حكم ما لو قال لأمته أول ولد أو كل ولد تلدينه أو أول غلام تلدينه فهو حر .
مسألة : قال : وإذا قال لأمته أول ولد تلدينه فهو حر فولدت اثنين أقرع بينهما أصابته القرعة فهو حر إذا أشكل أولهما خروجا .
إنما كان كذلك لأن أحدهما استحق العتق ولم يعلم بعينه فوجب إخراجه من القرعة كما قال لعبيده كذلك أحدكم حر وقد سبق القول في هذه المسألة فأما إن علم أولهما خروجا فهو الحر وحده وهذا قول مالك و الثوري و أبي هاشم و الشافعي و ابن المنذر وقال الحسن و الشعبي و قتادة : إذا ولدت ولدين في بطن فهما حران .
ولنا أنه إنما أعتق الأول والذي خرج أولا هو أمل المولدين فاختص العتق به كما لو ولدتهما في بطنين .
فصل : فإن ولدت الأول ميتا والثاني حيا فذكر الشريف أنه يعتق الحي منهما وبه قال أبو حنيفة وقال أبو يوسف و ومحمد و الشافعي : لا يعتق واحد منهما وهو الصحيح إن شاء الله تعالى لأن شرط العتق إنما وجد في الميت وليس بمحل للعتق فانحلت اليمين به وإنما قلنا إن شرط العتق إنما وجد فيه لأنه أول بدليل أنه لو قال لأمته إذا ولدت ولدا فأنت حرة ولدا ميتا عتقت ووجه الأول أن العتق يستحيل في الميت فتعلقت اليمين بالحي كما لو قال : إن ضربت فلانا فعبدي حر فضربه حيا عتق وإن ضربه ميتا لم يعتق لأنه معلوم من طريق العادة أنه قصد عقد يمينه على ولد يصح العتق فيه وهو أن يكون حيا فتصير الحياة مشروطة فيه فكأنه قال : أول ولد تلدينه حيا فهو حر .
فصل : وإن قال لأمته كل ولد تلدينه فهو حر عتق كل ولد ولدته في قول جمهور العلماء منهم مالك و الشافعي و الأوزاعي و الليث و الثوري قال ابن المنذر ولا أحفظ عن غيرهم فإن باع الأمة ثم ولدت لم يعتق ولدها لأنها ولدتهم بعد زوال ملكه .
فصل : فإن قال : أول غلام أملكه فهو حر انبنى ذلك على العتق قبل ذلك قبل الملك وفيه روايتان فإن قلنا يصح عتق أول من يملكه فإن ملك اثنين عتق أحدهما بالقرعة في قياس قول أحمد فإنه قال في رواية مهنا : إذا قال أول من يطلع من عبيدي فهو حر فطلع اثنان أو جميعهم فإنه يقرع بينهما جميعا لأن الأولية وجدت فيهما فتثبت الحرية فيهما كما لو قال في المسابقة : من سبق فله عشرة فسبق اثنان اشتركا في العشرة وقال النخعي : يعتق أيهما شاء وقال أبو حنيفة لا يعتق واحد منهما لأنه لا أول فيهما لأن كل واحد منهما مساو للآخر ومن شرط الأولية سبق الأول .
ولنا أن هذين لم يسبقهما غيرهما فكانا أول كالواحد وليس شرط أن يأتي بعده ثان بدليل ما لو ملك واحدا ولم يملك بعده شيئا وإذا كانت الصفة موجودة فيهما فأما أن يعتقا جميعا أو يعتق أحدهما وتعينه القرعة على ما ذكرنا من قبل وكذلك الحكم فيما إذا قال : أول ولد تلدينه فهو حر فولدت اثنين وخرجا جميعا فالحكم فيهما كذلك