فصل في الملاهي .
وهي على ثلاثة أضرب : ( محرم ) وهو ضرب الأوتاد والنايات والمزامير كلها والعود والطنبور والمعزفة والرباب ونحوها فمن أدام استماعها ردت شهادة لأنه يروى عن علي Bه عن النبي A أنه قال : [ إذا ظهرت في أمتي خمس عشرة خصلة حل بهم البلاء ] فذكر منها إظهار المعازف والملاهي .
وقال سعيد ثنا فرج بن فضالة عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامه قال : قال رسول الله A [ إن الله بعثني رحمة للعالمين وأمرني بمحق المعازف والمزامير لا يحل بيعهن ولا شراؤهن ولا تعليمهن ولا التجارة فيهن وثمنهن حرام ] يعني الضاربات .
وروي نافع قال : سمع ابن عمر مزمارا قال فوضع إصبعيه في أذنيه عن الطريق وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئا ؟ قلت لا قال فرفع إصبعيه من أذنيه وقال : كنت مع رسول الله A فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا رواه الخلال في جامعه من طريقين ورواه أبو داود في سننه وقال : حديث منكر .
وقد احتج قوم بهذا الخبر على إباحة المزمار وقالوا : لو كان حراما لمنع النبي ابن عمر من سماعه ومنع عمر نافعا من استماعه ولأنكر على الزامر بها قلنا : أما الأول فلا يصح لأن المحرم استماعه دون سماعها والاستماع غير السماع ولهذا فرق الفقهاء في سجود التلاوة بين السامع والمستمع ولم يوجبوا على من سمع شيئا محرما سد أذنيه وقال الله تعالى : { وإذا سمعوا اللغو أعرضوا عنه } ولم يقل سدوا آذانهم والمستمع هو الذي يقصد السماع ولم يوجد هذا من ابن عمر وإنما وجد منه السماع ولأن النبي في حاجة إلى معرفة انقطاع الصوت عنه لأنه عدل عن الطريق وسد أذنيه فلم يكن ليرجع إلى الطريق ولا يرفع عن أذنيه حتى ينقطع الصوت عنه فأبيح للحاجة .
وأما الإنكار فلعله كان في أول الهجرة حين لم يكن واجبا أو قبل إمكان الإنكار لكثرة الكفار وقلة أهل الإسلام فإن قيل : فهذا الخبر ضعيف فإن أبا داود رواه وقال : وهو حديث منكر قلنا : قد رواه الخلال بإسناد من طريقين فلعل أبا داود ضعفه لأنه لم يقع له إلا من إحدى الطريقين .
وضرب مباح وهو الدف فإن النبي A قال [ أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدف ] أخرجه مسلم وذكر أصحابنا وأصحاب الشافعي أنه مكروه في غير النكاح لأنه يروي عن عمر أنه كان إذا سمع الدف بعث فنظر فإن كان في وليمة سكت وإن كان في غيرها عمد بالدرة .
ولنا ما روي عن النبي A [ أن امرأة جاءته فقالت : إني نذرت إن رجعت من سفرك سالما أن أضرب على رأسك بالدف فقال النبي A أوفي بنذرك ] رواه أبو داود ولو كان مكروها لم يأمرها به وإن كان منذورا .
وروت الربيع بنت معوذ قالت [ دخل علي رسول الله سلى الله عليه وسلم صبيحة بنى بي فجعلت جويريات يضربن بدف لهن ويندبن من قتل من آبائي يوم بدر إلى أن قالت إحداهن : وفينا نبي يعلم ما في غد فقال : دعي هذا وقولي الذي كنت تقولين ] متفق عليه .
وأما الضرب به للرجال فمكروه وعلى كل حال لأنه إنما كان يضرب به النساء والمخنثون المتشبهون بهن ففي ضرب الرجال تشبه بالنساء وقد لعن النبي A المتشبهين من الرجال بالنساء .
فأما الضرب بالقضيب فمكروه إذا انضم إليه محرم أو مكروه كالتصفيق والغناء والرقص وإن خلا عن ذلك كله لم يكره لأنه ليس بآلة ولا يطرب ولا يسمع منفردا بخلاف الملاهي ومذهب الشافعي في هذا الفصل كما قلنا