فصول : التقليد في معرفة القبلة .
مسألة : قال : ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه .
يعني إذا اختلف مجتهدان في القبلة ومعهما أعمى قلد أوثقهما في نفسه وهو أعلمهما عنده وأصدقهما قولا وأشدهما تحريا لأن الصواب إليه أقرب وكذلك الحكم في البصير الذي لا يعلم الأدلة ولا يقدر على تعلمها قبل خروج الوقت فرضه أيضا التقليد ويقلد أوثقهما في نفسه فإن قلد المفضول فظاهر قول الخرقي أنه لا تصح صلاته لأنه ترك ما يغلب على ظنه أن الصواب فيه فلم يسغ له ذلك كالمجتهد إذا ترك جهة اجتهاده والأولى صحتها وهو مذهب الشافعي لأنه أخذ بدليل له الأخذ به لو انفرد فكذلك إذا كان معه غيره كما لو استويا ولا عبرة بظنه فإنه لو غلب على ظنه أن المفضول مصيب لم يمنع ذلك من تقليد الأفضل فأما أن استويا عنده فله تقليد من شاء منهما كالعامي مع العلماء في بقية الأحكام .
فصل : والمقلد من لا يمكنه الصلاة باجتهاد نفسه إما لعدم بصره وإما لعدم بصيرته وهو العامي الذي لا يمكنه التعلم والصلاة باجتهاده قبل خروج وقت الصلاة فأما من يمكنه فإنه يلزمه التعلم فإن صلى قبل ذلك لم تصح صلاته لأنه قدر على الصلاة باجتهاده فلم يصح بالتقليد كالمجتهد ولا يلزم على هذا العامي حيث لا يلزمه تعلم الفقه لوجهين أحدهما أن الفقه ليس بشرط في صحة الصلاة والثاني أن مدته تطول فهو كالذي لا يقدر على تعلم الأدلة في مسألتنا وأن أخر هذه التعلم والصلاة إلى حال يضيق وقتها عن التعلم والاجتهاد أو عن أحدهما صحت صلاته بالتقليد كالذي يقدر على تعلم الفاتحة فيضيق الوقت عن تعلمها .
فصل : فإن كان المجتهد به رمد أو عارض يمنعه رؤية الأدلة فهو كالأعمى في جواز التقليد لأنه عاجز عن الاجتهاد وكذلك لو كان محبوسا في مكان لا يرى فيه الأدلة ولا يجد مخبرا إلا مجتهدا آخر في مكان يرى العلامات فيه فله تقليده لأنه كالأعمى