ليس للرجل أن يطأ مكاتبه إلا أن يشترط وليس له وطء ابنتها ولا جاريتها .
مسألة : قال : وليس للرجل أن يطأ مكاتبته إلا أن يشترط .
الكلام في هذه المسألة من فصلين : .
الفصل الأول : في وطئها بغير شرط وهو حرام في قول أكثر أهل العلم منهم سعيد بن المسييب و الحسن و الزهري و مالك و الليث و الثوري و الأوزاعي و الشافعي وأصحاب الرأي وقيل له وطؤها في الوقت الذي لا يشغلها الوطء عن السعي عما هي فيه لأنها ملك يمينه فتدخل في عموم قوله تعالى { أو ما ملكت أيمانهم } .
ولنا أن الكتابة عقد أزال ملك استخدامها وملك عوض منفعة بضعها فيما إذا وطئت بشبهة فزال حل وطئها كالبيع والآية مخصوصة بالمزوجة فنقيس عليها محل النزاع ولأن الملك ههنا ضعيف لأنه قد زال عن منافعها جملة ولهذا لو وطئت بشبهة كان المهر لها وتفارق أم الولد فإن ملكه باق عليها وإنما يزول بموته فأشبهت المدبرة والموصى بها وإنما امتنع البيع لأنها استحقت العتق بموته استحقاقا لازما لا يمكن زواله .
الفصل الثاني : إذا شرط وطأها فله ذلك وبه قال سعيد بن المسيب قال سائر من ذكرنا ليس له وطؤها لأنه لا يملكه مع إطلاق العقد فلم يملكه بالشرط كما لو زوجها أو أعتقها .
وقال الشافعي : إذا شرط ذلك في عقد الكتابة فسد لأنه شرط فاسد فأفسد العقد كما لو شرط عوضا فاسدا وقال مالك : لا يفسد العقد به لأنه لا يخل بركن العقد ولا شرطه فلم يفسده كالصحيح .
ولنا قول النبي A [ المؤمنون عند شروطهم ] ولأنها مملوكة له شرط نفعها فصح كشرط استخدامها يحقق هذا أن منعه من وطئها مع بقاء ملكه عليها ووجود المقتضى لحل وطئها إنما كان لحقها فإذا شرطه عليها جاز كالخدمة ولأنه استثنى بعض ما كان له فصح كاشتراط الخدمة وفارق البيع لأنه يزيل ملكه عنها .
فصل : فإن وطئها مع الشرط فلا حد عليه ولا تعزير ولا مهر لأنه وطء يملكه ويباح له فأشبه وطأها قبل كتابتها وإن وطئها من غير شرط فقد أساء وعليه التعزير لأنه وطء محرم ولا حد عليه في قول عامة الفقهاء لا نعلم فيه خلافا إلا عن الحسن و الزهري فإنهما قالا : عليه الحد لأنه عقد عليها عقد معاوضة يحرم الوطء فأوجب الحد بوطئها كالبيع .
ولنا أنها مملوكته فلم يجب الحد بوطئها كأمته المستأجرة والمرهونة وتخالف البيع فإنه يزيل الملك والكتابة لا تزيله بدليل قوله عليه السلام [ المكاتب عبد ما بقي عليه درهم ] وعليه مهرها لها لأنه استوفى منفعتها الممنوع من استيفائها فكان عليه عوضها كمنافع بدنها .
فصل : وإن أولدها صارت أم ولد له سواء وطئها بشرط أو بغير شرط لأنه أحبلها بحر في ملكه فكانت أم ولده كغير المكاتبة والولد حر لأنه ولده من مملوكته ويلحقه نسبه لذلك ولأنه من وطء سقط فيه الحد للشبهة فأشبه ولد المغرور ولا تلزمه قيمته لأنها وضعته في ملكه .
فصل : وليس له وطء بنتها لأنها تابعة لأمها موقوفة معها فلم يبح وطؤها كأمها ولا يباح ذلك بالشرط لأن حكم الكتابة ثبت فيها تبعا ولم يكن وطؤها مباحا حال العقد بشرطه فإن وطئها فلا حد عليه لأنها ملكه ويأثم ويعزر لأنه وطئ فرجا محرما ولها مهر عليه حكمه حكم كسبها يكون لأمها تستعين به في كتابتها لأن ذلك سبب حريتها وإن أحبلها صارت أم ولد له حر والولد حر لأنه أحبلها بحر في يملكه ويلحقه نسبه ولا تجب عليه قيمتها لأن أمها لا تملكها ولا قيمة ولدها لأنها وضعته في ملكه .
فصل : وليس له وطء جارية مكاتبته ولا مكاتبه اتفاقا فإن فعل أثم وعزر ولا حد عليه لشبهة الملك لأنه يملك مالكها وعليه مهرها لسيدها وولده منها حر يلحقه نسبه لأن الحد سقط لشبهة الملك وتصير أم ولد وعليه قيمتها لسيدها لأنه أخرجها بوطئه عن ملكه وكان عليه قيمتها لسيده ولا تجب عليه قيمة الولد لأنها وضعته في ملكه ويحتمل أن تلزمه قيمته لأنه أخرجه بوطئه عن أن يكون مملوكا لسيدها فأشبه ولد المغرور