فصل في المستحيل والحلف عليه .
فصل : والمستحيل نوعان أحدهما : مستحيل عادة كصعود السماء والطيران وقطع المسافة البعيدة في مدة قليلة فإذا حلف على فعله انعقدت يمينه ذكره القاضي وأبو الخطاب لأنه يتصور وجوده فإذا حلف عليه انعقدت يمينه ولزمته الكفارة في الحال لأنه مأيوس من البر فيها فوجبت الكفارة كما لو حلف ليطلقن امرأته فماتت .
والثاني : المستحيل عقلا كرد أمس وشرب الماء في الكوز ولا ماء فيه فقال أبو الخطاب لا تنعقد يمينه ولا تجب بها كفارة وهو مذهب مالك لأنها يمين قارنها ما يحلها فلم تنعقد كيمين الغموس أو يمين على غير متصور فأشبهت يمين الغموس وهذا لأن اليمين إنما تنعقد على متصور أو متوهم التصور وليس ههنا واحد منهما .
وقال القاضي تنعقد موجبة للكفارة في الحال وهذا قول أبي يوسف و الشافعي لأنه حلف على نفسه في المستقبل ولم يفعل كما لو حلف ليطلقن امرأته فماتت قبل طلاقها وبالقياس على المستحيل عادة ولا فرق بين أن يعلم استحالته أو لا يعلم مثل أن يحلف ليشربن الماء في الكوز ولا ماء فيه فالحكم واحد فيمن علم أنه لا ماء فيه ومن لا يعلم وإن حلف ليقتلن فلانا وهو ميت فهو كالمستحيل عادة لأنه يتصور أن يحييه الله فيقتله وتنعقد يمينه على قول أصحابنا وإن حلف لأقتلن الميت يعني في حال موته فهو مستحيل عقلا فيكون فيه من الخلاف ما قد ذكرناه