فصول حكم ما لا يعيش إلا في الماء وحكم الضفدع وكلب البحر وغيرهما .
فصل : فأما ما لا يعيش إلا في الماء كالسمك وشبهه فإنه يباح بغير ذكاة لا نعلم في هذا خلافا لما ذكرنا من الأخبار وقد روي عن النبي A أنه قال : [ أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالسمك والجراد ] [ وقد صح أن أبا عبيدة وأصحابه وجدوا على ساحل البحر دابة يقال لها العنبر ميتة فأكلوا منها شهرا حتى سمنوا وادهنوا فلما قدموا على النبي A أخبروه فقال : هو رزق أخرجه الله لكم فهل معكم من لحمه شيء تطعمونا ؟ ] متفق عليه .
فصل : وكل صيد البحر مباح إلا الضفدع وهذا قول الشافعي وقال الشعبي لو أكل أهل الضفادع لاطعمتهم وروي عن أبي بكر الصديق Bه أنه قال في كل ما في البحر قد ذكاه الله لكم وعموم قوله تعالى : { أحل لكم صيد البحر وطعامه } يدل على إباحة جميع صيده وروى عطاء و عمرو بن دينار أنهما بلغهما عن النبي A أنه قال : [ إن الله ذبح كل شيء فيي البحر لابن آدم ] [ فأما الضفدع فإن النبي A نهى عن قتله ] رواه النسائي فيدل ذلك على تحريمه فأما التمساح فقد نقل عنه ما يدل على أنه لا يؤكل وقال الأوزاعي لا بأس به لمن اشتهاه وقال ابن حامد لا يؤكل التمساح ولا الكوسج لأنهما يأكلان الناس وقد روي عن إبراهيم النخعي وغيره أنه قال كانوا يكرهون سباع البحر كما يكرهون سباع البر وذلك لنهي النبي A عن كل ذي ناب من السباع وقال أبو علي النجاد ما حرم نظيره في البر فهو حرام في البحر ككلب الماء وخنزيره وإنسانه وهو قول الليث إلا في كلب الماء فإنه يرى إباحة كلب البر والبحر وقال أبو حنيفة لا يباح إلا السمك وقال مالك كل ما في البحر مباح لعموم قوله تعالى : { أحل لكم صيد البحر وطعامه } .
فصل : وكلب الماء مباح وركب الحسن بن علي Bه سرجا عليه جلد من جلود كلاب الماء وهذا قول مالك و الشافعي و الليث و يقتضيه قول الشعبي و الأوزاعي ولا يباح عند أبي حنيفة وهو قول أبي علي النجاد وبعض أصحاب الشافعي .
ولناعموم الآية والخبر قال عبد الله سألت أبي عن كلب الماء فقال حدثنا يحيى بن سعييد عن ابن جريج عن عمرو بن دينار وأبي الزبير شريحا رجل أدرك النبي A يقول : [ كل شيء في البحر فهو مذبوح ] قال فذكرت ذلك لـ عطاء فقال أما الطير فنذبحه وقال أبو عبد الله كلب الماء نذبحه .
فصل : قيل لأبي عبد الله يكره الجري ؟ قال لا والله وكيف لنا بالجري ؟ ورخص فيه علي و الحسن و مالك و الشافعي و أبو ثور وأصحاب الرأي وسائر أهل العلم وقال ابن عباس الجري لا تأكله اليهود ووافقتهم الرافضة ومخالفتهم صواب .
فصل : وعن أحمد في السمكة توجد في بطن سمكة أخرى أو حوصلة طائر أو يوجد في حوصلته جراد فقال في موضع : كل شيء أكل مرة لا يؤكل وقال في موضع : الطافي أشد من هذا وقد رخص فيه أبو بكر Bه وهذا هو الصحيح وهو مذهب الشافعي فيما في بطن السمكة دون ما في حوصلة الطائر لأنه كالرجيع ورجيع الطائر عنده نجس .
ولنا قول النبي A : [ أحلت لنا ميتتان ودمان ] ولأنه حيوان طاهر في محل طاهر لا تعتبر له ذكاة فأبيح كالطافي من السمك وهكذا يخرج في الشعير يوجد في بعر الجمل أو خث الجواميس ونحوها