حكم ما لو كان العبد بين اثنين فكاتب أحدهما .
مسألة : قال : وإذا كان العبد بين اثنين فكاتب أحدهما فلم يؤد كل كتابته حتى أعتق الآخر وهو موسر فقد صار العبد كله حرا ويرجع الشريك على العتق بنصف قيمته .
قد ذكرنا فيما تقدم أن العبد المشرك يجوز لأحد الشريكين كتابة نصيبه منه بغير إذن شريكه ويبقى سائره غير مكاتب فإذا فعل هذا فأعتق الذي لم يكاتبه حصته منه وهو موسر عتق وسري العتق إلى باقيه فصار كله حرا ويضمن لشريكه قيمة حصته منه ويكون المرجوع بقيمته مكاتبا ويبقى على ما بقي من كتابته لأن الرجوع عليه بقيمة ما أتلف وإنما أتلف مكاتبا وإن كان المعتق معسرا لم يسر العتق على ما مضى في باب العتق وقال أبو بكر والقاضي : لا يسري العتق في الحال لكن ينظر فإن أدى كتابته عتق باقيه بالمكاتبة وكان ولاؤه بينهما وإن فسخت كتابته لعجزه سرى العتق وقوم عليه حينئذ لأن سراية العتق في الحال مفضية إلى أبطال الولاء الذي انعقد سببه ونقله عن المكاتب إلى غيره وقال ابن أبي ليلى : عتق الشريك موقوف حتى ينظر ما يصنع في الكتابة فإن أداها عتق وكان المكاتب ضامنا لقيمة نصيب شريكه وولاؤه كله للمكاتب وإن عجز سرى عتق الشريك وضمن نصف القيمة للمكاتب وكان ولاؤه كله له وأما مذهب الشافعي فلا تجوز كتابة أحد الشريكين إلا أن يأذن فيه شريكه فيكون قولان فإذا كاتبه بإذن شريكه ثم أعتق الذي لم يكاتب فهل يسري في الحال أو يقف على العجز ؟ فيه قولان .
ولنا قول النبي A [ من أعتق شركا له في عبد وكان له ما يبلغ قيمة العبد قوم عليه قيمة عدل ] وهذا داخل في عمومه ولأنه عتق لجزء من العبد من موسر غير محجور عليه فسرى إلى باقيه كما لو كان قنا ولأن بعض مقتضى السراية متحقق والمانع منها لم يثبت كونه مانعا فإنه لا نص فيه ولا أصل له يقاس عليه فوجب أن يثبت وقولهم إنه يفضي إلى إبطال الولاء قلنا إذا كان العتق يؤثر في إبطال الملك الثابت المستقر الذي الولاء من بعض آثاره فلأن يؤثر في نقل الولاء بمفرده أولى ولأنه لو أعتق عبدا له أولاد من معتقه قوم نقل ولاءهم إليه فإذا نقل ولاءهم الثابت بإعتاق غيرهم فلأن ينقل ولاء لم يثبت بعد بإعتاق من عليه الولاء أولى ولأنه نقل الولاء ثم عمن لم يغرم له عوضا فلأن ينقله بالعوض أولى فانتقال الولاء في موضع جر الولاء ينبه على سراية العتق وانتقال الولاء إلى المعتق لكونه أولى منه من ثلاثة أوجه : أحدها : أن الولاء ثم ثابت وههنا بعرض الثبوت والثاني : أن النقل حصل ثم بإعتاق غيره وههنا بإعتاقه والثالث : أنه انتقل ثم بغير عوض وهاهنا بعوض