حكم ما لو تنازعا دابة أو عمامة أو اختلفا في أرض ونهر .
فصل : وإذا تنازع رجلان دابة أحدهما راكبها والآخر آخذ زمامها فالراكب أولى بها لأن تصرفه فيها أقوى ويده آكد وهو المستوفي لمنفعتها وإن كان لأحدهما عليها حمل والآخر آخذ بزمامها فهي لصاحب الحمل لذلك وإن كان لأحدهما عليها حمل والآخر راكب عليها فهي للراكب لأنه أقوى تصرفا وإن اختلفا في الحمل فادعاه الراكب وصاحب الدابة فهو للراكب لأن يده على الدابة والحمل معا فأشبه ما لو اختلف الساكن وصاحب الدار في قماش فيها وإن تنازع صاحب الدابة والراكب في السرج فهو لصاحب الدابة لأن السرج في العادة يكون لصاحب الفرس وإن تنازع اثنان في ثياب على عبد لأحدهما فهي لصاحب العبد لأن يد العبد عليها وإن تنازع صاحب الثياب والآخر في العبد اللابس لها فهما سواء لأن نفع الثياب يعود إلى العبد لا إلى صاحب الثياب ومذهب الشافعي في هذا الفصل والذي قبله كما ذكرنا .
فصل : فإن اختلف صاحب أرض ونهر في حائط بينهما فهو لهما ويحلف كل واحد منهما على النصف المحكوم له به .
وبهذا قال الشافعي وقال أبو حنيفة : هو لصاحب النهر لأنه لنفعه وقال أبو يوسف و محمد هو لصاحب الأرض لأنه متصل بأرضه .
ولنا أنه حاجز بين ملكيهما فكانت يدهما عليه فيكون لهما كما لو تنازع صاحب العلو والسفل في السقف الذي بينهما أو حائط بين داريهما وما ذكروه من الترجيحين متقابل فيستويان وإن تنازع صاحب العلو والسفل في السقف الذي بينهما فهو بينهما لذلك وكل موضوع قلنا يقسم بينهما نصفين فإنما يحلف كل واحد منهما على النصف الذي يحصل له دون النصف الآخر لأن ما يحصل له لا يفيده الحلف عليه شيئا فلا يستحلف عليه كالمدعي لا يحلف ما يأخذه المدعى عليه .
فصل : وإن تنازعا عمامة طرفها في يد أحدهما وباقيها في يد الآخر أو قميصا كمه في يد أحدهما وباقيه مع الآخر فهما سواء فيها لأن يد الممسك بالطرف عليها بدليل أنه لو كان باقيها على الأرض فنازعه فيها غيره كانت له وإذا كانت في أيديهما تساويا فيها ولو كانت في دار فيها أربعة أبيات وفي أحد أبياتها ساكن وفي الثلاثة الباقية ساكن آخر فاختلفا فيها كان لكل واحد ما هو ساكن فيه لأن كل بيت ينفصل عن صاحبه ولا يشارك الخارج منه الساكن فيه في ثبوت اليد عليه ولو تنازعا الساحة التي يتطرق منه إلى البيوت فهي بينهما نصفين لاشتراكهما في ثبوت اليد عليها فأشبهت العمامة في ما ذكرنا