في حكم ولد المدبرة .
فصل : فأما ولد المدبر فحكمه حكم أمه لا نعلم فيه خلافا وهذا قول ابن عمر و عطاء و الزهري و الأوزاعي و الليث وذلك لأن الولد يتبع الأم في الرق والحرية وإن تسرى بإذن سيده فولد له أولاد فروي عن أحمد أنهم يتبعونه في التدبير .
وروى ذلك عن مالك وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي لأن إباحة التسري تنبني على ثبوت الملك وولد الحر من أمته يتبعه في الحرية دونها كذلك ولد المدبر من أمته يتبعه دونها ولأنه ولد يستحق الحرية من أمته فيتبعه في ذلك كولد المكاتب من أمته .
فصل : وإذا ولدت المدبرة فرجع في تدبيرها وقلنا بصحة الرجوع لم يتبعها ولدها لأن الولد المنفصل لا يتبع في الحرية ولا في التدبير ففي الرجوع أولى وإن رجع في تدبيره وحده جاز لأنه إذا جاز الرجوع في الأم المباشرة بالتدبير ففي غيرها أولى وإن رجع في تدبيرها جاز كما لو دبرها وابنها المنفصل وإن دبرها حاملا ثم رجع في تدبيرها حال حملها لم يتبعها الولد في الرجوع لأن التدبير اعتاق والاعتاق مبني على التغليب والسراية والرجوع عنه بعكس ذلك فلم يتبع الولد فيه وهذا كما لو ولد له توأمان فأقر بأحدهما لزماه جميعا وإن نفى أحدهما لم ينتف الآخر وإن رجع فيهما جميعا جاز وإن رجع في أحدهما دون الآخر جاز وإن دبر الولد دون أمه أو الأم دون ولدها جاز لأنه يجوز أن يعتق كل واحد منهما دون صاحبه فجواز أن يدبر أحدهما دون صاحبه أولى ولأنه تعليق العتق بصفة فجاز في أحدهما دون الآخر كالتعليق بدخول الدار وإن دبر أمته ثم قال إن دخلت الدار فقد رجعت في تدبيري لم يصح لأن الرجوع لا يصح تعليقه بصفة وإن قال : كلما ولدت ولدا فقد رجعت في تدبيره لم يصح لذلك .
فصل : وإذا اختلفت المدبرة وورثة سيدها في ولدها فقالت : ولدتهم بعد تدبيري فعتقوا معي وقال الورثة : بل ولدتهم قبل تدبيرك فهم مملوكون لنا فالقول قول الورثة مع أيمانهم لأن الأصل بقاء رقهم وانتفاء الحرية عنهم فإذا لم تكن بينة فالقول قول من يوافق قوله الأصل