مسألتان : جلسة الاستراحة وصفة النهوض إلى الركعة الثانية وما بعدها .
مسألة : قال : ثم يرفع رأسه مكبرا ويقوم على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه .
وجملته أنه إذا قضى سجدته الثانية نهض للقيام مكبرا والقيام ركن والتكبير واجب في إحدى الروايتين واختلفت الرواية عن أحمد هل يجلس للإستراحة فروي لا يجلس وهو اختيار الخرقي وروي ذلك عن عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وبه يقول مالك و الثوري و إسحاق وأصحاب الرأي وقال أحمد : أكثر الأحاديث على هذا وذكر عن عمر وعلي وعبد الله وقال النعمان بن أبي عياش : أدركت غير واحد من أصحاب النبي A يفعل ذلك أي لا يجلس قال الترمذي : وعليه العمل عند أهل العلم وقال أبو الزناد : تلك السنة والرواية الثانية : أنه يجلس أختارها الخلال وهو أحد قولي الشافعي قال الخلال : رجع أبو عبد الله إلى هذا يعني ترك قوله بترك الجلوس لما روى مالك بن الحويرث أن النبي A كان يجلس إذا رفع رأسه من السجود قبل أن ينهض متفق عليه وذكره أيضا أبو حميد في صفة رسول الله A وهو حديث حسن صحيح فيتعين العمل به والمصير إليه وقيل أن كان المصلي ضعيفا جلس للإستراحة لحاجته إلى الجلوس وإن كان قويا لم يجلس لغناه عنه وحمل جلوس النبي A على أنه كان في آخر عمره عند كبره وضعفه وهذا فيه جمع بين الأخبار وتوسط بين القولين فإذا قلنا يجلس فيحتمل أنه يجلس مفترشا على صفة الجلوس بين السجدتين وهو مذهب الشافعي لقول أبي حميد في صفة صلاة رسول الله A ثم ثنى رجله وقعد واعتدل حتى يرجع كل عضو في موضعه ثم نهض وهذا صريح في كيفية جلسة الاستراحة فيتعين المصير إليه وقال الخلال : روي عن أحمد من لا أحصيه كثرة أنه يجلس على أليتيه قال القاضي : يجلس على قدميه وأليتيه مفضيا بهما إلى الأرض لأن لو جلس متفرشا لم يأمن السهو فيشك هل جلس عن السجدة الأولى أو الثانية ؟ وبهذا يأمن ذلك وقال أبو الحسن الآمدي لا يختلف أصحابنا أنه لا يلصق أليتيه بالأرض في جلسة الأستراحة بل يجلس معلقا عن الأرض وعلى كلتا الروايتين ينهض إلى القيام على صدور قدميه معتمدا على ركبتيه ولا يعتمد على يديه قال القاضي : لا يختلف قوله أنه لا يعتمد على الأرض سواء قلنا يجلس للإستراحة أو لا يجلس وقال مالك و الشافعي : السنة أن يعتمد على يديه في النهوض لأن مالك بن الحويرث قال في صفة صلاة رسول الله A إنه لما رفع رأسه من السجدة الثانية استوى قاعدا ثم اعتمد على الأرض رواه النسائي ولأن ذلك أعون للمصلي .
ولنا : ما روى وائل بن حجر قال : رأيت رسول الله A إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه رواه النسائي و الأثرم وفي لفظ وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذيه وعن ابن عمر قال : نهى رسول الله A أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة رواهما أبو داود وقال علي كرم الله وجهه إن من السنة في الصلاة المكتوبة إذا نهض الرجل في الركعتين الأوليين أن لا يعتمد بيديه على الأرض إلا أن يكون شيخا كبيرا لا يستطيع رواه الأثرم وقال أحمد بذلك جاء الأثر عن رسول الله A وعن أبي هريرة Bه أن النبي A كان في الصلاة ينهض على صدور قدميه رواه الترمذي وقال يرويه خالد بن الياس قال أحمد ترك الناس حديثه ولأنه أشق فكان أفضل كالتجافي والافتراش وحديث مالك محمول على أنه كان من النبي A لمشقة القيام عليه لضعفه وكبره فإنه [ قال عليه السلام : أني قد بدنت فلا تسبقوني بالركوع ولا بالسجود ] .
مسألة : قال : إلا أن يشق ذلك عليه فيعتمد بالأرض .
يعني إذا شق عليه النهوض على الصفة التي ذكرناها فلا بأس بإعتماده على الأرض بيديه لا نعلم أحدا خالف في هذا وقد دل عليه حديث مالك بن الحويرث وقول عليه Bه إلا إن يكون شيخا كبيرا ومشقه ذلك تكون لكبر أو ضعف أو مرض أو سمن ونحوه