ما لو ولدته المدبرة فهو في منزلتها .
مسألة : قال : وما ولدت المدبرة بعد تدبيرها فولدها بمنزلتها .
وجملته أن الولد الحادث من المدبرة بعد تدبيرها لا يخلو من حالتين : أحدهما أن يكون موجودا حال تدبيرها ويعلم ذلك بأن تأتي به لأقل من ستة أشهر من حين التدبير فهذا يدخل معها في التدبير بلا خلاف نعلمه لأنه بمنزله عضو من أعضائها فإن بطل التدبير في الأم لبيع أو موت أو رجوع بالقول لم يبطل في الولد لأنه ثابت فيه أصلا الحال الثاني : أن تحمل به بعد التدبير فهذا يتبع أمه في التدبير ويكون حكمه كحكمها في العتق بموت سيدها في قول أكثر أهل العلم وروى ذلك عن ابن مسعود وابن عمر وبه قال سعيد بن المسيب و القاسم و مجاهد و الشعبي و النخعي وعن بن عبد العزيز و الزهري و مالك و الثوري و الحسن بن صالح وأصحاب الرأي .
وذكر القاضي أن حنبلا نقل عن احمد أن ولد المدبرة عبد إذا لم يشرط المولى قال فظاهر أنه لا يتبعها ولا يعتق بموت سيدها وهذا قول جابر بن زيد و عطاء و للشافعي قولان كالمذهبين أحدهما : لا يتبعها وهو اختيار المزني لأن عتقها معلق بصفة تثبت بقول المعتق وحده فأشبهت من علق عتقها بدخول الدار وقال جابر بن زيد : إنما هو بمنزلة الحائط تصدقت به إذا مت فإن ثمرته لك ما عشت ولأن التدبير وصية وولد الموصى بها قبل الموت لسيدها .
ولنا ما روي عن عمر وابن جابر أنهم قالوا : ولد المدبرة بمنزلتها ولم نعرف لهم في الصحابة مخالفا فكان إجماعا ولأن الأم استحقت الحرية بموت سيدها فيتبعها ولدها كأم الولد ويفارق التعليق بصفة في الحياة والوصية من جهة أن التدبير آكد من كل واحد منهما لأنه اجتمع فيه الأمران وما وجد فيه سببان آكد مما وجد في أحدهما وكذلك لا تبطل بالموت ولا بالرجوع عنه فعلى هذا إن بطل التدبير في الأم لمعنى اختص بها من بيع أو موت أو رجوع لم يبطل في ولدها ويعتق بموت سيدها كما لو كانت أمه باقية على التدبير فإن لم يتسع الثلث لهما جميعا أقرع بينهما فأيهما وقعت القرعة عليه عتق إن احتمله الثلث وإلا عتق منه بقدر الثلث وإن فضل من الثلث بعد عتقه شيء كمل من الآخر كما لو دبر عبدا وأمه معا وأما الولد الذي وجد قبل التدبير فلا نعلم خلافا في أنه لا يتبعها لأنه لا يتبع في العتق المنجز ولا في حكم الاستيلاد ولا في الكتابة فلأن لا يتبع في التدبير أولى قال الميموني : قلت لأحمد : ما كان من ولد المدبرةقبل أن تدبر يتبعها ؟ قال : لا يتبعها من ولدها ما كان قبل ذلك إنما يتبعها ما كان بعد ما دبرت .
وقال حنبل : سمعت عمي يقول في الرجل يدبر الجارية ولها ولد ؟ وقال ولدها معها وجعل أبو الخطاب هذه رواية في أن ولدها قبل التدبير يتبعها وهذا بعيد والظاهر أن أحمد لم يرد أن ولدها قبل التدبير معها وإنما أراد ولدها بعد التدبير على ما صرح به في غير هذه الرواية فإن ولدها الموجود لا يتبعها في عتق ولا كتابة ولا استيلاد ولا بيع ولا هبة ولا رهن ولا شيء من الأسباب الناقلة للملك في الرقبة