فصل ضروب الناس في القضاء .
فصل : والناس في القضاء على ثلاثة أضرب منهم : من لا يجوز له الدخول فيه وهو من لا يحسنه ولم تجتمع فيه شروطه فقد روي عن النبي A أنه قال : [ القضاء ثلاثة ] ذكرمنهم رجلا قضى بين الناس بجهل فهو في النار ولأن من لا يحسنه لا يقدر على العدل فيه فيأخذ الحق من مستحقه فيدفعه إلى غيره ومنهم : من يجوز له ولا يجب عليه وهو من كان من أهل العدالة والإجتهاد ويوجد غيره مثله فله أن يلي القضاء بحكم حالة وصلاحيته ولا يجب عليه لأنه لم يتعين له وظاهر ككلام أحمد أنه لا يستحب له الدخول فيه لما فيه من الخطر والغرر وفي تركه من السلامة ولما ورد فيه من التشديد والذم ولأن طريقة السلف الامتناع منه والتوقي وقد أراد عثمان Bه تولية ابن عمر القضاء فأباه وقال أبو عبد الله بن حامد إن كان رجلا خاملا لا يرجع إليه في الأحكام ولا يعرف فالأولى له توليه ليرجع إليه في الأحكام ويقوم به الحق وينتفع به المسلمون وإن كان مشهورا في الناس بالعلم يرجع إليه في تعليم العلم والفتوى فالأولى الاشتغال بذلك لما فيه من النفع مع الأمن من الغرر ونحو هذا قال أصحاب الشافعي وقالوا أيضا إذا كان ذا حاجة له في القضاء رزق فالأولى له الاشتغال به فيكون أولى من سائر المكاسب لأنه قربة وطاعة وعلى كل حال فإنه يكره للإنسان طلبه والسعي في تحصيله لأن أنسا روى عن النبي A أنه قال : [ من ابتغى القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه ومن أكره عليه أنزل الله عليه ملكا يسدده ] قال الترمذي هذا حديث حسن غريب [ وقال النبي A لعبد الرحمن بن سمرة : يا عبد الرحمن لا تسأل الامارة فإنك أن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها ] متفق عليه .
الثالث : من يجب عليه وهو من يصلح للقضاء ولا يوجد سواه فهذا يتعين عليه لأنه فرض كفاية لا يقدر على القيام به غيره فيتعين عليه كغسل الميت وتكفينه .
وقد نقل عن أحمد ما يدل على أنه لا يتعين عليه فإنه سئل هل يأثم القاضي إذا لم يوجد غيره ؟ قال لا يأثم فهذا يحتمل أنه يحمل على ظاهره في أنه لا يجب عليه لما فيه من الخطر بنفسه فلا يلزمه الإضرار بنفسه لنفع غيره ولذلك امتنع أبو قلابة منه وقد قيل له ليس غيرك ويحتمل أن يحمل على من لم يمكنه القيام بالواجب لظلم السلطان أو غيره فإن قال أحمد قال لا بد للناس من حاكم أتذهب حقوق الناس ؟