حكم ما لو كان العبد بين شريكين فكاتباه بمائة فادعى دفعها إليهما أو إلى أحدهما .
فصل : وإذا كان العبد بين شريكين فكاتباه بمائة فادعى دفعها إليهما وصدقاه عتق فإن أنكرا أو لم تكن بينة فالقول قولهما مع أيمانهما وإن أقر أحدهما ونكر الآخر عتق نصيب المقر وأما المنكر فعلى قول الخرقي تقبل شهادة شريكه عليه إذا كان عدلا فيحلف العبد مع شهادته ويصير حرا ويرجع المنكر على الشاهد فيشاركه فيما أخذه وأما القياس فيقتضي أن لا تسمع شهادة شريكه عليه لأنه يدفع بشهادته عن نفشه مغرما والقول قول سيده مع يمينه فإذا حلف فله مطالبة شريكه بنصف ما اعترف به وهو خمسة وعشرون لأن ما قبضه كسب العبد وهو مشترك بينهما فإن المنكر ينكر قبض شريكه فكيف يرجع عليه قلنا إنما ينكر قبض نفسه وشريكه مقر بالقبض ويجوز أن يكون قد قبض فلم يعلم به وإذا أقر بمتصور لزمه حكم إقراره ومن حكمه جواز رجوع شريكه عليه فإن قيل لو كان عليه دين لأثنين فوفي أحدهما لم يرجع الآخر على شريكه فلم يرجع هاهنا قلنا إن كان الدين ثابتا بسبب واحد فما قبض أحدهما منه يرجع الآخر عليه كمسألتنا وعلى أن يفارق الدين لكون الدين لا يتعلق بما في يد الغريم إنما يتعلق بذمته فحسب ن والسيد يتعلق حقه بما في يد المكاتب ولا يدفع شيئا منه إلى أحدهما إن كان حق الآخر ثابتا فيه .
إذا ثبت هذا فأنه إن رجع على العبد بخمسين استقر ملك الشريك فيه على ما أخذه ولم يرجع العبد عليه بشيء لأنه إنما قبض حقه وإن رجع على الشريك رجع عليه بخمسة وعشرين وعلى العبد بخمسة وعشرين ولم يرجع أحدهما على الآخر بما أخذه منه لما ذكرنا من قبل وإن عجز العبد عن أداء ما يرجع به عليه فله تعجيزه واسترقاقه ويكون نصفه حرا ونصفه رقيقا ورجع على الشريك بنصف ما أخذه ولا تسري الحرية فيه لأن الشريك والعبد يعتقدان أن الحرية ثابتة في جميعه وإن هذا المنكر غاصب لهذا النصف الذي استرقه ظالم باسترقاقه والمكر يدعي رق العبد جميعه ولا يعترف بحرية شيء منه لأنه يزعم إني ما قبضت نصيبي من كتابته شريكي إن قبض شيء استحق نصفه بغير إذني فلا يعتق منه شيء بهذا القبض : سراية العتق ممتنعة على كلا القولين لأن السراية إنما تكون فيما إذا عتق بعضه وبقي بعضه رقيقا وجميعهم ينفقون على خلاف ذلك وهذا المنصوص عن الشافعي Bه .
فصل : فإن ادعى العبد أنه دفع المائة إلى أحدهما ليدفع إلى شريكه حقه ويأخذ الباقي وأنكر المدعي عليه حلف وبرئ وإذا قال إنما دفعت إلى حقي وإلى شريكي حقه ولا بينة للعبد فالقول قول المدعى عليه في انه لم يقبض إلا قدر حقه مع يمينه ولا نزاع بين العبد والأخر لأنه لم يدع عليه شيئا وله مطالبة العبد في بجميع حقوقه وله مطالبته بنصفه ومطالبة القابض بنصف ما قبض فإن اختار مطالبة العبد فله القبض منه بغير يمين وإذا اختار الرجوع على شريكه بنصفه فللشريك عليه اليمين أنه يقبض من المكاتب شيئا لأنه لو أقر بذلك لسقط حقه من الجوع فإذا أنكره لزمته اليمين فإن شهد القبض على شريكه بالقبض لم تقبل شهادته لمعنيين أحدهما : أن المكاتب لم يدع عليه شيئا وإنما تقبل البينة إذا شهدت بصدق المدعي والثاني : أنه يدفع أنه يدفع عن نفسه مغرما فإن عجز العبد فلغير للقابض أن يسترق نصفه ويقوم عليه نصيب شريكه لأن العبد معترف برقه غير مدع لحرية هذا النصيب بخلاف التي قبلها ويحتمل أن لا يقوم أيضا لأن القابض يدعي حرية جميعه والمنكر يدعي ما يوجب رقه جميعه فإنهما يقولان ما قبضه قبضة بغير حق ولا يعتق حتى يسلم إلى مثل ما سلم إليه فإذا كان أحدهما يدعي رق جميعه والآخر يدعي حرية جميعه فما اتفقا على حرية البعض دون البعض .
فصل : وإن اعترف المدعى بقبض المائة على الوجه الذي ادعاه المكاتب وقال قد دفعت إلى شريكي نصفها فأنكر الشريك فالقول قوله مع يمينه وله مطالبة من شاء منهما بجميع حقه وللمرجوع عليه أن يحلفه فإن رجع الشريك فأخذ منه خمسين كان له ذلك لأنه اعترف بقبض المائة كلها ويعتق المكاتب لأنه وصل إلى كل واحد منهما قدر حقه من الكتابة ولا يرجع الشرك عليه بشيء لأنه يعترف له بأداء ما عليه وبراءته منه وإنما يزعم أن شريكه ظلمه ولا يرجع على غير ظالمه فإن رجع على العبد فله أن يأخذ منه الخمسين لأنه يزعم أنه قبض شيئا من كتابته وللعبد الرجوع على القابض بها سواء صدقه في دفعها إلى المنكر أو كذبه لأنه وإن دفعها دفعا غير مبرر فكان مفرطا ويعتق العبد بأدائها فإن عجز عن أدائها فله أن يأخذها من القابض قم يسلكها فإن تعذر ذلك فله تعجيزه واسترقاق نصفه ومشاركة القابض في الخمسين التي قبضها عوضا عن نصيبه ويقوم على الشريك القابض إن كان موسرا إلا أن يكون العبد يصدقه في دفع الخمسين إلى شريكه ولا يقوم لأنه يعترف أنه حر وأن هذا ظلمه باسترقاق نصفه الحر وإن أمكن الرجوع على القابض بالخمسين ودفعها إلى المنكر فامتنع من ذلك فهل يملك المنكر تعجيزه واسترقاق نصفه ؟ على وجهين بناء القول في تعجيز العبد نفسه مع القدرة على الأداء إن قلنا له ذلك للمنكر استرقاقه وإن قلنا ليس له ذلك فليس للمنكر استرقاقه لأن قادر على الأداء فإن قيل فلم لا يرجع المنكر على القابض بنصف ما قبضه إذا استرق نصف العبد ؟ قلنا لأنه لو رجع عليه بها كان قابضا جميع حقه من مال الكتابة فيعتق المكاتب بذلك إلا أن يتعذر قبضتها في نجومها فتفسخ الكتابة ثم يطالب بها بعد ذلك فيكون له الجوع بنصفها كما لو كانت غائبة في بلد آخر وتعذر تسليمها حتى فسخت الكتابة والله أعلم