حكم ما لو عجز المكاتب ورده في الرق وقد تصدق عليه .
مسألة : قال وإذا عجز المكاتب ورد في الرق وكان قد تصدق عليه بشيء فهو لسيده .
وجملته أن المكاتب إذا عجز وفي يده مال ورد في الرق فهو لسيده سواء كان من كسبه أو من صدقه تطوع أو وصية وما كان من صدقة مفروضة ففيه روايتان : إحداهما : هو لسيده وهو قول أبي حنيفة وقال عطاء : يجعله في السبيل أحب إلي وإن أمسكه فلا بأس .
الرواية الثانية : يؤخذ ما بقي في يده فيجعل في المكاتبين نقلها حنبل وهو قول شريح و النخعي و الثوري واختار أبو بكر و القاضي أنه يرد إلى أربابه وهو قول إسحاق لأنه إنما دفع ليصرف في العتق فإذا لم يصرف فيه وجب رده كالغازي والغارم وابن السبيل .
ولنا أن ابن عمر رد مكاتبا في الرق فأمسك ما أخذ منه ولأنه يأخذ لحاجته فلم يرد ما أخذه كالفقير والمسكين وأما الغازي فإنه يأخذ لحاجتنا إليه بقدر ما يكفيه لغزوه وأما الغارم فإن غرم لاصلاح ذات البين فهو كالغازي يأخذ لحاجتنا وإن غرم لمصلحة نفسه فهو كمسألتنا لا يرده .
فصل : وأما ما أداه إلى سيده قبل عجزه فلا يجب رده بحال لأن المكاتب صرفه في الجهة التي أخذه لها وثبت ملك سيده عليه ملكا مستقرا فلم يزل ملكه عنه كما لو عتق المكاتب ويفارق ما في يد المكاتب لأن ملك سيده لم يثبت عليه قبل هذا والخلاف في ابتداء ثبوته وما تلف في يد المكاتب لم يرجع عليه به سواء عجز أو أدى لأن ماله تلف في يده فأشبه ما لو تلف في يد سائر أصناف الصدقة وإن اشترى به عرضا وعجز العرض في يده ففيه من الخلاف مثل ما لو وجد بعينه لأن العرض عرضه وقائم مقامه فأشبه ما لو أعطى الغازي من الصدقة ما اشترى به فرسا وسلاحا ثم فضل ذلك عن حاجته