لا يقبل فيما سوى الأموال أقل من رجلين .
مسألة : قال : ولا يقبل فيما سوى الأموال مما يطلع عليه الرجال أقل من رجلين .
وهذا القسم نوعان : أحدهما : العقوبات وهي الحدود والقصاص فلا يقبل فيه إلا شهادة رجلين إلا ما روي عن عطاء و حماد أنهما قالا : يقبل فيه رجل وامرأتان قياسا على الشهادة في الأموال .
ولنا أن هذا مما يحتاط لدرئه وإسقاطه ولهذا يندرئ بالشبهات ولا تدعو الحاجة إلى إثباته وفي شهادة النساء شبهة بدليل قوله تعالى { أن تضل إحداهما فتذكر إحداهما الأخرى } وأنه لا تقبل شهادتهن وإن كثرن ما لم يكن معهن رجل فوجب أن تقبل شهادتهن فيه ولا يصح قياس هذا على الأموال لما ذكرنا من الفرق وبهذا الذي ذكرنا قال سعيد بن المسيب و الشعبي و النخعي و حماد و الزهري و ربيعة و مالك و الشافعي و أبو عبيد و أبو الثور وأصحاب الرأي واتفق هؤلاء وغيرهم على أنها تثبت بشهادة رجلين ما خلا الزنا إلا الحسن فإنه قال : الشهادة على القتل كالشهادة على الزنا لأنه يتعلق به إتلاف النفس فأشبه الزنا .
ولنا أنه أحد نوعي القصاص فأشبه القصاص في الطرف وما ذكره من الوصف لا أثر له فإن الزنا الموجب للحد لا يثبت إلا بأربعة ولأن حد الزنا حق لله تعالى يقبل الرجوع عن الإقرار به ويعتبر في شهداء هذا النوع من الحرية والذكورية والإسلام والعدالة ما يعتبر في شهداء الزنا على ما سنذكره الثاني : ما ليس بعقوبة كالنكاح والرجعة والطلاق والعتاق والإيلاء والنسب والتوكيل والوصية إليه والولاء والكتابة وأشباه هذا فقال القاضي : المعول عليه في المذهب أن هذا لا يثبت إلا بشاهدين ذكرين ولا تقبل فيه شهادة النساء بحال وقد نص أحمد في رواية الجماعة على أنه لا تجوز شهادة النساء في النكاح والطلاق وقد نقل عن أحمد في الوكالة إن كانت بمطالبة دين يعني تقبل فيه شهادة رجل وامرأتين فأما غير ذلك فلا ووجه ذلك أن الوكالة في اقتضاء الدين يقصد منها المال فيقبل فيها شهادة رجل وامرأتين كالحوالة قال القاضي : فيخرج من هذا أن النكاح وحقوقه من الرجعة وشبهها لا تقبل فيها شهادة النساء رواية واحدة وما عداه يخرج على روايتين وقال أبو الخطاب : يخرج في النكاح والعتاق أيضا روايتان : إحداهما : لا تقبل فيه إلا شهادة رجلين وهو قول النخعي و الزهري و مالك وأهل المدينة و الشافعي وهو قول سعيد بن المسيب والحسن وربيعه في الطلاق والثانية : تقبل فيه شهادة رجلين وامرأتين روى ذلك عن جابر بن زيد و إياس ابن معاوية و الشعبي و الثوري و إسحاق وأصحاب الرأي وروي ذلك في النكاح عن عطاء واحتجوا بأنه لا يسقط بالشبهة فيثبت برجل وامرأتين كالمال .
ولنا أنه ليس بمال ولا المقصود منه المال ويطلع عليه الرجال فلم يكن للنساء في شهادته مدخل كالحدود والقصاص وما ذكروه لا يصح فإن الشبهة لا مدخل لها في النكاح وإن تصور بأن تكون مرتابة بالحمل لم يصح النكاح