حكم ما لو كاتب الحربي عبده .
فصل : وإن كاتب الحربي عبده صحت كتابته سواء كان في دار الحرب أو دار الإسلام وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : لا يصح لأن ملكه ناقص وحكى عن مالك أنه لا يملك بدليل أن للمسلم تملكه عليه .
ولنا قول الله تعالى { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم } وهذه الإضافة إليهم تقتضي صحة أملاكهم فتقتضي صحة تصرفاتهم فإذا ثبت هذا فإذا كاتب عبده ثم دخلا مستأمنين إلينا لم يتعرض الحاكم لهما وإن ترفعا إليه نظر بينهما فإن كانت كتابتهما صحيحة ألزمهما حكمها وإن كانت فاسدة بين لهما فسادها وإن جاءا وقد قهر أحدهما صاحبه بطلت الكتابة لأن العبد إن قهر سيده ملكه فبطلت كتابته لخروجه عن ملك سيده وإن قهره السيد على إبطال الكتابة ورده رقيقا بطلت لأن دار الكفر دار قهر وإباحة ولهذا لو قهر حر حرا على نفسه ملكه وإن دخلا من غير قهر فقهر أحدهما الآخر في دار الإسلام لم تبطل الكتابة وكانا على ما كانا عليه قبله لأن دار الإسلام دار حظر لا يؤثر فيها القهرإلا بالحق وإن دخلا مستأمنين ثم أرادا الرجوع إلى دار الحرب لم يمنعا وإن أراد السيد الرجوع وأخذ المكاتب معه فأبى المكاتب الرجوع معه لم يجبر لأنه بالكتابة زال ملكه وسلطانه عنه وإنما له في ذمته حق ومن له في ذمة غيره حق لا يملك إجباره على السفر معه لأجله ويقال للسيد إن أردت الإقامة في دار الإسلام لتستوفي مال الكتابة فاعقد الذمة وأقم إن كانت مدتها طويلة وإن أردت توكيل .
من يقبض لك نجوم الكتابة فافعل فإذا أدى نجوم الكتابه عتق ثم هو مخير إن أحب أن يقيم في دار الإسلام عقد على نفسه الذمة وإن أحب الرجوع لم يمنع وإن عجز وفسخ السيد كتابته عاد رقيقا ويرد إلى سيده والأمان له باق لأنه من مال سيده وسيده عقد الأمان لنفسه وماله فإذا إنتقض الأمان في نفسه بعوده لم ينتفض في ماله وإن كاتبه في دار الحرب فهرب ودخل إلينا بطلت الكتابة فإن ملكه زال عنه بقهره على نفسه فأشبه ما قهره على غيره من ماله وسواء جاءنا مسلما أو غير مسلم وإن جاءنا بإذن سيده فالكتابة بحالها لأنه لم يقهر سيده فإن دخل إلينا بأمان بإذن سيده ثم سبى المسلمون سيده وقتل انتقلت الكتابة إلى ورثته كما لو مات حتف أنفه وإن من عليه الإمام أو فاداه أو هرب فالكتابة بحالها وإن استرقه الإمام فالمكاتب موقوف إن عتق سيده فالكتابة بحالها وإن مات أو قتل فالمكاتب للمسلمين مبقي على ما بقي من كتابته يعتق بأدائه إليهم وولاؤه لهم وإن عجز فهو رقيق لهم وإن أراد المكاتب الأداء قبل عتق سيده وموته أدى إلى الحاكم أو إلى أمينة وكان المال المقبوض موقوفا على ما ذكرناه ويعتق المكاتب بالأداء وسيده رقيق لا يثبت له ولاء وقال أبو بكر : .
يكون الولاء للمسلمين وقال القاضي : يكون موقوفا فإن عتق سيده فهو له وإن مات على رقة فهو للمسلمين وإن كان استرقاق سيده بعد عتق المكاتب وثبوت الولاء عليه فقال القاضي : يكون ولاؤه موقوفا فإن عتق السيد كان الولاء له وإن قتل أو مات على رقه بطل الولاء لأنه رقيق لا يورث فيبطل الولاء لعدم مستحقه وينبغي أن يكون للمسلمين لأن مال من لا وارث له للمسلمين فكذلك الولاء والله أعلم