مسألتان وفصلان : كيفية السجود وهيئة أعضاء السجود .
مسألة : قال : ثم يكبر للسجود ولا يرفع يديه .
أما السجود فواجب بالنص والإجماع لما ذكرنا في الركوع والطمأنينة فيه ركن لـ [ قول النبي A في حديث المسيء في صلاته : ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ] والخلاف فيه كالخلاف فيه كالخلاف في طمأنينة الركوع وينحط إلى السجود مكبرا لما ذكرنا من الأخبار ولأن الهوي إلى السجود ركن فلا يخلو ذكر كسائر الأركان ويكون ابتداء تكبيره مع ابتداء انحطاطه وانتهاؤه مع انتهائه والكلام في التكبير ووجوبه قد مضى ولا يستحب رفع يديه فيه في المشهور من المذهب ونقل عنه الميموني أنه يرفع يديه وسئل عن رفع اليدين في الصلاة فقال : في كل خفظ ورفع وقال : فيه عن ابن عمر وأبي حميد أحاديث صحاح والصحيح الأول لأن ابن عمر قال : ولا يفعل ذلك في السجود في حديثه الصحيح ولما وصف أيو حميد صلاة رسول الله A لم يذكر رفع اليدين في السجود والأحاديث العامة مفسرة بالأحاديث المفصلة التي رويناها فلا يبقى فيها اختلاف .
مسألة : قال : ويكون أول ما يقع منه على الأرض ركبتاه ثم يداه ثم جبهته وأنفه .
هذا المستحب في مشهور المذهب وقد روي ذلك عن عمر Bه وبه قال مسلم بن يسار و النخعي و أبو حنيفة و الثوري و الشافعي وعن أحمد رواية أخرى أنه يضع يديه قبل ركبتيه وإليه ذهب مالك لما روي عن أبي هريرة قال : قال رسول الله A : [ إذا سجد أحدكم فليضع يديه قبل ركبتيه ولا يبرك بروك البعير ] رواه النسائي .
ولنا : ما [ روى وائل بن حجر قال : رأيت رسول الله A إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه ] أخرجه أبو داود و النسائي و الترمذي قال الخطابي : هذا أصح من حديث أبي هريرة وروي عن أبي سعيد قال : كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا وضع الركبتين قبل اليدين وهذا يدل على نسخ ما تقدمه وقد روى الأثرم حديث أبي هريرة : [ إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك بروك الفحل ] .
فصل : والسجود على جميع هذه الأعضاء واجب إلا الأنف فإن فيه خلافا سنذكره إن شاء الله وبهذا قال طاوس و الشافعي في أحد قوليه و إسحاق وقال مالك و أبو حنيفة و الشافعي في القول الآخر لا يجب والسجود على الجبهة لـ [ قول النبي A : سجد وجهي ] وهذا يدل على أن السجود على الوجه ولأن الساجد على الوجه يسمى ساجدا ووضع غيره على الأض لا يسمى به ساجدا والأمر بالسجود ينصرف إلى ما يسمى به ساجدا دون غيره ولأنه لو وجب السجود على هذه الأعضاء لوجب كشفها كالجبهة وذكر الآمدي هذه رواية عن أحمد قال القاضي في الجامع : هو ظاهر كلام أحمد فإن قد نص في المريض يرفع شيئا عليه إنه يجزئه ومعلوم أنه قد أخل بالسجود على يديه .
ولنا : روى عن ابن عباس قال : قال رسول الله A : [ أمرت بالسجود على سبعة أعظم : اليدين والركبتين والقدمين والجبهة ] متفق عليه وروي عن ابن عمر رفعه : [ أن اليدين يسجدان كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه وإذا رفعه فليرفعهما ] رواه الإمام أحمد و أبو داود و النسائي وسجود الوجه لا ينفي سجود ما عداه وسقوط الكشف لا يمنع وجود السجود فإن نقول كذلك في الجبهة على رواية وعلى الرواية الأخرى فإن الجبهة هي الأصل وهي مكشوفة عادة بخلاف غيرها فإن أخل بالسجود بعضو من هذه الأعضاء لم تصح صلاته عند من أوجبه وإن عجز عن السجود على بعض هذه الأعضاء سجد على بقيتها وقرب العضو المريض من الأرض غاية ما يمكنه ولم يجب عليه أن يرفع إليه شيئا لأن السجود هو الهبوط ولا يحصل ذلك برفع المسجود عليه وأن سقط السجود على الجبهة لعارض من مرض أو غيره سقط عنه السجود على غيره لأنه الأصل وغيره تبع له فإذا سقط الأصل سقط التبع ولهذا قال أحمد في المريض يرفع إلى جبهته شيئا يسجد عليه أنه يجزئه .
فصل : في الأنف رويتان إحداهما يجب السجود عليه وهذا قول سعيد بن جبير وإسحاق و أبي خيثمة وابن أبي شيبة لما روي عن ابن عباس أن النبي A قال : [ أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين ] متفق عليه وإشارته إلى أنفه تدل على أنه أراده وفي لفظ رواه النسائي أن النبي A قال : [ أمرت أن أسجد على سبعة أعظم الجبهة والأنف واليدين والركبتين والقدمين ] وروى عكرمة أن النبي A قال : [ لا صلاة لمن يلا يصيب أنفه من الأرض ما تصيب الجبهة ] رواه الأثرم والأمام أحمد و رواه أبو بكر بن عبد العزيز و الدارقطني في الإفراد متصلا عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي A والصحيح أنه مرسل .
والرواية الثانية : لا يجب السجود عليه وهو قول عطاء و طاوس و عكرمة و الحسن و ابن سيرين و الشافعي و أبي ثور وصاحبي أبي حنيفة لأن النبي A قال : [ أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ] ولم يذكر الأنف فيها تلد وروي أن جابرا قال : رأيت النبي A سجد بأعلى جبهته على قصاص الشعر رواه تمام في فوائده وغيره وإذا سجد بأعلى الجبهة لم يسجد على الأنف وروي عن أبي حنيفة أنه أن سجد على أنفه دون جبهته أجزأه قال ابن المنذر : لا أعلم أحدا سبقه إلى هذا القول ولعله ذهب إلى أن الجبهة والأنف عضو واحد لأن النبي A لما ذكر الجبهة أشار إلى أنفه والعضو الواحد يجزئه السجود على بعضه وهذا قول يخالف الحديث الصحيح والإجماع الذي قبله فلا يصح