حكم ما لو إلينا أهل الحرب فأقر بعضهم بنسب بعض .
مسألة : قال : ولو أن رجلين حربيين جاءا من أرض الحرب فذكر كل واحد منهما أنه أخو صاحبه جعلناهما أخوين وإن كانا سبيا فادعيا ذلك بعد أن أعتقا فميراث كل واحد منهما لمعتقه إذا لم يصدقهما إلا أن تقوم بما ادعياه بينة من المسلمين فثبت النسب ويورث كل واحد منهما من أخيه .
وجملته أن أهل الحرب إذا دخلوا إلينا مسلمين أو غير مسلمين فأقر بعضهم بنسب بعض ثبت نسبهم كما يثبت نسب أهل دار الإسلام من المسلمين وأهل الذمة بإقرارهم ولأنه إقرار لا ضرر على أحد فيه فيقبل كإقرارهم بالحقوق المالية ولا نعلم في هذا خلافا وإن كانوا سبيا فأقر بعضهم بنسب بعض وقامت بذلك بينة من المسلمين ثبت أيضا سواء كان الشاهد أسيرا عندهم أو غير أسير ويسمى الواحد من هؤلاء حميلا أي محمولا كما يقال للمقتول قتيل وللمجروح جريح لأنه حمل من دار الكفر وقيل سمي حميلا لأنه حمل نسبه على غيره وإن شهد بنسبه الكفار لم تقبل وعن أحمد رواية أخرى أن شهادتهم في ذلك تقبل لتعذر شهادة المسلمين به وفي الغالب أشبه شهادة أهل الذمة على الوصية في السفر إذا لم يكن غيرهم والمذهب الأول لأننا إذا لم نقبل شهادة الفاسق فشهادة الكافر أولى وإنما لم يقبل إقرارهم لما في ذلك من ضرر على السيد بتفويت إرثه بالولاء على تقدير العتق وإن صدقهما معتقهما قبل لأن الحق له وإن لم يصدقهما ولم تقم بينة بذلك لم يرث بعضهم من بعض وميراث كل واحد منهما لمعتقه وهذا قول الشافعي فيما إذا أقر بنسب أب أو أخ أو جد أو ابن عم وإن أقر بنسب ففيه ثلاثة أوجه : أحدهما : لا يقبل والثاني يقبل لأنه يملك أن يستولد فملك الإقرار به والثالث : إن أمكن أن يستولد بعد عتقه قبل لأنه يملك الاستيلاد بعد عتقه وإلا لم يقبل لأنه لا يملك قبل عتقه أو يستولد قبل عتقه ويروى عن ابن مسعود ومسروق والحسن وابن سيرين أن إقراره يقبل فيما يقبل فيه الإقرار من الأحرار الأصليين وبه قال أبو حنيفة لأنه مكلف أقر بنسب وإرث مجهول النسب يمكن صدقه فيه ووافقه المقر له فيه فقبل كما لو أقر من له أخ بنسب ابن وبهذا الأصل يبطل ما ذكروه .
ولنا ما روى الشعبي أن عمر Bه كتب إلى شريح أن لا تورث حميلا حتى تقوم به بينة رواه سعيد وقال أيضا : حدثنا سفيان عن ابن جدعان عن سعيد بن المسيب قال : كتب عمر بن الخطاب أن لا تورث حميلا إلا ببينة ولأن إقراره يتضمن إسقاط حق معتقه من ميراثه فلم يقبل كما لو أقر أنه مولى لغيره فإن غيره شريكه في ولائه وفارق الإقرار من الحر الذي له أخ لأن الولاء نتيجة الملك فجرى مجراه ولأن الولاء ثبت عن عوض والأخوة بخلافه إلا ترى أنه لو قال لغيره أعتق عبدك عني وعلي ثمنه صح ولم يثبت له إلا الولاء ؟ وإذا ثبت أنه بعوض كان أقوى من النسب وإنما قدمنا النسب في الميراث لقربه لا لقوته كما نقدم ذوي الفروض على العصبة مع قربهم