فصل : معرفة القبلة بدلالة الرياح .
فصل : والرياح كثيرة يستدل منها بأربع تهب من زوايا السماء الجنوب تهب من الزاوية التي بين القبلة والمشرق مستقبلة بطن كتف المصلي الأيسر مما يلي وجهه إلى يمينه والشمال مقابلتها تهب من الزاوية التي بين المغرب والشمال مارة إلى مهب الجنوب والدبور تهب من الزاوية التي بين المغرب واليمن مستقبلة شطر وجه المصلي الأيمن مارة إلى الزاوية المقابلة لها ولاصبا مقابلتها تهب من ظهر المصلي وربما هبت الرياح بين الحيطان والجبال فتدور فلا اعتبار بها وبين كل ريحين تسمى النكباء لتنكبها طريق الرياح المعروفة وتعرف الرياح بصفاتها وخصائصها فهذا أصح ما يستدل به على القبلة وذكر أصحابنا الاستدلال بالمياه وقالوا الأنهار الكبار تجري عن يمنة المصلي إلى يسرته على انحراف قليل وذلك مثل دجلة والفرات والنهروان ولا اعتبار بالأنهار المحدثة لأنها تحدث بحسب الحاجات إلى الجهات المختلفة ولا بالسواقي والأنهار الصغار لأنها لا ضابط لها ولا بنهرين يجريان من يسرة المصلي إلى يمينه أحدهما العاصي بالشام والثاني سيحون بالمشرق وهذا الذي ذكروه لا ينضبط بضابظ فإن كثيرا من أنهار الشام تجري على غير السمت الذي ذكروه فالأردن يجري نحو القبلة وكثير منها يجري نحو البحر حيث كان منها حتى يصب فيه وأن اختصت الدلالة بما ذكروه فليس شيء منها في الشام سوى العاصي والفرات حد الشام من ناحية المشرق فمن علم هذه الأدلة فهو مجتهد وقد يستدل أهل كل بدلة بأدلة تختص ببلدتهم من جبالها وأنهارها وغير ذلك مثل من يعلم أن جبلا بعينه يكون في قبلتهم أو على أيمانهم وغير ذلك من الجهات وكذلك أن علم مجرى نهر بعينه فمن كان من أهل الاجتهاد إذا خفيت عليه القبلة في السفر ولم يجد مخبرا ففرضه الصلاة إلى جهة يؤديه اجتهاده إليها فإن خفيت عليه الأدلة لغيم أو ظلمة تحرى فصلى والصلاة صحيحة لما نذكره من الأحاديث ولأنه بذل وسعه في معرفة الحق مع علمه بأدلته فاشبه الحاكم والعالم إذا خفيت عليه النصوص