عليه النبي A ولهذا لما [ قال النبي A للرجل : ما تقول في صلاتك ؟ قال أتشهد ثم اسأل الله الجنة وأعوذ به من النار فصوبه النبي A في دعائه ذلك من غير أن يكون علمه إياه ] ولما [ قال النبي A : أما السجود فاكثروا فيه من الدعاء ] لم يعين لهم ما يدعون به فدل على أنه أباح لهم كل الدعاء إلا ما خرج منه بالدليل في الفصل الذي قبل هذا وقد روي عن عائشة أنها كانت إذا قرأت : { فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم } قالت : من علينا وقنا عذاب السموم وعن جبير بن نفير أنه سمع أبا الدرداء وهو يقول في آخر صلاته وقد فرغ من التشهد أعوذ بالله من النفاق ولأنه دعاء يتقرب به إلى الله تعالى فأشبه الدعاء المأثور